رأى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن المنطقة تشهد، في أعقاب سقوط الرئيس المصري حسني مبارك، حالاً «من عدم الاستقرار» بفعل «الزلزال الذي يتعرض له كل العالم العربي». ولفت، خلال مراسم تنصيب رئيس الأركان بني غانتس، الى أن الجيش مستعد لمواجهة «كل الاحتمالات لأننا نعرف أن وجودنا وقدرتنا على إقناع جيراننا على العيش بسلام معنا، قائم على الجيش الإسرائيلي»، الذي يمثّل «الضمانة الحقيقية لضمان مستقبلنا». من جهة أخرى، دعا نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني أيالون الى منع إيران من استغلال الفترة الانتقالية في القاهرة، معلناً أن إسرائيل «تسعى الى إقامة جدار حماية من القوى السلبية خارج مصر بعد الثورة التي شهدتها».
ورأى أيالون، في حديث الى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أن إسرائيل «مهتمة بسقوط حسني مبارك، الذي كان إلى حد كبير شريكاً في الحصار المفروض على غزة». وحذّر من «التأثيرات الخارجية على مصر، ولا سيما من جانب طهران»، مشدداً على ضرورة منعها «من استغلال الفترة الانتقالية في مصر ودول أخرى في الشرق الأوسط للتدخل في شؤونها كما فعلت مع الفلسطينيين، كما يتعين علينا أيضاً التأكد من أن طهران ووكلاءها في المنطقة، سواء كان حزب الله أو حركة حماس، لن تستغل حالة الضعف وعدم اليقين لهذه الفترة الانتقالية، وخصوصاً أن دخان المخاطر لا يزال يتصاعد من منطقة الشرق الأوسط».
بدوره، شدد رئيس أركان الجيوش الأميركية المشتركة الأدميرال مايكل مولن، خلال مراسم تنصيب غانتس، على أن العلاقات بين الولايات المتحدة والجيش المصري لم تتغير في أعقاب الثورة المصرية وإسقاط الرئيس حسني مبارك. وأضاف «لدينا علاقات قوية جداً مع العسكريين المصريين ونحن مستمرون في علاقاتنا القريبة مع نظرائنا المصريين»، لافتاً الى أنه تباحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في التطورات الجديدة في المنطقة.
وتناولت صحيفة «هآرتس» جانباً من تداعيات سقوط الرئيس المصري حسني مبارك على الاستراتيجيا الإسرائيلية تجاه إيران، ورأت أن مصر كانت دولة أساسية في محور الاعتدال العربي، الذي يقف الى جانب إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران وحلفائها في لبنان وسوريا وغزة. وفيما قدرت الصحيفة أن من سيحكم مصر سيواصل التركيز على العزة الوطنية المصرية، لا على الالتحاق بحكام طهران، إلا أن ذلك لا يعني أن ورثة مبارك سيشجعون على مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية لأنهم سيكونون منصّتين للرأي العام في العالم العربي، الذي يعارض أي ضربة وقائية للجمهورية الإسلامية، وهو ما سيضع العراقيل أمام إسرائيل للعمل بعيداً في الشرق. ولخصت «هآرتس» المعادلة في أعقاب سقوط الرئيس المصري، على الشكل الآتي: «بدون مبارك، لا هجوم إسرائيلياً على إيران، ومن سيحل بدلاً منه سيخشى من غضب الجماهير خوفاً من أن يبدو كعميل في تأييده لأي حملة عسكرية من هذا النوع».
ورأت «هآرتس» أن سقوط مبارك منح من يعارضون الهجوم على إيران، أو يخافون من نتائجه رغم أنهم يتظاهرون بأنهم معه ـــ مثل نتنياهو وباراك ـــ الذريعة المطلقة، لتبرير عدم الإقدام على ذلك». وتوقعت أن يكتبا في مذكراتهما «أردنا، لكن لم يكن بوسعنا التنفيذ بسبب الثورة في مصر». أما لجهة دور ومكانة النظام المصري برئاسة حسني مبارك في الاستراتيجيا الإسرائيلية العامة، فقد رأت الصحيفة أنه منح الدولة العبرية استقراراً ثابتاً طوال التقلبات، التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في العقود الثلاثة الأخيرة، وأنه كان «الصخرة المنيعة».
وفي التفصيل، أوضحت «هآرتس» أنه بفضل معاهدة كامب ديفيد، انطلقت إسرائيل الى الحروب وبنت المستوطنات وأدارت محادثات سلام على الجبهات الأخرى. ولفتت أيضاً الى أن الخلافات التي كانت تنشب في بعض الأحيان بين الطرفين لم تهز الحلف الاستراتيجي بينهما.
وأضافت الصحيفة إن إسقاط مبارك يدخل المنطقة العربية عموماً، وإسرائيل خصوصاً، في حالة من انعدام اليقين، وخاصةً أنه خلع من الحكم، قبل أن يتمكن من إعداد أيّ من رجال بلاطه أو ابنه لخلافته في الرئاسة. وشددت الصحيفة على أن هذه الحالة (انعدام اليقين) سبّبت قلقاً عميقاً لنتنياهو، الذي تخوّف في الأيام الأولى من الثورة على انهيار عملية السلام، من هنا «سعى بكل ما يستطيع إلى تأخير سقوط مبارك، لكن دون جدوى، ورحب ببيان الجيش المصري الذي أعلن أن كل الاتفاقات الدولية ستُحترم». وتوقفت الصحيفة عند المخاوف التي تسيطر على نتنياهو، من أن تتحول مصر الى جمهورية إسلامية أخرى معادية لإسرائيل، لكنها أكثر قرباً منها، ومن تكرار النموذج التركي في مصر، بمعنى أن تتم المحافظة على العلاقات الرسمية مع إسرائيل، في الوقت الذي توجّه فيه انتقادات حادة للسلوك الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين. ورأت الصحيفة أن السيناريو الأفضل بالنسبة إلى نتنياهو، حتى لو كان أقل معقولية، هو أن تكون مصر مثل تركيا في مرحلة ما قبل أردوغان، أي دولة مؤيدة للولايات المتحدة وتحت سيطرة جيشها.
ورأت «هآرتس» أنه انطلاقاً من التجارب التاريخية، عادة ما تكون الثورة بحاجة إلى عدة سنوات، تتخللها صراعات بين القوى الداخلية، من أجل استقرار النظام الجديد، وأن الجيش المصري، بمن فيهم جنرالاته، لا يعلمون متى وكيف ستنتهي عملية تداول السلطة.
في المقابل، رأت صحيفة «معاريف» أن ما حصل في مصر هو ثورة هائلة، بكل ما تحمله من معان بالنسبة إلى سلوك الأنظمة، وأن حاجز الخوف من النظام قد تحطّم، لكن ما جرى أيضاً انقلاب عسكري برئاسة الطنطاوي. وأضافت إن من يتوقع الديموقراطية في مصر لا يفهم الواقع.
ولفتت «معاريف» أيضاً الى أن الجيش لن يسمح لـ«الإخوان المسلمين» بالانتصار، وهم سينتصرون فيما لو جرت انتخابات حرة وفق قواعد الديموقراطية، وبالتالي فإن الجيش سيسمح للإخوان بالفوز كحد أقصى بـ 20 % من الأصوات، التي كانوا قد حصلوا عليها في 2005.