حطّ المبعوث الدولي العربي المشترك، الأخضر الإبراهيمي، أمس، في طهران، ثالث محطاته الإقليمية بعد السعودية وتركيا، للتباحث في شأن الأزمة السورية، فيما ذكرت صحيفة «صندي تليغراف» أن الأخير وضع خطة لنشر قوة لحفظ السلام في سوريا قوامها 3000 جندي. وقالت الصحيفة إن الإبراهيمي، الذي تولى منصب المبعوث الدولي العربي المشترك إلى سوريا الشهر الماضي، أمضى الأسابيع الأخيرة وهو يستطلع البلدان التي ستكون على استعداد للمساهمة في قوة حفظ السلام في سوريا. وأوضحت أن من غير المرجح مشاركة القوات البريطانية والأميركية في قوة حفظ السلام في سوريا، بسبب تورطها السابق في العراق وأفغانستان.
كذلك أشارت مصادر دبلوماسية للصحيفة إلى أن الإبراهيمي استبعد إمكان استخدام قوات أفريقية لعدم توفر الموارد الكافية لديها، كما استبعد استخدام قوات من الدول العربية المجاورة لأن معظمها يُنظر إليها على أنها تدعم جماعات المعارضة السورية المسلحة.
ويتطلع الإبراهيمي بدلاً من ذلك إلى الدول المساهمة في قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على الحدود بين لبنان وإسرائيل، كونها تتمتع بالبنية التحتية والمعرفة على أرض الواقع التي تحتاج إليها أي قوة لحفظ السلام.
وبعدما أشارت الصحيفة إلى أن هذه الدول تشمل إيرلندا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، رجحت أن من المتوقع أن تمارس واحدة منها دوراً قيادياً في قوة حفظ السلام المقترحة في سوريا.
ونسبت إلى مصدر، لم تكشف عن هويته، القول «إن الإبراهيمي طلب قوائم بأسماء الدول التي يمكن أن تساهم في قوة حفظ السلام في سوريا واستبعد بالفعل عدداً منها، وهو ينظر الآن في كل الخيارات ولم يضع كل بيضه في سلة حفظ السلام، لكنه يستكشف خيار حفظ السلام بطريقة جدية للغاية».
وفي طهران، سلم وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي، أمس، الابراهيمي اقتراحاً يهدف الى انهاء النزاع في سوريا. وقال ان طهران «سلمت اقتراحها المفصل المكتوب وغير الرسمي بهدف حل الازمة السورية» الى الابراهيمي، كما ارسلته الى مصر والسعودية وتركيا.
ورحب الابراهيمي بالمبادرة الايرانية. وصرح، في مؤتمر صحافي مشترك مع صالحي، «اشكركم على هذه المقترحات، وكما قلت لكم، توجد بعض الافكار في مقترحاتكم يمكن ان تساعد بالاضافة الى اقتراحات تقدمت بها دول اخرى هي كذلك مهمة بالنسبة للوضع السوري».
وفيما يتوقع أن يتوجه الإبراهيمي اليوم إلى العراق، ذكرت صحيفة «الصباح» البغدادية شبه الحكومية، أمس، أن المالكي سيلتقي الإبراهيمي ويعرض عليه المبادرة العراقية لحل الأزمة السورية. ونقلت عن رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، حسن السنيد، قوله إن «العراق يتفاعل مع مهمة الأخضر الإبراهيمي بشكل كامل لأنه من المبادرين الى حل الأزمة السورية بالوقوف خارج محاور الصراع ويدعم الشعب السوري ولا يدعم تزويد أطراف القتال بالسلاح».
وكان الإبراهيمي قد زار أيضاً تركيا أول من أمس، حيث طغى النزاع في سوريا على النشاط الدبلوماسي في اسطنبول، تزامناً مع ارتفاع حدة التوتر بين أنقرة ودمشق. ودعا رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أول من أمس، إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي لوقف العرقلة التي تمارس بالنسبة إلى الأزمة السورية بسبب حق النقض الذي تستخدمه روسيا والصين. وقال، خلال مؤتمر صحافي في اسطنبول، «إذا كان يلزم الأمر انتظار معرفة ما سيقوله عضو أو عضوان دائمان في مجلس الأمن، فحينئذ يكون مصير سوريا فعلياً في خطر كبير»، في إشارة ضمنية إلى روسيا والصين.
من جهته، بحث وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، أول من أمس، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، في المستجدات على الحدود التركية _ السورية. كذلك حذر داوود أوغلو بعد لقاء مع نظيره الألماني غيدو فسترفيلي، من أن «انتهاكات جديدة للحدود يمكن أن تحدث»، مضيفاً «سنرد بلا تردد إذا رأينا أن أمن تركيا القومي في خطر». من جانبه، كرر فسترفيلي دعم ألمانيا لتركيا، داعياً في الوقت نفسه الى الاعتدال. وقال «نقف الى جانب تركيا، لكننا ندعو أيضاً تركيا الى إبداء ضبط النفس». في غضون ذلك، استمرت حدة التوتر بين البلدين بالتصاعد. وفي أعقاب إجبار السلطات التركية طائرة سورية على الهبوط في تركيا ومنع الحكومة التركية تحليق الطيران المدني السوري فوق الأراضي التركية، أعلنت دمشق أنها قررت «منع تحليق الطيران المدني التركي فوق أراضيها، عملاً بمبدأ «المعاملة بالمثل». وأسفت الحكومة السورية «لقرار الحكومة التركية التصعيدي والذي يستهدف بالدرجة الأولى مصالح الشعب السوري».
ولم تمض ساعات على هذا القرار، حتى أعلن وزير الخارجية التركي أن بلاده أغلقت مجالها الجوي في وجه الرحلات المدنية السورية، «كما فعلنا من قبل في وجه الطائرات العسكرية السورية». وعلق الوزير التركي على قرار السلطات السورية بالقول «تصريح السلطات السورية ليس له قيمة بالنسبة إلينا».
وبالرغم من هذا التوتر، أبدت دمشق استعدادها لتشكيل لجنة أمنية للتواصل المباشر بين سوريا وتركيا، تماشياً مع ما سبق ودعا إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل أيام. وأفاد بيان للخارجية السورية، أول من أمس، بأن الوزارة ناقشت مع السفير الروسي في دمشق «استعدادها لإنشاء لجنة أمنية سورية تركية مشتركة تتولى مهمة إيجاد آلية لضبط الأوضاع الأمنية على جانبي الحدود المشتركة في إطار احترام السيادة الوطنية لكل من سوريا وتركيا». إلا أن وزير الخارجية التركية دعا السلطات السورية إلى «الحوار مع شعبها قبل تقديم مقترحات بشأن إيجاد آلية للحوار مع تركيا حول المسائل الأمنية»، فيما أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية التركية، سلجوق أونال، أنه «إذا قدم مثل هذا الاقتراح فستنظر الجهات المعنية فيه، رغم أن هذه المبادرة جاءت متأخرة».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)