لم يفتح لقاء وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف والمبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي أيّ كوة في جدار الرأي المتصلّب الذي تتخذه كل من الدولتين في الشأن السوري، في وقت وافقت فيه هولندا على نشر بطاريتي باتريوت في تركيا، على وقع الانتقاد الروسي للتدخل «الأطلسي». ورأت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أنّه لا أحد تساوره أوهام بشأن مدى صعوبة التوصل لحلّ للأزمة في سوريا، وذلك بعد يوم واحد من اجراء محادثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف والمبعوث العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي. وأضافت كلينتون إنّها ولافروف ملتزمان بدعم جهود جديدة يبذلها الإبراهيمي من أجل عملية انتقال سياسي جرى الاتفاق عليها بموجب اعلان جنيف. وذكرت أنّه «كان اجتماعاً مهماً، لكنّه كان مجرّد بداية»، ووصفت التطورات على الأرض بأنّها «خطيرة للغاية» لسوريا وجيرانها. وتابعت قائلة «لا أظنّ أنّ أيّ شخص يعتقد أن هناك انفراجاً كبيراً. لا أحد يمكنه أن يتصور صعوبة ذلك لكننا جميعاً نحتاج إلى المشاركة مع الإبراهيمي من أجل بذل جهود مشتركة ومخلصة».
بدوره، أشار لافروف إلى أنّه لا توجد سوى فرصة ضئيلة للتوصّل إلى حلّ للأزمة بعد المحادثات. وقال إنّه لا يوجد سوى بصيص أمل في إيجاد حلّ للأزمة في سوريا. وأكد أنّ مسؤولين من الولايات المتحدة وروسيا سيعقدون اجتماعاً تكميلياً مع الإبراهيمي في الأيام المقبلة. وصرّح بأنّه «اتفقت روسيا والولايات المتحدة على أن يلتقي خبراؤنا في الأيام المقبلة مع الإبراهيمي ومسؤوليه، لطرح الأفكار وتبادل الآراء حول كيفية المضي قدماً نحو التوصّل لحلّ».
وأضاف الوزير الروسي «لن أقدّم تكهنات متفاءلة، لكنّني سأقول إنني وجدت أنّ من غير المبرّر رفض طلب (الإبراهيمي) عقد اجتماع. وتشارك الولايات المتحدة في هذا الموقف». وقال «لننتظر ما سيؤدي إليه هذا». ولفت إلى أنّ الإبراهيمي يتفهم أن فرص النجاح «ليست مئة بالمئة»، لكنّه يرى أنّه يمكن مشاركة روسيا والولايات المتحدة في محاولة تحديد ما يمكن فعله لتنفيذ الاتفاق، الذي جرى التوصل إليه في جنيف.
من جهته، قال الإبراهيمي إنّ الأطراف الثلاثة اتفقوا على أنّ الوضع في سوريا «سيّئ جداً، جداً، جداً»، خلال اللقاء الذي استمرّ 40 دقيقة في دبلن على هامش اجتماع دولي، لكنّ «أيّ قرار لافت» لم يتم التوصل اليه.
ووسط مخاوف من اتخاذ النزاع منحى أكثر خطورة، قال الإبراهيمي إنّ الثلاثة ناقشوا «سبل التوصّل إلى عملية نأمل أن تبعد سوريا عن شفير الهاوية». وتعهّد «مواصلة بحث المسألة مع دول أخرى موجودة في جنيف، وأيضاً، مع كافة الدول التي كما قلت لديها مصالح أو نفوذ في سوريا». وأضاف «لكن أعتقد أنّنا اتفقنا على أنّ الوضع سيّئ، واتفقنا على أنّ علينا مواصلة العمل معاً لنعرف كيف يمكننا التوصل إلى سبل جديدة للسيطرة على هذه المشكلة، ونأمل البدء في حلّها».
في السياق، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إنّ المسؤولين الثلاثة أجروا «نقاشات بناءة»، وإنّ «الخطوة التالية ستكون اجتماعاً في الأيام القليلة المقبلة بين الإبراهيمي ومسؤولين كبار من الولايات المتحدة وروسيا لمناقشة تفاصيل المضي قدماً بهذا الجهد».
في موازاة ذلك، اتهمت روسيا حلف شمال الأطلسي بالسعي إلى التدخل في الصراع في سوريا، وذلك بعد قرار الحلف نشر صواريخ باتريوت لحماية تركيا من انتشار العنف إلى أراضيها. وقال سفير روسيا لدى الحلف، ألكسندر جروشكو، «هذا ليس تهديداً لنا، لكن هذا مؤشر إلى أن حلف شمال الاطلسي يمضي نحو التدخل، وهذا كل ما في الأمر». وأشار إلى أنّ الحكومة السورية أكّدت لموسكو أنّه ليس لديها أيّ نية لاستخدام الأسلحة الكيماوية.
في السياق، قرّرت هولندا ارسال بطاريتي صواريخ باتريوت إلى الحدود التركية السورية، إضافة إلى 360 جندياً لتشغيلهما، وفق ما أعلنت الحكومة الهولندية. وقالت الحكومة، في بيان لها، إنّ «مجلس الوزراء قرّر أن يرسل في وقت وشيك بطاريتين هولنديتين (لصواريخ) باتريوت للمساهمة في حماية تركيا، حليفنا في الحلف الأطلسي، من هجمات محتملة مصدرها سوريا»، موضحةً أنّ المهمة ستمتدّ مبدئياً عاماً واحداً. ولفت البيان إلى أنّ الصواريخ لا يمكن استخدامها إلّا لغرض بحت دفاعي، لحماية السكان المدنيين. وأوردت الحكومة، في بيانها، أنّ موقع نشر هاتين البطاريتين سيتحدّد بالتشاور مع أنقرة، فضلاً عن الولايات المتحدة وألمانيا، العضوين الآخرين في الحلف الأطلسي اللذين يملكان صواريخ مماثلة.
من ناحية أخرى، قال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إنّه ليس لديه علم بأيّ تقارير مؤكدة تفيد بأن الرئيس السوري بشار الأسد يعدّ لاستخدام أسلحة كيماوية. وأشار، بعد زيارة مخيّم للاجئين السوريين في تركيا، إلى أنّنا «تلقينا أخيراً أنباءً مثيرة للقلق تفيد بأن الحكومة السورية ربما تعدّ لاستخدام أسلحة كيماوية. ليست لدينا تقارير مؤكدة بهذا الشأن». وطالب القوى العالمية ومجلس الأمن الدولي بالوحدة، واتخاذ اجراء لانهاء الصراع في سوريا، قائلاً إنّ الحلّ السياسي وحده بوسعه وقف إراقة الدماء، لكن بان رأى أنّ المجتمع الدولي لم يبدأ حتى الآن مناقشة امكان توفير ممرّ آمن لخروج الأسد وعائلته من سوريا، في حالة اقتناعه بالرحيل.
من جهته، دعا المجلس الوطني السوري المعارض العالم إلى التحرّك قبل وقوع «كارثة» استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية، وذلك في بيان تلاه رئيسه جورج صبرا في باريس. وأضاف صبرا «نطلب أفعالاً لا أقوالاً فقط، نطلب تحركاً جدياً لا تحذيرات فحسب». كما حذّر من أنّ استخدام النظام مخزونه من الأسلحة الكيماوية «خطر لن يقتصر على سوريا وجوارها المباشر فقط، بل سيمتد صداه أيضاً ليحدث خللاً في منظومة الأمن العالمي».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)