لم يكن التحشيد الدولي والأممي الذي سبق جولة «جنيف» الحالية كافياً لإحراز أي تقدم فعلي في المباحثات التي اقتصرت على تبادل الأوراق بين الوفود المشاركة عبر المبعوث الأممي. وفتح تعليق وفد الرياض مشاركته الرسمية في المحادثات الباب أمام التصعيد. الوفد الحكومي اتهم وفد «الهيئة العليا»، على لسان رئيسه بشار الجعفري، بـ «المراهقة السياسية» وتنفيذ أجندات «مشغّلهم السعودي»، فيما طالب رئيس الوفد المعارض رياض حجاب الفصائل العسكرية بعدم «ترك البندقية»، ما دام الرئيس السوري موجوداً، منتقداً عجز الأمم المتحدة و«الصديق الأميركي». وتتجه الأنظار، عقب التعثر الذي وصلت إليه المحادثات، إلى واشنطن وموسكو، الرئيسين المشاركين لمجموعة العمل الدولية حول سوريا، في ظل تأكيد زعيمي البلدين ضرورة دفع المسار السياسي، وعدم العودة إلى نقطة ما قبل وقف الأعمال العدائية.وفيما أعلن وفد «الهيئة» مغادرة عدد من أعضائه مدينة جنيف، على أن يبقى قانونيون لمناقشة مسائل «تقنية»، أكد وفد دمشق استمراره في إجراء اللقاءات مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا والوفود الأخرى المشاركة. وأوضح الجعفري في خلال لقاء مع المبعوث الصيني الخاص إلى سوريا، شين شياو، أن قرار الوفد المعارض تعليق المشاركة «جاء بتعليمات من مشغلهم السعودي لأنهم لا يتمتعون بالاستقلال السياسي»، مشيراً إلى أنهم «يلجؤون إلى التهديد بالانسحاب أو التعليق في بداية كل جولة من المحادثات غير المباشرة، لأنهم غير جادين ولا يريدون الانخراط في العملية السياسية».
وقال في خلال مقابلة مع وكالة «فرانس برس» في جنيف، إن «الانسحاب ليس (فعلاً) دبلوماسياً أو سياسياً ناضجاً، بل أسلوب طفولي مراهق»، مشيراً إلى عدم قدرتهم «على مصادرة حق بقية المجموعات في الاستمرار في الحوار السوري ــ السوري». وتابع: «لدينا اجتماع مع دي ميستورا الذي سيلتقي منصات القاهرة وموسكو... من لا يحب أن يندمج في خريطة الطريق هذه من أجل سلامة سوريا واستقرارها والحفاظ على سيادتها يتحمل نتيجة أعماله». وأضاف رئيس الوفد الحكومي: «شرحنا لدي ميستورا أن ولايتنا تتوقف عند حدود الانتهاء من مسألة الحكم، أي إنشاء حكومة وطنية موسعة... مستقبل الرئيس السوري ليس من ولايتنا ولا اختصاصنا».
من جهة أخرى، انتقد رئيس وفد «الهيئة العليا» أداء المجتمع الدولي والدول الراعية للعملية السياسية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الذين «خذلوا الثورة»، مضيفاً: «لن نكون في هذه العملية بما أنه لم تتخذ إجراءات لفك الحصار وإطلاق سراح المعتقلين وإيصال المساعدات الإنسانية ووقف القصف على المدنيين». وأشار خلال مؤتمر صحافي، أن الوفد جاء من أجل «انتقال سياسي مبنيّ على القرارت الدولية» عبر «هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات» تستثني الرئيس السوري بشار الأسد. وعاتب حجاب «الأصدقاء الأميركيين»، معتبراً أن «الحفاظ على الهدنة لا يكون من خلال منع السلاح عن الثوار ومنعهم من الدفاع عن أنفسهم». وأوضح حجاب أن وفد «الهيئة» قدم عدداً من المذكرات إلى دي مستورا، منها 12 حول الأوضاع الإنسانية والمعتقلين وفك الحصار وإيصال المساعدات وانتهاكات «الهدنة» وخمس تتعلق بالانتقال السياسي.
وعلى صعيد آخر، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، في مقابلة مع قناة «سي بي إس» الأميركية، إنه أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في خلال مكالمة هاتفية الاثنين، بأن الوضع في سوريا يتدهور بسرعة ويتعين على واشنطن وموسكو العمل معاً لـ«تحريك مسار الحل السياسي والمرحلة الانتقالية»، مشيراً إلى أن عودة الوضع إلى ما قبل عدة أسابيع لن تخدم مصالح بلديهما.
وفي سياق متصل، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي، أن الوزير جون كيري، سيطلب من نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، خلال اجتماع في نيويوك، مساعدة طهران في تحقيق تقدم في محادثات جنيف. وقال خلال إيجاز صحافي: «نحن ندرك أن لدى الإيرانيين القدرة على التأثير بالوضع الراهن في سوريا ونحن نريد أن نستخدم هذه القدرة بطرق بناءة».

(الأخبار، أ ف ب، رويترز)


انسرت
أوباما أبلغ بوتين بأنّ العودة إلى ما قبل «الهدنة» لن يخدم بلديهما