أعلنت السلطات السورية تعيين محافظ جديد لدرعا، مركز الاحتجاجات التي تشهدها سوريا، مؤكدة في الوقت نفسه سعيها إلى إلغاء قانون الطوارئ قريباً، تزامناً مع إطلاق دعوات جديدة للتظاهر. وعيّن محمد خالد الهنوس محافظاً لدرعا، خلفاً لفيصل كلثوم، الذي أقيل من منصبه في 23 آذار الماضي لاحتواء أزمة الاحتجاجات التي انطلقت في 15 آذار الماضي.
ورداً على هذا التعيين، قال ناشط حقوقي من درعا إن «تعيين محافظ لدرعا لا يندرج ضمن مطالب أهلها». وأكد أن مطالب أهل درعا تكمن في «الحد من قدرة الفروع الأمنية على وضع يدها على رقاب الناس، وإلغاء العمل بقانون الطوارئ، ومنع التعدي على حق الملكية، والإفراج عن المعتقلين، وتعديل القوانين بما يضمن الحريات العامة».
وكانت تسع منظمات تعنى بحقوق الإنسان في سوريا قد اتهمت السلطات الأمنية بضرب معتقلين بالعصيّ خلال اقتيادهم إلى مركز التحقيق في مدينة درعا. وقالت إنه «ضمن حملة الاعتقالات التي شنتها أجهزة الأمن السياسي في درعا واستهدفت عدداً من شباب وكوادر المدينة، رصدت المنظمات نحو 40 منهم، حيث ضرب المعتقلون بالعصيّ حتى اقتيادهم بالسيارات وأثناء نزولهم إلى قبو التحقيق».
وأشار البيان إلى أن «استهداف المهندس معن العودات، الذي اعتقل وأودع مع معتقلين آخرين في فرع الأمن السياسي في درعا، حيث تعرض لتعذيب وحشي وغير إنساني، جعل صحته في غاية الخطر». وذكر أن «العودات هو شقيق الناشط الحقوقي هيثم مناع الذي يعيش في باريس».
من جهة أخرى، قالت السلطات السورية، بحسب صحيفة «الوطن» المقربة من السلطة، إن «اللجنة المكلفة دراسة رفع قانون الطوارئ ستنتهي من وضع التشريعات اللازمة، تمهيداً لرفع قانون الطوارئ قبل يوم الجمعة المقبل». وأكدت مصادر للصحيفة أن «اللجنة اعتمدت في التشريعات الجديدة على تجربة وتشريعات الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا في قوانين الحفاظ على أمن المواطن والوطن».
من جهتها، رأت صحيفة «تشرين» الحكومية أن «عملية الإصلاح السياسي تأخرت، لكنها لم تكن غائبة أبداً عن أجندة الإصلاح العام ومفردات المشروع الوطني النهضوي».
ووسط الخطوات السياسية هذه، دعت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» إلى التظاهر اليوم «في جميع أنحاء سوريا، لما له أهمية لدى الإعلام والرأي العام العالمي لتبيان استمراريتنا وإصرارنا على موقفنا». كذلك دعت إلى «مقاطعة شركات الخلوي غداً الأربعاء في جميع أنحاء سوريا الحرة».
وفي السياق، قرر الاتحاد السوري لكرة القدم تأجيل النشاط الكروي حتى إشعار آخر، «لارتباط المنتخبات الوطنية بنشاطات خارجية، ومشاركة بعض الأندية ببطولة كأس الاتحاد الآسيوي، وصعوبة تنفيذ البطولات المحلية مع هذه المشاركات». وأشار إلى أن اتحاد الكرة «سيصدر التعليمات الخاصة ببدء النشاط لجميع الدرجات والفئات في وقت مناسب، لإعادة الاستقرار لهذه النشاطات».
وبعيداً عن الشارع، شهد سجن اللاذقية المركزي حريقاً أودى بحياة ثمانية مساجين. وقالت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» إن «أحد المساجين أضرم النار في جناح المسجونين بجرائم جنائية ومخدرات في سجن اللاذقية المركزي، ما أدى إلى وفاة ثمانية مساجين وإصابة عنصرين من الشرطة». وأشارت إلى أن الوفاة كانت «نتيجة الاختناق والحروق الشديدة».
وقال قائد شرطة اللاذقية كمال فتيح إنه «في الخامسة من صباح أمس، أضرم أحد السجناء النار في فرش الإسفنج والأغطية المخصصة للنوم في أحد أجنحة السجن، ما أدى إلى امتداد النار وألسنة اللهب وانتشار الدخان الكثيف داخل الجناح». وأضاف إن «عناصر الشرطة والإطفاء تدخلوا على الفور لإخماد الحريق وإجلاء السجناء»، موضحاً أنه «نقل 25 سجيناً إلى المستشفى الوطني لإسعافهم، حيث فارق ثمانية منهم الحياة نتيجة الاختناق والحروق الشديدة».
أما واشنطن، فبدت في عجلة من أمرها لإجلاء رعاياها من سوريا، إذ أعلنت وزارة الخارجية أن واشنطن تعرض رحلات جوية مجانية على أفراد عائلات موظفي الحكومة لنقلهم من سوريا، فيما حذرت رعاياها من احتمال حدوث اضطراب سياسي ومدني على الأراضي السورية ودعتهم إلى إرجاء السفر إلى هناك إن لم يكن لسبب ضروري.
ونصحت الوزارة جميع المواطنين الأميركيين في سوريا بعدم التوجه إلى مدينة اللاذقية الساحلية أو مدينة درعا والقرى والبلدات المجاورة، مشيرة إلى أن قوات الأمن السورية قمعت التظاهرات في هذه المناطق بعنف، و«ثمة تقارير عن إعاقة الاتصالات واستمرار الاضطرابات وإطلاق الرصاص الحي في أحياء عدة في المنطقة». ولفتت إلى أنه خلافاً لبنود اتفاقية جنيف بشأن العلاقات القنصلية، والتي وقّعت عليها سوريا، فإن السلطات السورية لا تبلغ السفارة الأميركية بشأن اعتقال مواطن أميركي إلا بعد مرور أيام أو أسابيع على ذلك.
(أ ف ب، يو بي آي)