أعلنت وزارة المالية العراقية أمس موافقتها على وضع سياسة البلاد الاقتصادية تحت رقابة صندوق النقد الدولي، كشرط للحصول على قروض مشروطة من الأخير في العام المقبل. وجاء إعلان بغداد بعد مفاوضات مع الصندوق دامت 3 أيام في العاصمة الأردنية، عمّان.
وقالت أوساط قريبة من رئاسة الحكومة العراقي إن رئيس الوزراء حيدر العبادي «لم يعد أمامه من خيار سوى اللجوء إلى المؤسسات المالية الدولية لانقاذ الوضع المالي المذري في البلاد». في المقابل، أكدت مصادر معارضة للعبادي أنه «ينتظر انهيار الوضع لوضع البلاد بالكامل تحت براثن صندوق النقد الدولي. لديه وصفة جاهزة متفق عليها مع الصندوق تتضمن صرف نحو مليون من موظفي الدولة، ورفع الدعم الحكومي عن السلع الاستهلاكية».
وقال كريستيان جوتش، رئيس بعثة الصندوق النقد إلى العراق، إن الأخير وافق على برنامج مراقبة يتأكد الصندوق من خلاله بالتزام بغداد «كبح الإنفاق وخفض العجز في ميزانية العراق، الذي من المتوقع أن يقترب من 12% من النشاط الاقتصادي العام المقبل». وأوضح جوتش أن الغاية من الاتفاق خفض الإنفاق غير النفطي الأولي (أي ما عدا خدمة الدين) بنسبة 4% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، لنهاية الفترة ما بين عامَي 2014 و2016. ويأتي التزام بغداد بخفض الإنفاق العام فيما تعاني البلاد تردي البنى التحتية اللازمة لتنشيط القطاعات الإنتاجية، التي دمرها الحصار والحروب الأطلسية. وبالتالي، فإن التزام بغداد هذا من شأنه أن يقطع الطريق على إمكانية نهوض الاقتصاد، ما سيجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، الخروج من فخ الدين الذي يُدفع العراق إليه. والجدير ذكره أن بغداد أوقفت خطة لاصدار سندات دين دولية بقيمة ملياري دولار الشهر الماضي، لأن الموظِفين المحتملين كانوا يطالبون بعائد مرتفع جداً، ربطاً بالتصنيف الإئتماني المتدني للعراق.
وبحسب جوتش، «سيسمح (الاتفاق) للسلطات العراقية ببناء سجل مسار من أجل اتفاق محتمل للتمويل من الصندوق». وفي اطار البرنامج نفسه، يلتزم العراق تطبيق تدابير لـ«مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب»، وفق المفاهيم الأميركية طبعاً.
وأعلن وزير المالية العراقي، هوشيار زيباري، أن الاتفاق «أثمر عن قرض بقيمة 1.2 مليار دولار يقدمه الصندوق للعراق قبل نهاية العام الحالي، فضلا عن أثره في تحسين تصنيف العراق أمام المؤسسات الدولية، ما يقلل أسعار الفائدة على سندات الدين المنوي طرحها في السوق». وكان مسؤولاً بارزاً في صندوق النقد قد قال الشهر الماضي إن القرض الجديد سيكون أكبر «عدة مرات» من التمويل الطارئ البالغ 1.24 مليار دولار، الذي قدمه الصندوق في تموز الماضي. ونفى زيباري أن يكون للاتفاق «أي تبعات على رواتب الموظفين والإعانات الاجتماعية التي تقدمها الحكومة، أو المعونات التي تُصرف للنازحين»، معلناً أن الحكومة ستُصدر العام المقبل سندات دين إضافية بقيمة 7 تريليونات دينار، سيُطرح 5 منها في السوق المحلية، والباقي في الأسواق الدولية، وذلك لسد عجز الموازنة، البالغ نحو 22 تريليون دينار.
من جهتها، أعلنت أمس اللجنة المالية في البرلمان العراقي أن الاتفاق الذي أُبرم مع صندوق النقد الدولي جاء لإلغاء الشروط المسبقة التي وضعها الصندوق مقابل إقراض العراق. وقال عضو اللجنة، سرحان أحمد، إن «صندوق النقد الدولي وضع شروطا قاسية على العراق مقابل منحه قروضا مالية، تمثلت بقطع مفردات البطاقة التموينية عن المواطنين، ورفع الدعم عن المحروقات النفطية، وتقليص عدد الموظفين في الدولة». وقال أحمد إن «الشروط كانت قاسية ولايمكن للعراق تطبيقها، لذا لجأت وزارة المالية، وبعد بجهد كبير، للاتفاق على إلغاء الشروط السابقة مقابل مراقبة صندوق النقد الدولي للسياسات المالية والاقتصادية للعراق».
على صعيد آخر، أعلنت الهيئة القضائية في المحكمة المركزية في بغداد أمس إحالة 16 متهما بجريمة معسكر «سبايكر» إلى محكمة الجنايات المركزية. وكان تنظيم «الدولة الإسلامية» قد أعدم أكثر من 1700 جندي عراقي في معسكر تدريب، إثر دخوله مدينة تكريت واحتلال القاعدة الجوية المعروفة بقاعدة «سبايكر»، منتصف عام 2014. وألقى عناصر التنظيم ببعض الجثث في نهر دجلة، الذي يمر عبر مدينة تكريت، بينما دفن معظمها في مقابر جماعية في مكان قريب من المعسكر. وبدأت السلطات العراقية، بعد ضغوط من أسر المجندين الضحايا، بالبحث عن مواقع دفن ضحايا إحدى أكثر الجرائم وحشية في تاريخ العراق الحديث. وقد أصدرت محكمة الجنايات المركزية في العراق، في تموز الماضي، أحكاما بإعدام 24 متهما بقضية «سبايكر».
(الأخبار، رويترز، الأناضول)