لا تزال الردود الإسرائيلية على مساعي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للحصول على اعتراف أممي بصفة «دولة غير عضو» في الأمم المتحدة تخضع للبحث داخل الأطر الرسمية في إسرائيل. صحيفة «معاريف» الإسرائيلية ذكرت أن خلافاً يلوح بين وزارة الخارجية ومكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من جهة، وبين الأجهزة الأمنية التي أعربت عن معارضتها فرض عقوبات على السلطة الفلسطينية من جهةٍ ثانية. هذا الخلاف يتزامن مع تدارس وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي سبل معاقبة الفلسطينيين عبر تجميد أموال الضرائب وخفض كمية تراخيص العمل فضلاً عن اقتراحات بخفض النشاط التجاري على المعابر وتأكيد وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، في مجالس مغلقة، سعيه إلى التسبب في انهيار السلطة الفلسطينية إذا ما طلبت الاعتراف بنحو أحادي.
لكن محافل في الأجهزة الأمنية تعارض هذا الخيار، مؤكدةً أهمية استمرار التعاون الوثيق مع السلطة، ولا سيما أن الاعتراف بالسلطة كـ«دولة غير عضو» هو إنجاز معنوي للفلسطينيين وليس إنجازاً ملموساً على الأرض.
في الإطار نفسه، يتوقع أن يتوجه منسق الحكومة في المناطق الفلسطينية المحتلة، اللواء إيتان دانغوت، إلى بروكسل بهدف الشرح للسفراء الأوروبيين الأسباب الموجبة لمعارضة منح الفلسطينيين صفة دولة غير عضو من جانب واحد.
من جهتها، ذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، المقربة من نتنياهو، أن نجاح السلطة في الحصول على الاعتراف بها كـ«دولة غير عضو» في الأمم المتحدة، يُمكِّنها من أن تكون عضواً في محكمة العدل الدولية في لاهاي، كي تحاسب إسرائيل على الجرائم التي ترتكب ضد الفلسطينيين. وأشارت الصحيفة إلى أن ليبرمان يعتقد أن المبادرة الفلسطينية تهدف إلى القضاء على أي احتمال لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وكشفت أن الأخير أكد هذا الأمر خلال الاجتماع الذي عقده قبل أسبوعين مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون.
وفي السياق، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، يغال بالمور، أن إسرائيل تستعد لتطويق المبادرة الفلسطينية. وكشف أن ليبرمان «استدعى سفراء إسرائيل الـ27 في أوروبا لعقد اجتماع طارئ هذا الأسبوع في فيينا»، في محاولة «لتحديد عمل دبلوماسي لدى الدول الأوروبية من أجل تطويق مبادرة عباس»، كذلك سيقوم ليبرمان «بزيارة لفيينا لهذه الغاية».
في المقابل، أعرب الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، عن ثقته بنظيره الفلسطيني، محمود عباس، مشدداً على أنه شريك في المفاوضات مع إسرائيل بغض النظر عن «اللغة التي يتخاطب بها، سواء كانت الإنكليزية أو العربية، وما يقوله يقوله قبل المفاوضات».
وبالتزامن مع الجدل داخل الأوساط الإسرائيلية، كشفت نتائج استطلاع رأي نشرتها صحيفة «هآرتس» أن الأغلبية الساحقة من الجمهور الإسرائيلي (80 في المئة) لا تعتقد بإمكانية التوصل إلى اتفاقية سلام مع الفلسطينيين. وبالتالي فإن المواقف التي أطلقها أبو مازن حول تخليه عن حق العودة، لن تحقق نتائجها المرجوة وسط الجمهور الاسرائيلي.
من جهته، أكد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، أمس، عقب لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في عمان، أن روسيا ستصوت لمشروع قرار رفع تمثيل فلسطين في الأمم المتحدة.
أما لافروف فقال: «بالنسبة إلينا، موضوع الدولة الفلسطينية ليس موضع شك، فنحن نعترف بفلسطين منذ 1988، ولدينا سفارة لها في موسكو». وأضاف: «من المهم جداً بالنسبة إلينا أن الرئيس عباس أعاد تأكيد رغبته في استئناف مفاوضات مباشرة مع إسرائيل لبحث جميع قضايا الوضع النهائي. ونحن ندعم بنحو كامل استئناف المفاوضات المباشرة».
في المقابل، رفض مساعد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، فينسنت فلورياني، تحديد موقف فرنسا قبل الاطلاع على هذا الطلب. وأضاف: «سنتخذ موقفاً أيضاً بالتشاور مع شركائنا الأوروبيين الرئيسيين».
في هذه الأثناء، أدانت السلطة الفلسطينية، أمس قرارات الاستيطان الإسرائيلية الجديدة في القدس الشرقية. ورأى الناطق باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، أن «هذا النهج الاستيطاني المستمر لحكومة الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يدفعنا إلى أخذ حقنا الكامل بالتوجه للأمم المتحدة».
وكانت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية، قد كشفت أن وزارة الإسكان والبناء الإسرائيلية طرحت عطاءات لبناء 1285 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات في الضفة. وأوضحت أن الوزارة طرحت للبناء 607 وحدات سكنية في مستوطنة بسغات زئيف، شمال غرب القدس، والمقامة على أراضي قريتي حزما وعناتا الفلسطينيتين، إلى جانب بناء 606 وحدات سكنية في مستوطنة راموت بالقدس، و72 وحدة سكنية في مستوطنة أرئيل شمال الضفة الغربية.