أمر الرئيس السوري بشار الأسد أمس بتأليف لجنتين: الأولى قانونية لدراسة مسألة رفع حالة الطوارئ المفروضة على البلاد منذ نحو نصف قرن، والثانية قضائية للبدء بتحقيق فوري في جميع القضايا التي أودت بحياة عدد من المواطنين المدنيين والعسكريين في محافظتَي درعا واللاذقية. وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، أن اللجنة القضائية ستمارس عملها وفقاً لأحكام القوانين النافذة، و«لها أن تستعين بمن تراه مناسباً لإنجاز المهمة الموكولة إليها، وطلب أي معلومات أو وثائق لدى أي جهة كانت».
أما اللجنة الأولى، فتعد مشروعاً لمكافحة الإرهاب ليحل محل قانون الطوارئ. وذكرت «سانا» أن «اللجنة تضم عدداً من القانونيين الرفيعي المستوى لدراسة وإنجاز تشريع يضمن المحافظة على أمن الوطن وكرامة المواطن ومكافحة الإرهاب، تمهيداً لرفع حالة الطوارئ، على أن تنهي اللجنة دراستها قبل 25 نيسان 2011». كذلك أوصى الأسد بحل مشكلة إحصاء عام 1962، الذي يخص الأكراد في محافظة الحسكة شرق البلاد، على أن تنهي اللجنة دراستها قبل 15 نيسان المقبل.
وفي السياق، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي، أسامة النجيفي، أن الأسد أكد له بدء دمشق بتنفيذ حزمة إصلاحات، وأن الأمور في سوريا عادت إلى طبيعتها.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني دايفد كاميرون في لندن، أن «الأسد لديه مزايا عديدة ومهمة، وطلبت منه أن يبدأ بالإصلاح في اتصالين، كما أرسلتُ له مبعوثاً خاصاً لبحث هذه الأمور». وأضاف «لا يمكنني أن أقوّم إلى أي مدى كان تصريح أمس (الأربعاء) مقنعاً للشعب السوري، فالشعب وحده يقوّم هذا الأمر، لكن يجب مواجهة مطالب الشعب بالإصلاح لا بالقمع».
بدوره، دعا كاميرون الأسد إلى «الشروع بالإصلاحات»، معتبراً أنّ «على جميع الرؤساء أن يلبّوا طموحات شعوبهم».
وفي واشنطن، دعا السيناتوران جون ماكاين وجو ليبرمان إلى اعتماد استراتيجية جديدة تجاه سوريا لتلبية المطالب والتطلعات المشروعة للشعب السوري.
واعتبرا أنه «بدلاً من تلبية المطالب المشروعة، رد النظام السوري بالقمع، ومئات المحتجين سجنوا من دون وجه حق، وأكثر من 60 قتلوا»، كما رأيا أن خطاب الأسد يضع حداً لما يقال عن أنه
«إصلاحي».
في هذا الوقت، دعا ناشطون على موقع «فايسبوك» إلى تظاهرات في سوريا اليوم، أطلقوا عليها اسم «جمعة الشهداء» للمطالبة بإصلاحات سياسية واجتماعية، رداً على الخطاب الذي ألقاه الأسد، والذي رأى معارضون أنه كان دون المستوى المطلوب.
تزامنت هذه الدعوة مع إطلاق سبعة من معتقلي الرأي السوريين البارزين، وهم أنور البني وكمال اللبواني وعلي العبدالله ومشعل التمو ومحمود باريش وخلف الجربوع وإسماعيل عبدي، نداء من أجل «التغيير الديموقراطي» في سوريا، من سجن عدرا قرب دمشق، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المعتقلون في رسالة وزعها المرصد: «حانت ساعة الحقيقة وغدا التغيير الشامل خياراً وحيداً»، مشددين على أن «النظام الذي حكم سوريا منذ عام 1963 باسم ثورة قومية اشتراكية قد أوصلها إلى الهاوية». وتابعت الرسالة: «هذا نداء إلى كل المواطنين السوريين للمساهمة في معركة التغيير الديموقراطي والانتقال بسوريا نحو الخلاص من القهر والظلم والتمييز».
وفي السياق، اتهمت «المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا» و«مركز دمشق للحقوق المدنية»، قوات الأمن السورية بممارسة «أقسى وأبشع صور الاعتداء والتجاوز من خلال القتل العمد للمدنيين العزل الذين تجاوز عددهم 109». وتحدثتا عن «اعتقالات تعسفية وخطف جثث وجرحى وإرهاب المدنيين، تصل إلى حد الجرائم ذات الصبغة الدولية، والتي جرمتها الاتفاقيات الدولية كجرائم ضد الإنسانية». وطالبتا «بتأليف لجنة وطنية محايدة من أصحاب الاختصاص لمحاسبة وتجريم من ارتكب هذه الجريمة بحق المتظاهرين في درعا وباقي سوريا».
من جهتها، أعلنت اللجنة السورية لحقوق الإنسان سقوط عدد من القتلى والجرحى في اللاذقية، موضحة أن «قوات أمن النظام ارتكبت مجزرة في اللاذقية، أدت إلى مقتل 25 مدنياً». ورأت أن «ما يجري هو بمثابة عملية إبادة»، داعية «المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف حمام الدم والمجازر التي ترتكبها قوات الأمن والميليشيات الموالية للنظام».
(يو بي آي، أ ف ب، الأخبار)