اتخذت السلطات التونسية، أمس، سلسلة من القرارت الجديدة بعد التفجير الانتحاري الذي وقع قبل ثلاثة أيام. وبعد إعلانها حالة الطوارئ عقب الحادث مباشرة، أغلقت الحدود البريّة مع ليبيا تخوّفاً من انتحاري آخر، بحسب ما أعلن مجلس الأمن الأعلى، في وقت سجّلت فيه وزارة الداخلية إنجازاً جديداً بتحديد هوية المنفّذ.
وبالتوازي مع تبنّي تنظيم «داعش» العملية الانتحارية في العاصمة التونسية، توصّلت تحقيقات وزارة الداخلية إلى هوية الانتحاري، معلنة في بيانٍ لها أن المنفذ هو حسام بن الهادي بن ميلاد عبدلي، 27 عاماً، ويعمل بائعاً متجوّلاً.
وأضافت الوزارة أن «الجثة رقم 13، التي عثر عليها في مسرح الانفجار، تعود إلى الانتحاري»، لافتةً إلى أن الأخير من سكّان إحدى قرى ولاية منوبة، شمالي البلاد. وفور اشتباهها في هوية المنفذ، دهمت الشرطة العلمية والفنية منزله، حيث تم التحقيق مع والدته، وأُخذت بصمات جينية لها، لمطابقتها مع الجثة.
عمليات حجب مواقع الإنترنت التي لها صلة بالارهاب ستتكثّف

في غضون ذلك، كشف تنظيم «داعش»، في بيانٍ له، عن أن منفذ العملية يدعى «أبو عبدالله التونسي»، متوعّداً تونس ومؤكداً أنها «لن تعيش في أمان».
وفجّر عبدلي نفسه في حافلة للأمن الرئاسي بحزام ناسف، وأدى إلى مقتل 12 شخصاً وعدد من الجرحى، الثلاثاء الماضي. وبالتزامن مع فرض «حظر تجول» في العاصمة تونس، والأقاليم المحيطة بها، أعلنت وزارة الداخلية أن «وحداتها واصلت عمليات المداهمة ضد المشتبه بهم». وأشارت إلى «تنفيذ 500 مداهمة في كافة أنحاء البلاد، وإلقاء القبض على 30 شخصاً يشتبه في انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية».
بدوره، تعهد وزير الداخلية ناجم الغرسلي بمواصلة «عملية البحث عن الضالعين في العملية عبر جملة من المداهمات الكبيرة والملاحقات لكل الأطراف المشتبه بها».
وجاء «حظر التجول» ضمن «حزمة» إجراءات اتخذتها السلطات التونسية بعد الحادث، لتصل الإجراءات أمس إلى «إغلاق الحدود مع ليبيا لمدة 15 يوماً ابتداءً من مساء الأربعاء». وجاء الإعلان من قبل مكتب الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، في وقتٍ تشتبه فيه السلطات بأن «الانتحاري قدم من ليبيا أو أن الحزام الناسف تم جلبه من هناك».
وأشار الإعلان، الذي أعقب اجتماع مجلس الأمن الأعلى برئاسة السبسي، إلى «اتخاذ إجراءات عاجلة في حق المقاتلين العائدين من بؤر التوتر في سوريا وليبيا والعراق». كذلك قرر المجلس «توظيف ستة آلاف عنصر جديد بوزارتيْ الداخلية والدفاع في 2016»، وذلك ضمن «برنامجٍ خاص بالمناطق المحرومة»، والتي تشهد نموّاً لظاهرة الإرهاب، وسيطلق الأسبوع المقبل بهدف استقطاب الشباب. وأضاف الإعلان أن عمليات حجب مواقع الإنترنت «التي لها صلة بالارهاب، ستتكثّف، وسيتفعّل قانون (مكافحة) الإرهاب في أسرع وقت ممكن».
وترتبط تونس وليبيا بحدود برية مشتركة تمتد على نحو 500 كلم، وينتشر على طولها تهريب الأسلحة والبضائع. وأدى القرار إلى توقف الحركة بشكلٍ شبه نهائي في معبر «راس جدير»، الحدودي بين البلدين. وسيقتصر العمل خلال فترة الإغلاق على تأمين عودة التونسيين والليبيين إلى بلديهم، مع تشديد المراقبة وإجراءات العبور، وخصوصاً على التونسيين العائدين من ليبيا.
‬على المقلب الآخر، كثّفت الأحزاب السياسية التونسية والمنظمات غير الحكومية دعواتها من أجل «وضع استراتيحية فعلية وشاملة لمكافحة الإرهاب»، في حين وصف البعض «الإجراءات الأمنية التي أعلنتها السلطات بأنها سطحية». كذلك دعت هذه القوى إلى «الوحدة الوطنية» و«الاصطفاف وراء قوات الأمن والجيش في حربها ضد الإرهاب».
إلى ذلك، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية أنها «ستعمل على مرافقة السلطات التونسية في التحقيقات الخاصة بهذه العملية خلال الأيام المقبلة»، مؤكدةً «دعمها لتونس في المجالات الأمنية والاقتصادية والحكومية لأجل المضي قدماً في الإصلاحات التي تحققت منذ عام 2011».
(الأخبار)