توسّع نطاق عملية فرض الحظر الجوي على ليبيا الى الحيّز البحري، بعدما قرّرت دول حلف شمالي الأطلسي أمس تكليف سفنها الحربية مهمة مراقبة الحظر على الأسلحة في اتجاه الجماهيرية. وفيما قال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، إن القتال سينحسر في الأيام القليلة المقبلة، لم يستبعد وزير بريطاني أن يتطوّر الى مرحلة التدخّل البري. ورغم الخلاف الحاصل بين الأقطاب حول إناطة المهمة الليبية بقيادة حلف شمالي الأطلسي، قرّرت دول الحلف أمس تكليف سفنها الحربية مهمّة مراقبة الحظر على الأسلحة إلى ليبيا، بموجب القرار الصادر بهذا الشأن عن مجلس الأمن الدولي برقم 1973.
وعقب تأكيد واشنطن أنها ستتخلّى عن قيادة العمليات خلال أيام، وأن حلف شمالي الأطلسي سيكون له دور تنسيقي، اجتمع مندوبو الأطلسي الـ28 مجدداً أمس، غداة جلسة فاشلة الاثنين. وقال دبلوماسي من الحلف إن بعض الحلفاء يشكّكون الآن في جدوى منطقة حظر الطيران، نظراً إلى الدمار الذي ألحقته الغارات الجوية بالفعل بالقدرات العسكرية للقذافي. وتابع الدبلوماسي «يقول آخرون إن الحلف إما أن يتولّى القيادة أو لا يتولى أي مهمة على الإطلاق، وإنه لا معنى لأن يكون للحلف دور ثانوي».
من ناحية ثانية، أوضح وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، أن الولايات المتحدة لا يزال بإمكانها نقل قيادة العمليات العسكرية ضد ليبيا إلى الحلفاء في غضون الأيام القليلة المقبلة، مبدّداً المخاوف من احتمال التأجيل.
ورفض غيتس خلال زيارة لروسيا، الإفصاح عمّن سيقود العمليات، لكنّه ترك الباب مفتوحاً لاحتمال الاعتماد على «آلية حلف شمالي الأطلسي» ما إن تتراجع الولايات المتحدة للقيام بدور دعم. وقال «هذه ليست مهمة لحلف الأطلسي. هذه مهمة ربما تستخدم فيها آلية الحلف للقيادة والتحكم».
غيتس رأى أيضاً أن ليبيا ستكون «في حال أفضل» من دون القذافي في الحكم. لكنه أضاف إن «الأمر يعود إلى الليبيين أنفسهم». وأضاف في مقابلة مع وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس» إن «من الخطأ أن نحدّد ذلك (إطاحة القذافي) هدفاً لعمليتنا العسكرية».
وفيما أعلن وزير الدفاع الأميركي أن القتال في ليبيا سينحسر في الأيام القليلة المقبلة، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، في رسالة بعث بها إلى الكونغرس أول من إمس، إن الغارات الجوية التي تشنّها أميركا على ليبيا في إطار قرار مجلس الأمن 1973 ستكون محدودة في طبيعتها ومدّتها ومداها، مشيراً إلى أنّ العمليات الأميركية ستمهّد لقيام شركاء آخرين في التحالف بعمل إضافي. وأضاف أوباما إن استمرار العقيد معمر القذافي في مهاجمة المدنيين والمناطق السكنية وتهديدهم مصدر قلق شديد للدول العربية المجاورة وتهديد للمنطقة وللسلام والأمن الدوليين.
وكان الملف الليبي، الذي يجتمع بشأنه مجلس الأمن الخميس المقبل بناءً على طلب روسي لبحث وقف إطلاق النار، مدار مباحثات هاتفية بين رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان وأوباما، وبين الأخير والقيادة القطرية، حسبما أفاد البيت الأبيض في بيان. وأضاف البيان إن أوباما وأردوغان اتفقا على أنّ المهمّة «ستتطلب جهداً دولياً موسعاً يتضمن دولاً عربية».
أما على الجانب القطري، فقد أفاد قائد عسكري أميركي، بأن القوات القطرية ستبدأ المشاركة في الطلعات الجوية الخاصة بالحظر على ليبيا، وستنفّذ طلعات بحلول مطلع الأسبوع المقبل. وفي هذا الشأن توجهت مقاتلتان وطائرة نقل قطرية من المتوقع أن تشارك في عملية «فجر الأوديسة» إلى جزيرة كريت اليونانية من قبرص، حيث توقفت فيها للتزود بالوقود.
وأعلنت هيئة أركان الجيوش الفرنسية أن مقاتلات من طراز «رافال» نفّذت، أمس، أول مهمة لها في الأجواء الليبية انطلاقاً من حاملة الطائرات النووية «شارل ديغول». وقال متحدث باسم القوّات المسلحة الفرنسية، إن باريس قد توسّع عملياتها العسكرية فوق ليبيا الى خارج منطقة بنغازي بدءاً من اليوم (الأربعاء).
وفي هذا الوقت، تحطّمت مقاتلة تابعة للسلاح الجوي الأميركي من طراز «إف 15 إي» أثناء الليل في الجماهيرية. وقال المتحدث باسم القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا، فينس كراولي، إن «تحطّم المقاتلة الأميركية ناجم على الأرجح عن عطل فني لا عن نيران معادية».
وفي السياق المتعلق بسير العمليات، لم يستبعد وزير الشؤون العسكرية البريطاني، نيك هارفي، حصول عمليات برية في الجماهيرية الأفريقية. وقال لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، «لا نعلم كم سيدوم الأمر، لا نعلم مثلاً ما إذا كان سيصل إلى حالة من الركود، أو ما إذا كان بالإمكان تقليص قدرته (القذافي) العسكرية بنحو سريع نسبياً».
من جهة ثانية، قال وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، إن وزراء خارجية دول الائتلاف المعني بتنفيذ تفويض الأمم المتحدة الخاص بالتدخل في ليبيا، سيجتمعون في الأيام المقبلة لمناقشة العملية. وأبلغ جوبيه الجمعية الوطنية (مجلس النواب الفرنسي)، بأن الاجتماع قد يعقد في بروكسل أو باريس أو لندن.
على المستوى الميداني الداخلي، تمركزت قوات المعارضة الليبية المسلحة خارج مدينة أجدابيا أمس، وتوقّفت عن التقدم لاستعادة المدينة الاستراتيجية، خوفاً من قوة نيران كتائب القذافي التي تسيطر عليها. وفي الوقت عينه أفاد سكان بأن «مواجهات عنيفة» وقعت خلال اليومين الماضيين في منطقة يفرن (جنوبي غربي طرابلس) بين ثوار يسيطرون على المنطقة وقوات النظام الليبي، ممّا أدى إلى سقوط تسعة قتلى على الأقل.
وأكّد الثوار الليبيون أن خمسة أشخاص بينهم أربعة أطفال قتلوا أمس بنيران كتائب القذافي في مصراتة شرقي طرابلس، فيما قتل عشرة أشخاص على الأقل في قصف لبلدة الزنتان في غرب ليبيا.
من جهة ثانية، دعا المعهد الدولي للصحافة إلى احترام حقّ الصحافيين والمواطنين في نشر المعلومات بعد مقتل مؤسس محطة تلفزيون إلكتروني يدعة محمد نبوس، السبت، في بنغازي شرق ليبيا.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)