الإسكندرية | عشية انطلاق المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور المصري، شهدت الاسكندرية اشتباكات عنيفة بين الإسلاميين ومعارضيهم، أسفرت عن سقوط عشرات المصابين، فيما دعا منسق جبهة الانقاذ الوطني محمد البرادعي الرئيس المصري محمد مرسي، إلى «جمع شمل» المصريين ووقف الاستفتاء. وتشمل المرحلة الثانية 17 محافظة تضم نحو 25.5 مليون ناخب مسجل، على أن تعمد اللجنة العليا للانتخابات بعد انتهاء الفرز إلى الاعلان عن النتيجة النهائية للاستفتاء، الذي يتوقع أن يُقر بموجبها مشروع الدستور، بعدما أظهرت نتائج غير رسمية للمرحلة الأولى تصويت 56،5 في المئة بنعم مقابل 43،5 في المئة رفضوا مسودة الدستور.
وقبيل انطلاق المرحلة الثانية، رفعت القوى السياسية من استعداداتها لمراقبة الاستفتاء. وأكد رئيس غرفة عمليات جبهة الإنقاذ الوطني، أحمد فوزي، أن الجبهة شكلت 17 غرفة عمليات في مقار الأحزاب في محافظات المرحلة الثانية.
في غضون ذلك، اندلعت أمس مواجهات بين التيارات الإسلامية والمعارضين لهم عقب صلاة الجمعة في الاسكندرية، أدت إلى إصابة قرابة الـ60 شخصاً بجروح، في استمرار لمسلسل تحول مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية إلى ساحة اشتباكات أسبوعية منذ قرابة شهر.
وجاءت الشرارة الأولى للمواجهات عندما تبادل أحد المعارضين والمؤيدين التراشق بالحجارة في الشارع المواجه للمسجد. وقام أحد المعارضين بجذب رجل ملتح كان يصور التظاهرات وإلقاء حذائه، الأمر الذي استفز المشاركين في مليونية «حماية المساجد والعلماء»، التي دعت إليها التيارات الإسلامية منذ أسبوع، نصرةً لمسجد القائد إبراهيم والشيخ المحلاوي عقب حصارهم مدة 13 ساعة الأسبوع الماضي من قبل متظاهرين معارضين احتجاجاً منهم على كلمة المحلاوي عقب الصلاة الداعية للتصويت «بنعم» للاستفتاء.
وفور انتهاء الصلاة، ردد الاسلاميون الذين قدرت أعدادهم بثلاثة آلاف هتافات «بالروح بالدم نفديك يا إسلام»، «إسلامية إسلامية رغم أنف العلمانية» و«الشعب يريد تطبيق شرع الله». كما حملوا لافتات كتب عليها «ثورتنا سلمية رغم أنف البلطجية». في المقابل، اقتصر حضور المعارضين على بضع مئات. وردد المعارضون هتافات ضد الشيخ حازم أبو إسماعيل، المرشح الرئاسي السابق، الذي لم يحضر للإسكندرية أثناء الصلاة، من بينها «يا إبن الأميركية، اطلع بره إسكندرية». كما رددوا هتافات عقب انتهاء الصلاة ضد مرشد الإخوان وضد الإسلاميين.
من جهته، نفى المحلاوي أن يكون تحدث عن الدستور الجمعة الماضية من فوق المنبر. لكنه اعتبر أن من يظن أن المسجد لا علاقة له بالسياسة خاطئ، منتقداً المرشح الرئاسي السابق عمرو موسى، لقوله إن الشيوخ تدنس المساجد بالسياسة. بدورها، أصدرت جماعة الإخوان المسلمين بياناً حمّلت فيه قوات الأمن المسؤولية عما يحدث، متهمةً إياها بالتخاذل والتواطؤ لعدم حمايتها للمتظاهرين السلميين، وعدم اتخاذ موقف ضد محاصري المسجد الجمعة الماضية. كما اتهمت حزب الدستور والتيار الشعبي بالتسبب في هذه الاشتباكات.
في المقابل، قالت ماهينور المصري، الناشطة في حركة الاشتراكيين الثوريين في الإسكندرية لـ«الأخبار»، إن نزول المعارضين أمس للتظاهر جاء بعد الاستفزاز الذي تسبب فيه خطاب الكثير من الشيوخ مثل عبد الله بدر، الذي توعد المتظاهرين، محملةً الإسلاميين مسؤولية ما حدث لعدم تأجيلهم تظاهرة أمس رغم علمهم بتوتر المشهد واحتقان الشارع.
ووسط استمرار حالة الانقسام، حذر البرادعي من أن «البلد على وشك الافلاس»، لافتاً إلى أن «صندوق النقد الدولي قال إنه سيؤجل منح مصر قرضاً بقيمة 4.8 مليارات دولار. ونصف العالم يقول لا يمكننا أن نعطيكم تمويلاً لأنه لا يوجد أمن ولا رؤية ولا وضوح ولا استقرار».
وخاطب البرادعي الرئيس المصري قائلاً «اتقوا الله يا مرسي وحكومة مرسي وجماعة مرسي في البلد والحل لا يزال موجوداً». وأضاف «كما قلت المرة الفائتة وقال غيري أعد العمل بدستور 1971 وتعديلاته، وشكل حكومة كفاءات لأن الحكومة الحالية غير قادرة على ادارة البلاد وجمع الشمل، وامدد يدك للشعب المصري». وجاءت تحذيرات البرادعي فيما أعلنت رئاسة الجمهورية أمس اعتماد مرسي قائمة تضم 90 شخصية عامة للتعيين في مجلس الشورى. وكشفت مصادر لـ«المصري اليوم» أن أكثر من ٧٥ في المئة من الأسماء في القائمة من أحزاب واتجاهات لا تنتمي للتيار الإسلامي.
وكانت الجمعية التأسيسية التي أعدت أول دستور للبلاد عقب ثورة 25 من يناير عام 2011، وافقت على تضمين مشروع الدستور مادة انتقالية بأن يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالي سلطة التشريع كاملةً حتى تمام انعقاد مجلس النواب الجديد فتنتقل إليه السلطة التشريعية كاملةً مرة أخرى لحين انتخاب مجلس جديد للشورى خلال 6 أشهر من تاريخ انعقاد مجلس النواب.
في هذه الأثناء، كشف مصدر عسكري لـ«اليوم السابع»، أن هناك تذمراً وغضباً من جانب ضباط الجيش وقياداته مما جاء في الرسالة الأسبوعية للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع التي قال فيها «إن جنود مصر طيعون لكنهم يحتاجون إلى قيادة رشيدة توعّيهم، بعدما تولت أمرهم قيادات فاسدة». ووفقاً للمصدر، فإن «هناك من يعبث ليخرج الجيش المصري عن حياده، ويشغله عن دوره الأساسي في حماية الوطن، نظير توظيفه في صراع سياسي ترفضه المؤسسة العسكرية بشكل كامل».
وشدد المصدر على «أن المؤسسة العسكرية لن تقبل بأي تدخل في شؤونها من أناس ليس لهم أي صفة في الدولة للحديث عن تلك المؤسسة العريقة، وستقف بكل حسم لمن يلفق الاتهامات الباطلة على قياداتها السابقين أو الحاليين».