في يده اليمني يمسك هشام السيد مصحفاً ويقرأ بصمت. في اليسرى يحمل لافتة كتب عليها «اتّقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة». طروحات هذا الشاب مختلفة. يقول «لست موجوداً هنا للمطالبة بإسقاط الرئيس (حسني مبارك) أو الخروج عنه. فالخروج عن الحاكم حرام حرام، طالما لم يكفر أو يخرج عن الدين وهو ما لم يفعله مبارك حتى الآن. صحيح أنه يسمح ببيع الخمر لكنه لم يقل إن الخمر حلال، بالتالي هو لا يزال مسلماً ولا يجوز شرعاً الخروج عنه». يعمل هشام في إحدى شركات البترول التابعة للقطاع العام، وأخوه ضابط في الأمن المركزي. يرغب من خلال مشاركته في تظاهرات ميدان التحرير أن يقول للجميع إن هناك أفراداً طيبين وأخياراً في جهاز الشرطة، لكن المشكلة تكمن في أن القادة في الوزارة فاسدون، وهم من أمروا بإطلاق النار على المتظاهرين، فيما رفض العساكر والضباط الصغار تنفيذ هذه الأوامر.
يسكن هشام في حي «مساكن شيراتون» على أطراف ضاحية مصر الجديدة. جاء للمشاركة في التظاهرات أمس مع مجموعة من الإخوة الملتحين الذين يرفضون تصنيفهم كسلفيين أو إخوان مسلمين، وإن كان يستشهد في كل أحاديثه بأقوال الشيخ محمد حسان، أحد رموز التيار السلفي في مصر. ولدى سؤاله: «إذا كنت لا تطالب بإسقاط الرئيس، فلماذا تشارك في التظاهرة»، يردّ بجملة واحده: إنها «كلمة حق في وجه سلطان جائر». مظاهر جور مبارك بالنسبة إلى هشام هي موقفه من القضية الفلسطينية ومحاباته لليهود. يتساءل: «كيف نرضى بأن يقذف إخوتنا في غزه بالصواريخ وهم في منازلهم، وحينما تشتعل الحرائق في غابات إسرائيل نسارع إلى إرسال المساعدات».
أما داخلياً، فأوجه الظلم تتمثل في الفقر المتفشي في البلاد، وعدم سعي مبارك إلى تحقيق العدالة الاجتماعية. يكرّر «كل هذا لا يخرج مبارك من الإسلام، وبالتالي لا يجوز الخروج عنه».
يرفض هشام جماعة الإخوان المسلمين ولا تقنعه أفكارها. هم في رأيه «يطلبون السلطة»، كما يسخر هشام من ادعاءات بعض أجهزة الإعلام التي تقول إن الإخوان «هم من يقفون وراء هذه التظاهرات». يقول «فيه بنات، لا مؤاخذه، سايبة شعرها، وأولاد وبنات يسيرون وهم يرتدون صلباناً على صدورهم. هؤلاء ليسوا من الإخوان. وأنا لست من الإخوان. نحن جميعاً هنا مصريون».