الحسكة | لا تبدو وقائع المعارك التي تخوضها قوات «البيشمركة» الكردية في جبل سنجار (شنكال)، وتلك التي تخوضها «قوات سورية الديمقراطيّة»، وذراعها الرئيسية «وحدات حماية الشعب»الكردية، في الريف الشرقي للحسكة، منفصلة عن بعضها بعضا، من ناحية تقليص وجود تنظيم «داعش» في المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية في سورية والعراق، والتنسيق غير المعلن بين الطرفين، الذي توفره غرفة عمليات «التحالف الدولي» الداعم للطرفين، التي أدت أمس للسيطرة على مدينتي الهول وسنجار الاستراتيجتين في البلدين.
وإن كان الخلاف الكردي ــ الكردي مازال واضحاً وتجسّد بتصريحات لرئيس «إقليم كردستان العراق» مسعود برزاني بأن «شنكال تحررت بفضل دماء قوات البيشمركة»، نافياً «مشاركة أي قوة أخرى في عملية تحرير شنكال»، في إشارة منه لنفي أي وجود لقوات «الكريلا» التابعة لحزب العمال الكردستاني و«وحدات حماية الشعب» الموجودة أصلاً على اطراف المدينة منذ اقتحامها من مسلحي «داعش» منذ أكثر من عام، التي سيطرت اخيراً على 23 قرية في محيط سنجار وأطرافها الغربيّة.
إلا أن الوقائع تؤكد وجود تنسيق على الأرض بين الطرفين. العملية العسكرية في سنجار والهول أُطلق عليها اسم «معركة تقطيع الأوصال»، وتسعى لفتح جبهات عدّة لتشتيت قوة التنظيم ومنعه من التجميع والإمداد، والقدرة على المناورة، وصولاً إلى طرده من كامل المنطقة الحدودية، وهو ما يفسّر بدء «قوات سورية الديمقراطية»، عملياتها من بلدة الهول الحدودية، التي ستتيح سيطرتها التي جرت أمس على البلدة، التمدّد على طول الحدود العراقيّة، وصولاً إلى إغلاق كافة الحدود العراقية التي تربطها مع محافظة الحسكة، التي تمتدُّ على طول يقارب 200 كم من أصل 605 كم هي طول الحدود مع العراق، والتي سبق لـ«الوحدات» الكردية أن سيطرت على مساحة واسعة منها بعد سيطرتها على الحدود من بلدة ربيعة في اليعربية وتل حميس وجزعة والحد الحدودي لبلدة الهول، لتنجز بذلك سيطرة هامّة على جزء من الحدود، زادت منها أمس عمليات التقدم التي قامت بها «الوحدات» من بلدة بعاج العراقيّة الملاصقة للحدود باتجاه الهول وريفها، التي مكّنت «قوات سورية الديمقراطيّة» من قطع طريق الهول ــ الشدادي، والسيطرة على بلدة الهول شرق الحسكة، مع أفضلية التقدّم باتجاه مدينة الشدادي، احد أكبر معاقل «داعش» في سوريا، وصولاً إلى قريتي تل صفوك والعجيج على الحدود. وهو ما يتقاطع عملياً مع عمليات سنجار، التي ستحد من تنقلات «داعش» بين الموصل والرقة. الناطق باسم «قوات سورية الديمقراطية»، طلال سلو، أكد لـ«الأخبار» أن «لا تنسيق بين البيشمركة وقواتهم في المنطقة»، لافتاً إلى أن «عملياتهم العسكرية بالتعاون الوثيق مع التحالف الدولي مستمرة في محيط بلدة الهول بعد السيطرة أمس على مركز البلدة، وستستمر باتجاه آخر قرية في ريف الشدادي حتى تحرير كامل الريف الجنوبي لمحافظة الحسكة»، نافياً «أن تشمل عملياتهم حالياً سوى الحدود الإدارية لمحافظة الحسكة». عمليات «قوات سورية الديمقراطية» وقوامها الأساس «الوحدات»الكردية التي تجري بتنسيق مع «التحالف» الأميركي، تسعى لمواكبة التقدم السريع للجيش السوري وحلفائه ومن فوقهم الطائرات الروسية في ريف حلب، إضافة إلى تعزيز الحضور الأميركي في الميدان السوري لإيجاد توازن ميداني في المفاوضات المستمرة حول سوريا. إلى ذلك ذهبت مصادر معارضة الى «أن ما يجري على الحدود السورية العراقية هو مؤامرة بغطاء أميركي تسعى إلى ربط المناطق الكردية بين سوريا والعراق والاستحواذ على مناطق نفطية لإنشاء كيان كردي مدعوم أميركياً في المنطقة». وهو ما ينفيه الاكراد، مؤكدين أن العمليات ترمي إلى السيطرة على كامل الريف الجنوبي والشرقي لمحافظة الحسكة.