رغم تصديق السلطات الإسرائيلية المختصة، أمس، على خطة بناء 3000 وحدة استيطانية في منطقة «إي 1»، وهي الخطة التي أثارت ردود فعل دولية حادّة ضد تل أبيب، بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محاولته لاحتواء هذه الردود من خلال رسائل استرضاء للإدارة الأميركية، مفادها أنّ إسرائيل لا تعتزم الشروع في إجراءات البناء حالياً، وأنّ وتيرة هذه الإجراءات مرتبطة بمصير المفاوضات مع الجانب الفلسطيني سلباً وإيجاباً.
وذكرت صحيفة «معاريف» أن القيادة السياسية في إسرائيل تدرك أن مشكلتها الكبرى، في حملة الضغوط الدولية التي تتعرض لها على خلفية قراراتها الاستيطانية الأخيرة، هي الإدارة الأميركية، وأن الهدف الرئيس لنتنياهو حالياً هو محاولة منع نشوء أزمة جديدة مع الرئيس الرئيس الأميركي باراك أوباما.
ووفقاً للصحيفة، فإن نتنياهو يرى أن هذه الاحتجاجات الأوروبية تمت بتشجيع وتنسيق من الإدارة الأميركية، ولذلك يرى أن عليه تهدئة التوتر مع الولايات المتحدة التي ندّدت بقراره، من أجل تهدئة الأزمة السياسية الحاصلة بين إسرائيل والدول الأوروبية، وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وقالت «معاريف» إنها علمت أن نتنياهو ومستشاره للأمن القومي يعقوب عميدرور، بعثا برسائل إلى الأميركيين، جاء فيها أن إسرائيل لا تنوي البناء في الوقت الراهن في منطقة «إي 1»، التي ترى واشنطن أن تمدّد الاستيطان إليها من شأنه أن يقضي على التواصل الإقليمي في الضفة الغربية، وتالياً على فرص إقامة دولة فلسطينية. وبحسب الصحيفة، فإن نتنياهو أوضح في رسائله أن وتيرة التقدم في إجراءات التخطيط والتنفيذ «متعلقة باحتمالات التفاوض مع الفلسطينيين والتقدم فيه». كما أوضح أن القيادة السياسية في إسرائيل يمكنها أن تجمد في أي مرحلة تقدم إجراءات التخطيط والتنفيذ على حد سواء.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن تنفيذ أعمال بناء في «إي 1» «لا يزال في مراحله الأولية، وأن بالإمكان تنفيذ ذلك بإجراءات سريعة تستغرق شهوراً، ولكن قد تستغرق سنوات. وقد تدخل هذه الإجراءات في حالة جمود عميق». ورأى المسؤول أن «التقدم في عملية سياسية مع الفلسطينيين أو تهديد حقيقي تجاه إسرائيل، خصوصاً من جانب الولايات المتحدة أو أوروبا، بمقدوره أن يوقف الإجراءات».
وأشارت «معاريف» إلى أن نتنياهو لم يتحدث مع أوباما منذ قرار الحكومة الاستيطاني الأخير، وأن الاتصالات الجارية مع الإدارة الأميركية تحصل عبر سفير واشنطن في تل أبيب، دان شابيرو.
تأتي هذه الخطوات بالتزامن مع تصديق مجلس التخطيط الأعلى في «الإدارة المدنية» التابعة لجيش الاحتلال في الضفة الغربية على إيداع خطة بناء 3000 وحدة سكنية استيطانية في المنطقة «إي 1» الواقعة بين القدس الشرقية والكتلة الاستيطانية «معاليه أدوميم».
وقال موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني إن تنفيذ أعمال البناء «لا يزال بعيداً»، وإن «إيداع خطط البناء يعني أن بالإمكان تقديم اعتراضات على مخططات البناء، وبعد هذه المرحلة تبدأ عملية تخطيط البناء». وأشار إلى أن مجلس التخطيط الأعلى في «الإدارة المدنية» عُقد فجأة، وعلى أثر أمر أصدرته الحكومة الإسرائيلية إلى منسق أعمالها في الأراضي الفلسطينية المحتلة من أجل إقرار مخططات البناء.
وزار نتنياهو براغ، أمس، لشكر المسؤولين في الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي صوّتت ضد منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الامم المتحدة. وقال في لقاء صحافي مشترك مع نظيره التشيكي، بيتر نيتشاس، إن «إسرائيل تريد الحصول على سلام حقيقي ودائم مع الفلسطينيين. هذا السلام ينبغي أن يستند الى المفاوضات الثنائية». وتابع أن «الحل دولتان لوطنين. ولا يمكن التوصل الى هذا الحل عبر قرارات أحادية الطرف». وقال إن إسرائيل «لن تضحي بمصلحتها الحيوية كي يصفّق العالم».
ومن براغ انتقل نتنياهو إلى برلين، حيث التقى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وأعرب في مقابلة مع صحيفة «داي فيلت» عن خيبة أمله من امتناع ألمانيا عن التصويت على منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الامم المتحدة. وقال «لن أكون صريحاً إن لم أقل إني أصبت بخيبة أمل بسبب خيار تصويت ألمانيا في الأمم المتحدة». وقالت «يديعوت أحرونوت» إن نتنياهو يستعد لمواجهة «توبيخ» من جانب المستشارة الألمانية على أثر قراره تنفيذ أعمال بناء استيطانية واسعة.