بيت لحم | اشتعلت المدن الفلسطينية في الضفة الغربية فور انطلاق الحملات الدعائية للكتل المتنافسة في الانتخابات المحلية «البلديات»، المقررة في العشرين من الشهر الحالي، وذلك رغم غياب حركة «حماس» عنها. حدة التوتر بين المواطنين زادت، وارتفعت الأحاديث المنتقدة لاقتحام الفصائل لهذه الانتخابات، فيما واجهت القوائم حالة من «السخرية» نتيجة برامجها الانتخابية التي قال البعض إن صياغتها قد عفّى عليها الزمن، ومجرد كلام غير قابل للتنفيذ. في مدينة بيت ساحور القريبة من بيت لحم، لا يتجاوز عدد المصوّتين في البلدة ستة آلاف شخص، لكن ذلك لم يمنع تنافس 9 قوائم انتخابية، 5 كتل لحركة فتح و4 لليسار الفلسطيني، أي 74 مرشحاً. المرشح عيسى الطويل من اليسار الفلسطيني أوضح لـ«الأخبار» أن غياب الانتخابات التشريعية والرئاسية جعل من الانتخابات المحلية ساحة لتحرك الفصائل الوطنية، مؤكداً أن الفصائل تبقى هي من يقدم الكفاءات التي ستخدم «البلد» في المستقبل.
وربط الطويل هذا الوضع بالوضع السياسي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، حيث اعتاد ممارسة السياسة في حياته كالأكل والشرب، كما أنه يتأثر بالتقلبات السياسية المحيطة به.
من جهته، يرى وليد الهواش، من اليسار الفلسطيني، أن الانتخابات المحلية في فلسطين تأخذ الطابع السياسي بامتياز، لأنه في عام 1976 حين جرت أول انتخابات محلية في ظل الاحتلال، أدت القوى الوطنية دوراً رئيساً في المنافسة على البلديات ضد المحسوبين في ذلك الوقت على الاحتلال، أو «الطابور الخامس».
الهواش أكد أنه بعد هذه الانتخابات، استمرت الفصائل بأداء دور رئيسي في البلديات، ولا سيما أن الشعب الفلسطيني مسيّس بغالبيته. أما المرشح راني هلال، فتحدث عن سببين رئيسيين لتدخل الفصائل. ووفقاً لهلال، فإنه رغم كون المؤسسات خدماتية، لكنّ هناك حضوراً سياسياً دائماً فيها للفصائل الفلسطينية.
أما السبب الثاني، بحسب هلال، فهو أن المجالس المحلية تعتبر واجهة البلد، وكل فصيل سياسي فلسطيني بالتالي يريد القول إنه يتمثل في هذا البلد، كما أن مثل هذه الانتخابات تعبّر عن قوة الفصيل في الشارع جماهيرياً.
من جهته، رأى جريس قمصية، أمين سر حركة فتح في بيت ساحور، أن الفصائل الفلسطينية رغم الدور السياسي والوطني الذي تقوم به، إلا أن لها دوراً تقوم به في خدمة المجتمع، رغم أن البلديات تختص في الشأن الخدماتي، كما أن الانتخابات المحلية تأخذ الطابع السياسي، لأنها سترسل رسالة سياسية، سواء بحضور الفصائل فلسطينياً، أو حتى نجاح الانتخابات في ظل السلطة الفلسطينية، ورغم وجود الاحتلال الإسرائيلي.
وفيما شُغلت الكتل المتنافسة في الرد على برامج الكتل الأخرى والطعن فيها، يؤكد قمصية أن من يراجع البرنامج الانتخابي لحركته في انتخابات عام 2005، يجد أن ما نسبته 80 في المئة من البرنامج قد تحقق. وهو ما اعتمدته الحركة في صياغة البرنامج الانتخابي الحالي، مع الأخذ في الاعتبار ما لم ينجز، ووضع خطط جديدة.
أما الهواش، فأوضح أن كل الكتل تطرح برامج وفي نيتها تنفيذ ما تطرحه، لكن عند الوصول إلى التطبيق، فإن هناك عوائق كثيرة، منها السياسية، والمالية، والاحتلال الإسرائيلي بشكل رئيسي، كما أن التقصير له علاقة مباشرة بالانتماء السياسي لهذا المجلس، رغم أن الجميع يسعى للتطبيق وليس لرفع الشعارات فحسب.
أما المواطنون فكثير منهم أبدوا امتعاضهم من الخلافات التي سبّبتها الانتخابات. وقال خالد «صارت نظرة الناس لبعض زفت لأنو اليساري بحكي على الفتحاوي والعكس صحيح»، فيما تساءل سائد «هل بعد انتهاء الانتخابات المحلية وظهور النتائج سيعود كل شيء إلى ما كان عليه؟ أم أن النزعة السياسية ستبقى حاجزاً بين المواطنين؟». أما نادر فقال «المهم أن يبقى المواطن متنبّهاً ومتابعاً لنشاطات البلدية وأعمالها، لأن ذلك سيكون بمثابة الرقابة على البلدية، كما أن المهم أن تكون الكتلة التي سوف تفوز في الانتخابات على قدر كاف من الوعي من أجل اقتصاد البلد، ونسيجه الاجتماعي».
وفي السياق، طالب الناشط جورج رشماوي، بعد اشتداد الحملات الانتخابية، جميع الكتل بوثيقة شرف يوقّعها جميع مرشحيها وتتعلق بالوضع بعد الانتخابات، على أن يتعهد رئيس كل كتلة بالتعاون مع الجميع ووضع خصومات الانتخابات جانباً.