افتتح أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، أمس، مجلس الأمة الجديد بتوجيه انتقادات قوية للاحتجاجات التي تقودها المعارضة، متهماً إياها بتجاوز القانون والانحراف ونشر الفوضى، لكن ذلك زاد المعارضة إصراراً على التمسك بالشارع لإسقاط البرلمان الجديد. وقال الشيخ صباح «من الجدير أن نتفهم قلق أهل الكويت ومخاوفهم إزاء ما شهدته الساحة المحلية أخيراً من مظاهر الفوضى وتجاوز القانون والانحراف في الخطاب السياسي التي لم نألفها من قبل، وهي غريبة وطارئة على مبادئ مجتمعنا الكويتي وأعرافه الراسخة، وما عرف به من قيم الاحترام المتبادل والاعتدال والتسامح وقبول الرأي والرأي الآخر». وأكد الإيمان «الراسخ بحرية التعبير». وقال: «جميعنا نستنكر تلك الممارسات وما شابها من أعمال تجاوزت القانون والأعراف والقيم المعهودة، وأقلقت راحة المواطنين الآمنين في مساكنهم، وأدت إلى إشاعة الفوضى واستخدام لغة الإقصاء والتخوين بين أبناء الوطن الواحد». وتشهد الكويت منذ أشهر سلسلة من الاحتجاجات والتظاهرات للمعارضة ضدّ تعديل أقرّه الأمير على قانون الانتخابات، وجرت بموجبه انتخابات تشريعية مطلع الشهر الحالي أدّت إلى مجلس موال للحكومة. وبعدما قاطعت المعارضة الانتخابات بشكل واسع، تطالب حالياً بإسقاط مجلس الأمة.
وتساءل أمير الكويت، في كلمته أمام مجلس الأمة، «إزاء هذه الممارسات السلبية الغريبة، فإن ثمة تساؤلاً يفرض نفسه: ماذا تركنا لأبنائنا وأحفادنا من قيم ومبادئ وأعراف غرسها الآباء والأجداد في وجدان هذا الوطن الكريم؟». وأضاف «لماذا نفتح الباب واسعاً ونترك المجال متاحاً لكل يد خبيثة تضمر سوءاً وشراً لأمن وطننا ومقدراته؟».
ورأى الأمير أن «هذه الممارسات لا تصون وطناً ولا تعزز أمناً واستقراراً ولا تجعل من الباطل حقاً، بل هي بالتأكيد دعوة لهدر مكتسباتنا الوطنية وانتكاسة حضارية لا تعكس إيماناً حقيقياً بالديموقراطية ولا بدولة القانون والمؤسسات».
وانتُخب خلال الجلسة النائب الليبرالي علي الراشد رئيساً لمجلس الأمة بحصوله على 33 صوتاً من أصل 50، متفوّقاً على علي العمير، وأحمد المليفي، فيما فاز النائب مبارك الخرينج بمنصب نائب الرئيس والنائب كامل العوضي بمنصب أمين سر المجلس بالتزكية.
وعقدت جلسة مجلس الأمة وسط تدابير أمنية مشددة، وأحاطت قوات الشرطة والقوات الخاصة والحرس الوطني بمبنى المجلس بالمدرعات، كما فرضت طوقاً حول الساحة الواقعة مقابل البرلمان، وهي الساحة التي كانت تنوي المعارضة التظاهر فيها ضد البرلمان الجديد، إلا أن عدداً صغيراً من المتظاهرين تمكن من الوصول إلى مكان قريب من هذه الساحة التي يطلق عليها «ساحة الإرادة». وغادر هؤلاء المحتجون هذه النقطة مع وصول القوات الخاصة تمهيداً لقدوم الأمير، وانتقلوا إلى ساحة قريبة أمام قصر العدل، حيث أوقفت الشرطة اثنين منهم.
وكان المئات اعتصموا خلال ليل السبت ــ الأحد للمطالبة بحل البرلمان، متحدّين البرد القارس. ولم تتدخل الشرطة لمنع الاعتصام، واكتفت بتسيير دوريات تولّت مراقبة ما يجري من بعيد. ودعت المعارضة إلى التظاهر مساء أمس، لكن وزارة الداخلية استبقت هذه الدعوة مؤكدة في بيان أن «الخروج على الأمن في ساحة الإرادة مرفوض، ولن نتهاون في أي أمر يخلّ بالاستقرار»، مؤكدة أن «قوة أمنية ستمنع صباح الأحد أي تجمع أمام المجلس وستفضّه فوراً».
بدوره، أكد النائب السابق المعارض مسلم البراك أن الاحتجاجات السلمية ستتواصل الى حين سقوط المجلس، فيما علّق النائب الإسلامي وليد الطبطبائي، في مداخلة على قناة «الجزيرة»، على خطاب الأمير بأن المعارضة لا يسعها أن ترد إلا من خلال الاحتجاجات السلمية.
(الأخبار، أ ف ب)