في جملة مواقف لافتة، أكّد الرئيس السوري بشار الأسد أنّه باقٍ في بلده وأن كلفة غزو «معقل العلمانية الأخير» ستكون أكبر من أن يتحملها العالم، فيما قال الرئيس التركي عبد الله غول أن بلاده لا تنوي إعلان حرب على سوريا، ومؤكداً أن أنقرة تجري محادثات مع «الأطلسي» حول نشر نظام دفاعي على الأراضي التركية. واستبعد الرئيس السوري فكرة مغادرته سوريا، مؤكداً أنّه يريد أن «يعيش ويموت» في سوريا، وحذّر من أنّ أيّ غزو أجنبي لبلاده ستكون له تداعيات على العالم بأسره. وقال الأسد، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» ستبثّ بالكامل اليوم، «لست دمية ولم يصنعني الغرب كي أذهب إلى الغرب أو إلى أيّ بلد آخر. أنا سوري، أنا من صنع سوريا، وسأعيش وسأموت في سوريا». وحذّر من أنّ «كلفة الغزو الأجنبي لسوريا ستكون أكبر من أن يستطيع العالم بأسره تحملها». وقال «إنّنا المعقل الأخير للعلمانية والتعايش في المنطقة»، مؤكداً أنّ «ذلك سيكون له أثر الدومينو، الذي سيؤثر في العالم من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ». وتابع الأسد «لا أعتقد أنّ الغرب يمضي في هذا الاتجاه، لكن إذا فعلوا ذلك، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بما سيحدث بعده».
في موازاة ذلك، قال الرئيس التركي، عبد الله غول، إن بلاده لا تنوي إعلان حرب ضد سوريا، لكن في حال تعرّضها للخطر فإنها ستتخذ أيّ نوع من الإجراءات. وأضاف أنّ من بين هذه الإجراءات تلك المتعلقة بالصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. وأكد أنّ أنقرة تجري محادثات مع «الأطلسي» حول نشر نظام دفاعي على الأراضي التركية لمواجهة تهديد صاروخي محتمل من جانب سوريا. ولفت إلى أنّها «تحتفظ لنفسها بحقّ امتلاك كلّ أنواع الأسلحة للدفاع عن نفسها في وجه أيّ خطر. من ناحية أخرى، تمنى الرئيس التركي أن تساهم إعادة انتخاب باراك أوباما، في دفع الأمور إلى حلّ الأزمة السورية.
من ناحيته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موقف بلاده من الأزمة السورية لا يتسبب في إفساد علاقاتها الحسنة مع العالمين العربي والإسلامي، مشدداً على حرص موسكو على المحافظة على هذه العلاقات. وقال لافروف، نواصل «الاتصالات مع زملائنا من البلدان الإسلامية»، مضيفاً «حتى ممثلو المعارضة السورية أصبحوا يعبّرون عن قناعتهم بأنه يتعيّن على روسيا أن تبقى في الشرق الأوسط لتساعد على تحقيق الاستقرار والتوازن، في مصلحة تطوّر دول المنطقة». وأشار إلى أنّ روسيا ترى ضرورة أن يأخذ العرب زمام المبادرة لحلّ الأزمة السورية، وقال إنّ موسكو تؤيد ما اقترحه الرئيس المصري محمد مرسي بهذا الشأن. ولفت إلى أن بلاده ترفض أيّ قرار يعبّّر فيه مجلس الأمن الدولي عن تأييده لأحد طرفي النزاع السوري، قائلاً إن «الذين يدعون روسيا الى تأييد قرار منتظر، يصرون على ضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد وضرورة أن تواصل المعارضة مقاومتها له». وقال «نرى أنّ من الضروري أن تأخذ البلدان العربية زمام المبادرة. ولا نسمع ولا نرى شيئاً عن نشاط جامعة الدول العربية في اتجاه حلّ الأزمة السورية الآن». ونبّه لافروف إلى أنّ حلّ المشكلة السورية دون مساعدة السعودية وتركيا ومصر وجيران سوريا، وكذلك إيران أمر صعب. وأشار إلى أنّ روسيا تعتقد أنّ الغرب يراجع نهجه تجاه المعارضة السورية.
في سياق آخر، اتهمت دمشق الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بالمشاركة مع دول وتنظيمات «ارهابية» في مخطط «لتدمير سوريا». ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» عن الناطق باسم وزارة الخارجية جهاد مقدسي قوله ان تصريحات العربي «تزامنت قبل توجهه للعاصمة القطرية الدوحة، التي تشكّل رأس حربة في جريمة سفك دماء الشعب السوري، ليقدّم العربي من جديد أوراق اعتماده لدول وتنظيمات ارهابية تسعى إلى تدمير سوريا فقط». وأشار إلى أنّ هذا الموقف «يجعل منه شريكاً وراعياً وأداة في هذا الاستهداف المفضوح». واعتبر مقدسي أنّه «ليس مستغرباً أن يكرّر العربي تصريحاته المعادية لسوريا، التي يتوهم فيها تغيير نظام سياسي لدولة مؤسسة للجامعة العربية، يعمل هو موظفاً لدى دولها».
من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن لم تتلق حتى الآن طلباً رسمياً من حلف شمالي الأطلسي لنشر صواريخ «باتريوت» على الحدود بين تركيا وسوريا. وأوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، فيكتوريا نولاند، أن واشنطن تعمل منذ عدة أشهر مع الناتو وتركيا «لبحث أشكال الدعم الدفاعي الأخرى، التي يمكن أن تحتاج إليها تركيا». وأضافت «حسب علمي، حتى اليوم لم نتلق أيّ طلب رسمي من الحلف الأطلسي، لكن وكما تعلمون، فقد قمنا في الماضي بتعزيز (دفاعات) تركيا بصواريخ باتريوت». وقالت «سننتظر طلباً رسمياً، ثمّ سيبحث الناتو الموضوع»، وتابعت «نحن بكلّ تأكيد ننظر إلى مجموعة كاملة من الأمور لضمان أن تظلّ تركيا سالمة وآمنة». من جهته، قال مكتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنّ بريطانيا تريد إعادة التفكير في خيارات نبذت في السابق، وذلك في اطار دراسة سبل لانهاء الصراع في سوريا. وقال مسؤول في مكتب كاميرون «يريد رئيس الوزراء دراسة أشياء كانت على الطاولة قبل عام ولم يشأ أن يدرسها حينذاك. إنّه يريد إعادتها إلى الطاولة». ومن بين الخيارات التي اقترحت في السابق تسليح المعارضين السوريين وانشاء مناطق آمنة داخل سوريا تفرض بواسطة القوة الجوية الغربية.
إلى ذلك، صرّح مصدر قريب من الحكومة المغربية بأنّ المغرب «حريص» على استضافة اجتماع «أصدقاء سوريا»، لكنه يأمل أن «تجتمع الشروط» المناسبة بمعارضة سورية موحدة «قادرة على لعب دور في تسوية النزاع».
وكان هذا الاجتماع مقرراً في شهر تشرين الأول، لكنّه أرجئ ولم يحدّد أيّ موعد جديد لانعقاده.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)