المعارضة تصف خطاب الرئيس بالمكرر والرافض للاعتراف بوجود أزمة

سعى الرئيس المصري، محمد مرسي، في خطابه أول من أمس أمام مجلس الشورى إلى طمأنة المواطنين بأن البلاد ليست على شفا الإفلاس، رغم ما تواجهه من أزمات اقتصادية، فيما جدد دعوته إلى المعارضة للحوار

القاهرة - رسائل كثيرة أرادها الرئيس المصري محمد مرسي، بخطابه أول من أمس أمام مجلس الشورى. الأولى لم يقلها بلسانه وإنما فعلها حرسه، من خلال الإجراءات الأمنية الشديدة التي فرضت على منطقة وسط البلد كلها، والاستعانة بآلاف الجنود من الشرطة والقوات المسلحة لتأمين الشوارع المحيطة بمبنى البرلمان، وكذلك الإجراءات الاحترازية على أبواب المبنى ومداخله، التي وصلت إلى مصادرة الهواتف النقالة للصحافيين كشرط أساسي للسماح لهم بالدخول.

فكانت الرسالة الأولى أن الرئيس يستطيع حماية نفسه في المبنى القريب من ميدان التحرير الذي يعتصم فيه حالياً عدد من المعارضين لسياسته، وهناك لافتة كبيرة على مدخله تطالب برحيله وسقوط حكم المرشد.
أما بقية الرسائل فظهرت في خطاب الرئيس مباشرةً وسط حضور غلب عليه مؤيدو مرسي في ظل غياب رموز المعارضة. ويبدو أن خطاب الرئيس كان على هوى من يستمع إليه داخل القاعة، فصفق الحضور له 11 مرة، عندما قال إن «الذين يتحدثون عن خطر الإفلاس هم المفلسون». وتكرر الأمر بعدها بدقائق عندما قال إن «مصر لن تركع بفضل الله». وعاود الذين حضروا الجلسة التصفيق مرة أخرى عند حديث مرسي عن رفضه للعنف بكل أشكاله، سواء من الأفراد أو الهيئات أو الأحزاب أو الحركات أو الجماعات وحتى من الحكومة نفسها. وعند دعوته وتعبيره عن أمله بأن تتجه البلاد نحو المستقبل لبناء مصر القوية، صفق الأعضاء من جديد وتكرر الأمر عند قوله «لن يسمح لأحد بالتدخل في شؤوننا الداخلية، كما أننا لا نسعى إلى التدخل في شؤون أحد». وضجت القاعة بالتصفيق مرة أخرى عند حديث مرسي عن القضية الفلسطينية «التي في قلوبنا جميعاً».
ولم يغفل مرسي الموضوع السوري بتأكيده على دعم الشعب السوري في ثورته، وتحديد رؤيته في الفترة الحالية عن القضية السورية بأنها وقف نزف الدم السوري وتأمين حقوق اللاجئين وعودتهم إلى بلدهم الأم، ورفض أي تدخل عسكري فيها. كما أكد أنه لا مجال للنظام الحالي في حكم سوريا. كذلك صفق النواب عندما قال مرسي إن مصر تعمل على التعاون مع دول الخليج والوطن العربي، وعندما تقف مصر القوية سيقف الشعب العربي كله.
ورغم كل هذه المرات من التصفيق، لم يبادر أي من أعضاء المجلس الى التصفيق أثناء توجيه مرسي في بداية خطابه «تحية لأرواح الشهداء الأحرار الأطهار وأهليهم وذويهم والمصابين في ثورة 25 يناير». ورغم أن مرسي أطال في تلك التحية وذكر كل شهداء الثورة والفترة الانتقالية والفترة الحالية، لم يأت أي رد فعل من الأعضاء على حديثه.
وتطرق الرئيس في جزء كبير من خطابه إلى الأزمة المالية التي تعانيها البلاد حالياً، ونفى وجود أزمة و«إنما هناك تحديات» بسبب السياسات الفاسدة في العهود السابقة. وأكد مرسي أن مصر لن تفلس أبداً. ودلل على ذلك بمحموعة من الأرقام والنسب المتعلقة باحتياطي النقد الدولي، والتأكيد على أن الدولة ملتزمة بسداد التزاماتها المالية. وشدد على أن الأمر يحتاج الى أن يهتم الجميع بالبناء والعمل في هذه المرحلة من عمر الوطن. وجدد مرسي دعوة المعارضة للمشاركة في الحوار الوطني «الذي أرعاه بنفسي»، وكذلك المشاركة الفعالة في المناقشات التي سيعقدها مجلس الشورى حول قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة.
إلا أن المعارضة استقبلت خطاب مرسي بمزيد من النقد والرفض لبعض ما جاء فيه. البرلماني السابق باسل عادل، رأى أن خطاب الرئيس المصري تضمن عدداً من التناقضات. ففي الوقت الذي قال فيه إنه لن يتدخل في شؤون الدول الأخرى، أكد على دعمه للثورة السورية، وعلى أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يستمر في الحكم.
من جهته، اعتبر الصحافي، صلاح عيسى، أن دعوة مرسي للحوار هي في حقيقتها دعوة إعلامية لا أكثر، مدللاً على ذلك أنه ذات مرة وجه له نائب الرئيس دعوة لحضور جلسة من جلسات الحوار، وعندما ذهب إلى القصر الرئاسي مُنع من الدخول. وأوضح عيسى أن القوى المدنية لا مانع لديها من المشاركة في الحوار مع الرئاسة، لكن لا بد من وضع جدول أعمال لتلك الحوارات، وأن يكون الحوار مع من بيده تنفيذ ما سيصل إليه. ولفت إلى أن من يقود الحوار الوطني هو نائب رئيس الجمهورية المستقيل الذي لا يملك تنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه.
أما القيادي في حزب الدستور، أحمد دراج، فاعتبر أن خطاب مرسي «مكرر لا جديد فيه». ولفت إلى أن ربما الجديد الوحيد في الأمر هو «التحدث عن الأوضاع الاقتصادية حالياً». وانتقد ما سوّقه الرئيس بأن الاقتصاد المصري متعافٍ حالياً، بقوله «كأن الرئيس يعيش في كوكب ثانٍ أو دولة أخرى».
وهو ما فسره الصحافي عبد الحليم قنديل بالقول إن مرسي لا يريد أن يعترف بوجود مشكلة حقيقية في الاقتصاد المصري بأنه اقتصاد ريعي ليست له أرضية إنتاجية
حقيقية.