نواكشوط | دعت حركة «الحر»، التنظيم الموريتاني السري المناهض للرق، إلى إحداث توازن سياسي مبني على المحاصصة، يضمن للأرقاء السابقين التمثيل المناسب لحجمهم الديموغرافي في كافة مفاصل الدولة، بعد ساعات من قرار الحكومة الموريتانية تجريم الرق بموجب عقوبات جنائية مناسبة بالحبس والغرامات وعقوبات مكملة بمنع الحقوق المدنية ضد مرتكبي جرائم التعذيب والعبودية.
ورأت الحركة، في بيان، «أن أبناء الأرقاء السابقين يعانون الإقصاء والإبعاد من مصادر القرار والحرمان من الاستفادة من ثروات البلد والعمل على إبقائهم أتباعاً فقط لا شركاء، تكريساً للاختلال البنيوي المنتهج منذ تأسيس الدولة بالتواطؤ مع القوى الاستعمارية والأمم المتحدة التي ما كان لها قبول عضوية بلد يمارس فيه الرق».
ودعا البيان إلى «العمل على إنشاء هيئة وطنية ذات إمكانات كفيلة بترقية المتضررين من الظاهرة في تجمعاتهم السكنية واستحداث برنامج وطني يحظى بتشجيع خاص يعنى بترقية وتطوير ودعم التعليم في مناطقهم ويشرف على تأطير أبناء الشريحة من خلال إقامة معاهد متخصصة لتأهيلهم وتنمية قدراتهم المحلية». ودعت الحركة أبناء الأرقاء السابقين إلى اليقظة واستنهاض الهمم ورص الصفوف بهدف لمّ الشمل ووضع حد للإقصاء والتهميش والظلم الممارس ضدهم.
وطالب التنظيم، غير المعترف به في موريتانيا، السلطات بالعمل على الاعتراف دستورياً بالعرب السمر كمكونة وطنية لها خصوصيتها الاجتماعية والعمل على القضاء التام على الممارسات الاستعبادية بشتى أشكالها. وجاء في البيان أن «الحرمان الذي عاناه أبناء الطبقة طوال 52 عاماً من الاستقلال لم يعد بالإمكان السكوت عنه، لما خلفه من تهميش وإقصاء طوال العقود السالفة، ومن تحجيم وتحييد لهذه المكونة في رسم التوجهات العامة للدولة والاستفادة من خيراتها، تحييد أسهم إلى حد كبير في اعتبار الشريحة مجرد مواطنين من الدرجة الثانية يختزل دورهم في خدمة الأسياد». وتحاملت الحركة على من وصفتهم بالأسياد وحمّلتهم مسؤولية معاناة تتجسد في حضور متواضع في المجالات الاقتصادية والخدمية والسيادية.
ورأت الحركة أن العقود الخمسة الماضية من عمر الدولة الوطنية، أثبتت فشل الأنظمة المتعاقبة على الحكم في موريتانيا في وضع حد لمعاناة طبقة تمثل أكثر من نصف سكان البلد. وشددت الحركة على أن القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية عجزت عن وضع حد لمعاناة الأرقاء في مجتمع وقف كل مكوناته السياسية والثقافية والدينية موقف المتفرج حيال معاناة أبناء وطنهم.
وخلص البيان إلى دعوة الموريتانيين من العرب والأقلية الزنجية لأداء الدور الإيجابي اللازم تجاه إحداث قطيعة مع تلك الممارسات حفاظاً على السلم الأهلي وصوناً للوحدة الوطنية وضماناً لنمو وترقية البلد.
ووسط هذا الطرح، يقلل المراقبون في نواكشوط من التهميش، ويرون أن أبناء الأرقاء السابقين لم يعودوا مُقصَين كما كانوا، مستدلين على ذلك بأن منهم اليوم من تقلد مناصب أساسية وأصبح من صناع القرار، كرئيس البرلمان مسعود ولد بلخير ورئيس المجلس الدستوري، ومن تولى رئاسة الوزراء ومنهم عشرات تقلدوا مناصب وزارية من أبرزهم وزير الداخلية الحالي محمد ولد ابليل وغيره. ورأى المراقبون أن الظاهرة لم تعد موجودة، بل هناك وجود لبعض رواسبها.
وتنشط في موريتانيا عشرات من المنظمات الحقوقية، من بينها من تبنى معاناة أبناء الأرقاء السابقين، ومن أبرزهم حركة نجدة العبيد برئاسة بوبكر ولد مسعود التي تعترف بها السلطات وحركة الانعتاقية بقيادة بيرام ولد الداه.
من جهة أخرى، عُلم من مصادر مطلعة أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز يسعى عبر وسطاء إلى إجراء حوار سري مع منسقية المعارضة التي تطالب برحيله عن السلطة. وأكدت المصادر أن الرئيس أقدم على وأد مبادرة مسعود ولد بلخير مقابل تفاهمات مع رئيس الجمعية الوطنية سحب مبادرته على أثرها، لإتاحة الفرصة أمام دخول ولد عبد العزيز في مناورة حوار جديد.