تركّزت الاشتباكات والقصف الجوّي في محيط مطار دمشق وفي محيط العاصمة وأريافها. وبعد توقف تسيير الرحلات من المطار أول من أمس، أفادت مديرة مؤسسة الطيران العربي السوري أنّ حركة الملاحة عادت إلى طبيعتها، في وقت استمر فيه انقطاع الانترنت والاتصالات في معظم الأراضي السورية.
وقصفت طائرات سلاح الجوّ السوري أهدافاً للمعارضة، يوم أمس، قرب طريق مطار دمشق، فيما صرّحت شركة طيران اقليمية أنّ العنف عطّل الرحلات الدولية إلى العاصمة. وأكدت مديرة مؤسسة الطيران العربي السوري، غيدا عبد اللطيف، أنّ حركة الملاحة في مطار دمشق طبيعية. ونفت عبد اللطيف «كل ما تردّد عن اغلاق مطار دمشق الدولي»، مؤكدةً أنّ «رحلات الخطوط الجوية الجزائرية وشركة طيران العربية، والخطوط العراقية، والإيرانية، والمصرية هبطت وأقلعت في وقتها المبرمج». وكان مصدر ملاحي قد أوضح لوكالة «فرانس برس» أنّه «أُرسلت أول من أمس برقية إلى شركات الطيران، التي لا تزال تعمل على خطّ دمشق والشركة الوطنية بإلغاء رحلاتها بسبب وضع الطريق. وأرسلنا اليوم (أمس) برقية معاكسة بعد عودة الأمور إلى طبيعتها على الطريق لإعادة تسيير الرحلات».
من جهة أخرى، قال مسؤل في شركة طيران في دبي «شركات الطيران لا تنظّم رحلات إلى دمشق اليوم (أمس)». وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إنّ الطائرات تقصف أهدافاً في المناطق الريفية، في محيط عقربا وببيلا. إلى ذلك، أفاد المرصد أنّ طريق المطار مفتوح، لكن حركة المرور به ضعيفة.
وكانت السلطات السورية قد أعلنت، في وقت متأخر أول من أمس، أنّ طريق المطار آمن بعد قيام قوات الأمن بتطهيره من «الإرهابيين». وقال مصعب أبو قتادة، وهو متحدث باسم المقاتلين، «نريد تحرير المطار نظراً إلى التقارير التي نراها، والمعلومات التي لدينا تظهر أنّ الطائرات المدنية تطير إلى هنا محملة بالأسلحة للنظام. من حقنا وقف ذلك».
وانقطعت اتصالات الانترنت ومعظم خطوط الهواتف، لليوم الثاني. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان «لليوم الثاني على التوالي، الانترنت مقطوعة في كافة الأراضي السورية. في بعض المناطق يتمّ الدخول إلى الانترنت بصعوبة جداً». وأضاف «كذلك الاتصالات الهاتفية صعبة جداً».
وفي السياق، قالت مصادر لـ«الأخبار» إن الأوضاع في دمشق عادية، وإن ما يحدث هو محاولة من المقاتلين المعارضين للسيطرة على منطقة جرمانا. وأشارت إلى أن الهجمة الإعلامية خلقت حالة ضاغطة شعبياً، واشاعت أجواء رعب في العاصمة، ما دفع السلطات إلى قطع الانترنت، الذي يستخدم في كثير من الأحيان لتحديد إحداثيات لتحركات قوات الجيش.
في السياق، قال دبلوماسي في دمشق إنّه يعتقد أنّ تصعيد القتال في محيط العاصمة جزء من عملية هجومية حكومية هدفها تأمين وعزل وسط العاصمة الخاضع لسيطرة الدولة عن المناطق الريفية، التي يسيطر عليها المقاتلون في جنوب العاصمة وشرقها. وقال ناشطون إنّ الجيش السوري يقصف، أيضاً، مدينة داريا الواقعة إلى الجنوب الشرقي من العاصمة لمنع المقاتلين من تعزيز سيطرتهم على منطقة قد تعطيهم مجالاً لحرية الحركة، في جزء من طريق دائري من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي للمناطق الواقعة على الأطراف خارج العاصمة. وتابع دبلوماسي «أنا لا أعلم ما إذا كان القصف قد نجح في تقهقر مقاتلي الجيش السوري الحر، فالتجربة تظهر أنّهم يعودون بسرعة على أيّة حال». وأضاف «يبدو أنّنا ندخل مرحلة حاسمة من هجوم دمشق».
من ناحيته، أوضح مصدر أمني أنّ القوات النظامية تمكنت من «إعادة الأمن إلى الجانب الغربي من طريق مطار دمشق، إضافةً إلى جزء صغير من الجانب الشرقي، ما يسمح للمسافرين بسلكها». إلا أنّه أشار إلى أنّ «الجزء الصعب لم ينته، وهو السيطرة على كل الجانب الشرقي من الطريق، حيث يوجد آلاف الارهابيين»، مضيفاًَ إنّ «ذلك سيستغرق بضعة أيام».
وكانت «لجان التنسيق المحلية» قد أفادت، في بيان لها فجر أمس، عن «اشتباكات في محيط المدرج الغربي للمطار»، مشيرةً إلى أنّ «الثوار قصفوا ثكنة عسكرية لقوات النظام مكلّفة حماية المطار قرب حران العواميد، ووقعت اشتباكات قوية سيطر فيها الثوار على مسافة من طريق المطار بين الجسر الثاني والجسر الرابع». إلّا أنّ أيّ مصدر آخر لم يؤكد هذا الخبر.
من جهته، أفاد المرصد عن «تدمير واعطاب عدد من الآليات العسكرية التابعة للقوات النظامية، خلال الاشتباكات العنيفة التي دارت بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية، في محيط بلدات واقعة على طريق مطار دمشق الدولي»، كما أشار إلى سقوط قتلى في صفوف المقاتلين المعارضين خلال هذه الاشتباكات «لم يتمكن المرصد من توثيق أسمائهم بسبب صعوبة الاتصالات». وسقط 14 عنصراً من قوات النظام في اشتباكات ريف دمشق.
من ناحية أخرى، قتل مواطنان، منتصف ليل أمس، في انفجار لم تتّضح ظروفه في حيّ الورود في ضاحية قدسيا في ريف دمشق، بحسب المرصد. ودعت المعارضة، أمس الجمعة، إلى التظاهر تحت شعار «ريف دمشق أصابع النصر فوق القصر»، في إشارة إلى أهمية معركة ريف دمشق. وطالبت بعض التظاهرات بـ«تطهير الجيش الحر» و«الثورة».
وهتفت تظاهرة في حيّ الشعار في مدينة حلب، بحسب ما ظهر في شريط فيديو نشر على موقع «يوتيوب» الالكتروني، «بدنا الجيش الاسلامي، الجيش الحر حرامي». وهتفت تظاهرة أخرى «الشعب يريد اصلاح الجيش الحر».
ويروي سكان من مدينة حلب، بحسب ما أفادت وكالة «فرانس برس»، أنّ المقاتلين المعارضين الموجودين في المدينة غالباً ما يبتزون الناس، أو يقومون بعمليات خطف مقابل فديات، أو يفرضون خوّات على أصحاب المؤسسات.
في محافظة دير الزور، انسحبت القوات النظامية من حقل العمر النفطي الواقع شمال مدينة الميادين، بحسب المرصد، الذي أشار إلى أنّ النظام يفقد بذلك «آخر مراكز وجود له شرق مدينة دير الزور».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)