واشنطن | تشير التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، يوم الأربعاء، الخاصة بالمعارضة السورية إلى أنّ الحكومة الأميركية حسمت أمرها لجهة وضع هيكل قيادي جديد للمعارضة السورية. بما فيها الجماعات المسلحة، لتكون كما ذكرت أكثر تمثيلاً لأطياف المعارضة. وقالت كلينتون إنّ «الولايات المتحدة سوف تطرح بعض الأسماء والمنظمات التي يتعيّن أن تظهر أكثر بروزاً في أيّ قيادة جديدة للمعارضة في سوريا، والتي من المنتظر تشكيلها خلال المحادثات التي تجري في العاصمة القطرية اعتباراً من الأسبوع المقبل».
وأكدت مصادر سورية معارضة أن وزارة الخارجية الأميركية تلعب دوراً نشطاً في تشكيل الهيكل القيادي الجديد، كجزء من جهودها لإطاحة نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت عضو المجلس الوطني السوري، مرح البقاعي، إنّ من غير المرجح أن يلتئم الاجتماع بمشاركة عدد وازن من ممثلي المعارضة. وأكّدت أن الحكومة الأميركية قد حسمت بالفعل موقفها إزاء المجلس الوطني لجهة عدم فاعليته، مشيرةً إلى أنّ المجلس حتى الآن يعتمد في تمويله على قطر.
وكشفت مصادر أميركية أنّ الولايات المتحدة قد انخرطت خلال الأشهر الماضية في عدد من المفاوضات الدبلوماسية السرية، والتي تمخّض عنها قرار الخارجية الأميركية، ويعدّ الهدف الأساسي منه كسب تأييد الأقليات التي لا تزال تؤيد بقاء الحكم السوري. وترقى الاستراتيجية الأميركية الجديدة، التي سيتمّ الكشف عنها في اجتماع الدوحة، لتكون بمثابة «المحاولة الأخيرة» لمنع بزوغ نجم المتطرفين من خلال المعارضة، ووقف امتداد الأزمة السورية إلى دول الجوار. وتدعو الخطة الأميركية إلى أن يشمل الهيكل القيادي الجديد للمعارضة ممثلين من المجالس الثورية، والجماعات الأخرى غير المسلحة داخل البلاد. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين قولهم إنهم يتوقعون أن يشارك في اجتماع الدوحة نحو 50 من ممثلي المعارضة، أغلبهم من داخل سوريا، وسيتمّ اختيار مجلس تنفيذي يتضمن من ثمانية إلى عشرة أعضاء.
ويقول خبراء في الشأن السوري إنّ «هذه الخطة على ما يبدو وضعت الأساس لوجود اعتراف دولي بحكومة المعارضة»، غير أنّ مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى اعتبر أنّ هذه الخطة لا تزال بعيدة عن تنفيذها على أرض الواقع. ووصف المسؤول ذاته وظيفة القيادة الجديدة بأنها ستكون وظيفة ذات «توعية سياسية»، لبناء «صدقية أساسية» بين المعارضة ومؤيدي النظام السوري، إضافة إلى أنّها ستكون «وظيفة إدارية، بما في ذلك توفير خدمات مثل الكهرباء، وتنظيمها مع الولايات المتحدة وغيرها من المساعدات الخارجية».
وقال المحلّل السياسي الأميركي في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أندرو تابلر، إن «تعيين الإدارة لقادة المقاطعات والمجتمعات المحلية داخل المجلس الثوري في سوريا، إنما هو بمثابة خطوة كبيرة كان يجب اتخاذها منذ وقت طويل، لكنّه، وآخرين، أعربوا عن شكوكهم في أن تلعب المعارضة السورية الممزقة دوراً في الوحدة الوطنية الجديدة.
وبالرغم من سعي الولايات المتحدة وشركائها إلى استبعاد القادة العسكريين للجماعات السورية المسلحة من اجتماع الدوحة، إلا أنه ليس هناك أيّ ضمانة بأن تؤتى هذه الجهود الشاملة ثمارها، ولا سيّما أن المحاولات السابقة لتشكيل معارضة أكثر وحدة وتماسكاً باءت بالفشل الذريع. ويرى محللون آخرون أنّ توقيت اجتماع الدوحة «مثير للاهتمام»، إذ من المتوقع الإعلان عن نتيجة هذا الاجتماع يوم الأربعاء المقبل، أي عقب صدور نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية، وبالتالي فإن نتائج هذه المحاولة لن تصبح «قضية انتخابية» أخرى.
ورأى الأكاديمي السوري، عمرو العظم، والذي لطالما انتقد المجلس الوطني السوري، «أنهم يأملون ظهور قيادة جديدة يمكن التعاون معها، والاعتراف بها»، مضيفاً «كما يمكنها أن تزيد من الضغط على النظام السوري»، مشيراً إلى أنّه «في اللحظة التي تسير فيها الأمور بوتيرة بطيئة، فإن هناك حالة من الجمود على الجبهة السياسية وعلى جبهة القتال».