تونس | تصاعدت حدة الخلاف بين المعارضة وحركة النهضة الحاكمة على خلفية الأزمة المندلعة في محافظة سليانة، وتبادل الطرفان الاتهامات حول الاسباب التي ادت إلى اندلاع المواجهات في المحافظة. وحمّل أحزاب اليسار، وخصوصاً الجبهة الشعبية بزعامة حمة الهمامي وشكري بلعيد، واتحاد الشغل، مسؤولية العنف الدموي في سليانة للحكومة. واعتبرت قوى المعارضة ما يحدث في سليانة النتيجة الطبيعية للاحتقان الذي خلقته الترويكا في الشارع التونسي برفضها للحوار وتعنتها ومحاولات حركة النهضة السيطرة على مفاصل الدولة، فيما اعتبر الزعيم التاريخي للمعارضة التونسية، نجيب الشابي، أن السلاح المستعمل في«حرب» سليانة مخصص للحيوانات وصيد الخنزير الوحشي. اما زعيم حركة الشعب محمد البراهمي فأكد أن السلاح المستعمل في سليانة هو هدية قطر إلى تونس. التصريحات النارية لأحزاب المعارضة والمنظمات الحقوقية، اعتبرتها حركة «النهضة» مجرد مزايدة. ورأت ما يحدث في سليانة من تدبير قوى الثورة المضادة من بقايا النظام السابق واليسار الفاشل في الانتخابات. موقف ايده رئيس الحكومة حمادي الجبالي الذي اعلن في ندوة صحافية، اول من أمس، أن الشعب وحده قادر على أن يقول «ارحل» للحكومة ولحركة النهضة، «اما الاحزاب الفاشلة في الانتخابات فلا حق لها في ذلك». واتهم رئيس كتلة حركة «النهضة» في المجلس التأسيسي، الصحبي عتيق، قوى المعارضة وخاصة اليسار بالسعي إلى تحويل تونس إلى صومال جديدة.
وفي سياق الازمة، خرج أمس مئات المواطنين من مدينة سليانة باتجاه العاصمة تونس في مسيرة سلمية مشياً على الأقدام في حركة احتجاجية على العنف الذي تمارسه قوات الأمن منذ ثلاثة ايام في المدينة، في وقت اعلن فيه نواب المعارضة عن فشل مساعي التهدئة بعد أن رفض رئيس الحكومة قبول استقالة محافظ سليانة الذي تتهمه القوى السياسية والنقابية المعارضة بمسؤوليته عن الاحداث الدامية التي حولت مدينة سليانة الى مدينة منكوبة.
ولليوم الرابع على التوالي تجددت أمس المواجهات بين قوات الامن والمتظاهرين، وذكرت وكالة «الصحافة الفرنسية» أن الشرطة استخدمت وبشكل مكثف قنابل الغاز المسيل للدموع وأطلقت الرصاص في الهواء لتفريق مئات من المتظاهرين اغلبهم من الشبان، رشقوا مقر مديرية الامن في مركز الولاية بالحجارة، ورموا زجاجات حارقة على عناصر الامن. وقال عنصر أمن، طلب عدم نشر اسمه للوكالة، «لن نتردد في استعمال الرصاص الحي إن تلقينا تعليمات بذلك». ودعا نقابي بالمكتب الجهوي للاتحاد العام التونسي للشغل عبر مكبر صوت المتظاهرين إلى التفرق. وقال «عودوا إلى منازلكم، الامر خطير سيطلقون الرصاص الحي» لكن المتظاهرين تجاهلوا تحذيراته.
الوضع المحتقن في مدينة سليانة ألقى بظلاله على الشارع التونسي، إذ خرج تونسيون في اكثر من مدينة في مسيرات تنديد بقمع السلطة ودعوة وزير الداخلية للاستقالة كما تمت عمليات تخريب في مراكز أمنية تابعة للجمارك في مدينة جندوبة القريبة من سليانة.