الخرطوم | لغة التصالح التي سارت عليها الخرطوم مع غريمتها السابقة عاصمة دولة جنوب السودان، جوبا، بدأ يغلب عليها طابع العواطف في نظر كثير من المراقبين.
وفي تعليق على جملة القرارات والتوجيهات التي كان الرئيس السوداني عمر البشير قد أصدرها عقب اتفاقه الأخير مع جنوب السودان، ومن بينها فتح حدود بلاده مع جارتها الجنوبية، أكد المحلل السياسي، عبد المنعم ابو إدريس لـ «الأخبار» أن «قرارات الحكومة السودانية في ما يتعلق بالتطبيع مع حكومة جنوب السودان بدا عليها طغيان لغة العواطف، وبذات الطريقة التى أديرت بها الحرب مع جوبا، ففي الحالتين لغة العواطف كانت حاضرة».

ويأتي حديث ابو إدريس فى إشارة إلي أسلوب التعبئة الزائدة الذي استخدمته الخرطوم إبان الحرب، التي اشتعلت في هجليج أواخر آذار الماضي، تلك التعبئة التي ما زالت آثارها بادية في رفض تيارات سودانية التطبيع الكامل مع جنوب السودان.

وكان الرئيس السوداني قد أصدر توجيهات عقب وداعه أول سفير لبلاده يغادر إلى دولة جنوب السودان، بفتح كافة الحدود والمعابر البرية والنهرية وبدون قيود مع جوبا «لإتاحة التواصل بين شعبي البلدين»، وهي خطوة كان مقرراً لها أن تجري بعد أن تكمل فرق فنية مشتركة بين البلدين، ووفقاً لاتفاق أديس أبابا، إجراءات قانونية في ما يتعلق بالأوراق الثبوتية لمواطني البلدين، وتأسيس مكاتب إدارية للمعابر لتولي الإجراءات المتعلقة بتنقل المواطنين عبر الحدود الدولية، وتكملة الإجراءات المتعلقة بالنقاط الجمركية حتى لا يؤثر انتقال السلع المدعومة في اقتصاد البلدين المنهكين أصلاً.

ويرى محللون سياسيون أن مجموعة تداعيات هي التي حتمت على الخرطوم الظهور بهذا المظهر، بإعلانها جملة خطوات لتعزيز الثقة، كما يبدو حالياً، وفي هذا السياق أوضحت المحللة السياسية والمتخصصة فى ملف علاقات شمال وجنوب السودان، علوية مختار ، لـ «لأخبار» أن «الخطوات التي أعلنتها الخرطوم بعيدة كل البعد عن الواقع، فعلى الأرض ما زالت جميع الخطوات تنتظر إجراءات تنفيذية من الجانبين للإسهام فى إنزال الاتفاق إلى الأرض». وبررت علوية الخطوات التي اتخذتها الخرطوم بأنها لا تخرج عن سياق الضغوط التي ساهمت في دفع الطرفين إلى التوقيع على الاتفاق، مضيفةً إن «الخرطوم ربما تهدف بقراراتها التطبيعية إلى إرسال رسائل إلى المجتمع الدولي وإلى أطراف معينة للحصول على جزرة ربما تلقت الخرطوم وعوداً بخصوصها حال التوقيع، وهي تريد استعجال الحصول على تلك المكاسب نظراً إلى الضائقة التي تعيشها».

وفي ذات السياق، أعلنت الخرطوم أن هذا الأسبوع سيشهد البداية الفعلية لعمل الفرق الفنية على الارض، للبدء بتطبيق بنود الاتفاق، وخاصة في ما يتعلق بالجانب الأمني، حيث كان من المقرر أن تجتمع لجنة عسكرية مشتركة بين وزارتي الدفاع فى البلدين، في عاصمة جوبا الثلاثاء الماضي، لكن ترتيبات فنية اقتضت تأجيلها إلى حين انعقادها في وقت لاحق في العاصمة السودانية الخرطوم.

وطالبت تيارات يمينية متشددة البرلمان السوداني بعدم التصديق على اتفاق التعاون مع جنوب السودان «إلى حين التحقق من نوايا جوبا».

وفي مقابلة مع «الأخبار»، طالب رئيس حزب منبر السلام العادل، وهو من أكبر التيارات المناهضة للتقارب مع دولة جنوب السودان، طالب الطيب مصطفى «البرلمان بعدم مناقشة موضوع الاتفاقية في الوقت الراهن، وتأجيل الموضوع سبع سنوات على الأقل، لأن الاتفاقية تتضمن قنابل موقوتة، وخاصة في ما يتعلق الحريات الأربع».