تصدّرت الأحداث السورية عناوين الصحف الإسرائيلية، فكتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في صفحتها الأولى أن الرئيس بشار «الأسد يفقد السيطرة»، بينما كان العنوان في صحيفة «إسرائيل اليوم» أن «الاحتجاجات وصلت إلى دمشق». أما العنوان الرئيسي في صحيفة «معاريف» فجاء فيه أن «الدومينو يضرب النظام السوري بقوة، والأسد في خطر»، فيما قالت صحيفة «هآرتس» إن «حاجز الخوف انكسر».
وكتب أستاذ تاريخ الشرق الأوسط المتخصص في الشؤون السورية في جامعة تل أبيب، السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، البروفسور إيتمار رابينوفيتش، في «يديعوت أحرونوت»، تحت عنوان «الشرخ السوري»، أن نظام الرئيس بشار الأسد يتصدى الآن للأزمة الأشد التي يواجهها منذ توليه السلطة في حزيران 2000، معتبراً أن «زعامة الأسد ستختبر في قدرته على بلورة سياسة ناجعة وفرضها على النظام».
وتطرق رابينوفيتش إلى التداعيات المحتملة لتغيير النظام في سوريا، فرأى أنه ستكون لذلك «آثار بعيدة المدى على الشرق الأوسط وعلى أمن إسرائيل»، وهذه الآثار، كما يظهر من تحليل رابينوفيتش، ستأخذ منحى إيجابياً على أمن إسرائيل، ذلك أنه ستُشكل «ضربة شديدة لإيران». ويعلل رابينوفيتش استنتاجه هذا بقراءته التي تفيد بأنه «حتى الآن كانت إيران بين المستفيدين من التطورات في المنطقة. سقوط (الرئيس المصري حسني) مبارك، الأحداث في البحرين والضغط الذي تعيشه السعودية عملت كلها على تعزيز محور المقاومة، بل صرفت الانتباه الدولي عن برنامجها النووي. أما سوريا فهي الحجر الرئيسي في المحور المؤيد لإيران»، وعليه، فإن «ضعف نظام الأسد، فضلاً عن سقوطه، هو ضربة شديدة لإيران، لحزب الله ولحماس»، بحسب قول رابينوفيتش.
والنقطة الثانية التي ينطلق منها رابينوفيتش في اعتبار التغيير في سوريا يصبّ في مصلحة «أمن إسرائيل»، هي أن «هذا الوضع يعطي مساحة تنفّس لخصوم المعسكر الإيراني، وعلى رأسهم المعسكر المعتدل في لبنان». وحذر رابينوفيتش من أن التغيير «يخلق إغراءً لإيران للتخفيف عن سوريا من خلال تسخين النزاع مع إسرائيل».
إلى جانب ذلك، يشير رابينوفيتش إلى أن من شأن توتر الأوضاع في سوريا أن يؤدي إلى سحب «الخيار السوري» عن جدول الأعمال، بحجة أنه «لا يوجد أي معنى لصفقة كهذه مع نظام استقراره موضع شك». ويرى أنه «في هذا الوضع مطلوبة سياسة إسرائيلية أساسها القراءة السليمة للتطورات الداخلية في سوريا، التأهب الأمني، الحوار والتنسيق الوثيقان مع الولايات المتحدة ومحاورون آخرون، ولكن أيضاً رأس مفتوح للفرص التي ينطوي عليها الوضع الجديد».
بدوره، رأى البروفسور أيال زيسر، المتخصص في الشؤون السورية واللبنانية، في تحليل نشرته «إسرائيل اليوم»، أنه «لا يزال من السابق لأوانه محاولة تقدير وجهة سوريا وما إذا كان نظام بشار الأسد سيتمكن من قمع موجة الاحتجاج المتصاعدة أم أن هذه الموجة ستؤدي إلى نهاية نظام البعث». وأضاف إن «أهمية الأحداث في سوريا حالياً ليست بحجمها، بل في كونها غير مسبوقة في هذه الدولة التي لم تشهد تظاهرات وأعمال شغب كهذه منذ ثلاثين عاماً تقريباً ... وما سيحدد مستقبل المعركة في سوريا هو انضمام الطبقة الوسطى السنيّة إليها في المدن الكبرى».
وأشار أيضاً إلى أنه «خلال العقد الأخير لم تخف القيادة الإسرائيلية آمالها بأن يبقى بشار في كرسيه، فرغم كل شيء حافظ النظام السوري بقيادته بحرص على الهدوء على طول الحدود مع إسرائيل في جبهة هضبة الجولان، لكن في السنوات الأخيرة تحول بشار إلى حليف قريب لإيران وسمح لها بتحويل حزب الله إلى قوة كبيرة تمثّل خطراً كبيراً على إسرائيل». وخلص زيسر إلى أن «سقوط بشار يعني انهيار الحلف غير المقدس بين سوريا وإيران وحزب الله. ومن هنا فإن شعور الكثيرين في إسرائيل بأن لا تخشى مثلما كانت الحال في الماضي من تغيير النظام في سوريا على غرار التغيرات التي حدثت في مصر وتونس».
ورأى الخبير في الشؤون العربية، عوديد غرانوت، في مقال نشرته «معاريف»، أن ثمة نوعين من الرؤساء في العالم، النوع الأول تنحّى بعد فترة قصيرة من الاحتجاجات، مثلما حدث في مصر وتونس، والنوع الثاني هو الذي يفتك بأبناء شعبه مثل العقيد الليبي معمر القذافي، وأن «هناك ألف سبب يجعلنا نرى أن الأسد ينتمي إلى النوع الثاني». وأحصى غرانوت عدة أسباب، منها «الانتماء الطائفي»، في إشارة إلى الطائفة العلوية، «القناعة الداخلية»، وتتمثل في أن «الأسد يرى نفسه كبطل الكفاح ضد إسرائيل، وببساطة لا يعتقد أنه حان وقته للرحيل»، «الإسناد الإقليمي» ومصدره «أحمدي نجاد وحسن نصر الله على حدّ سواء».