أديس أبابا | يشكل لقاء الرئيس السوداني عمر البشير بنظيره في جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، للمرة الأولى منذ عام، فرصة تكاد تكون الأخيرة للتوصل إلى اتفاق ينهي حالة التوتر القائمة بين جوبا والخرطوم، ويسمح باستئناف تصدير النفط الذي يمثل عصب الحياة الاقتصادية البلدين. واستبق انعقاد القمة حديث الخبراء عن ثلاثة سيناريوهات سيسفر عنها الاجتماع الهادف إلى إنقاذ ما يمكن من مفاوضات القضايا العالقة بين السودانين، وخصوصاً أن الفترة الممنوحة للبلدين وفقاً للقرار الأممي 2046، انتهت أول من أمس.
السيناريو الأول يتمثل في أن يتوصل البشير وسلفاكير إلى معالجات تفضي إلى اتفاق يتجاوز العقبات التي وقفت عندها فرق التفاوض، فيما يرجح الثاني أن يمدد مجلس الأمن المهلة الممنوحة للتفاوض. أما السيناريو الثالث، والذي يحاول الجميع تفاديه، فيتمثل في طرح الاتحاد الأفريقي مقترحات وحلولاً للملفات العالقة يتبناها مجلس الأمن الدولي ويفرضها على الدولتين. ومن المتوقع أن لا يخلو هذا الطرح من عصا العقوبات على أي طرف يرفضها تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وهو ما أشار إليه القرار السابق 2046، عندما نص على استخدام القوة الدولية لحماية المدنيين في الدولتين في حال عجز البلدين عن التوصل إلى حلول وسط حول قضاياهما الخلافية.
ولعل ما يجعل الوضع أكثر تعقيداً، أن قمة البشير وسلفاكير تبدو أقرب إلى الشوط الإضافي. وفي حين من المعتاد أن تكون مهمة القمم الرئاسية، وضع اللمسات النهائية بطريقة أقرب إلى البروتوكولية على القضايا الخلافية من وضع صيغ الحلول، يبدو الأمر في هذه القمة أبعد من ذلك بكثير. وعلى رأس الأجندة أمّ القضايا الخلافية، وهي عقبة الحدود، إضافةً إلى أبيي الغنية بالنفط. في المقابل، تتمثل أهم الموضوعات التي اجتازها الطرفان في الاقتصاد والمواطنة والتنقل وغيرها من ملفات يصفها رجل الشارع السوداني «بظل الفيل». وهي ملفات ستكون على قائمة القضايا التي سيتم التوقيع عليها، بغض النظر عن تجاوز ملفي الحدود وأبيي من عدمه.
ووفقاً للمقترح الذي أصدرته الوساطة الأفريقية حول الوضع في أبيي، يفترض أن ينطلق عمل المؤسسات الانتقالية وفقاً للاتفاق الذي وقِّع بين الخرطوم وجوبا في 20 حزيران من العام الماضي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وينص المقترح على أن تتولى لجنة التسيير المشتركة المساعدة في تحديد موعد لانطلاق الاستفتاء الخاص بالمنطقة الذي كان قد جرى تأجيله.
ويرى مراقبون أن الحل الذي قدمته الوساطة الأفريقية حول ملف أبيي لم يخرج عن إطار المسكنات ولم يخاطب أساس القضية، وتحديداً مسألة من يحق له المشاركة في التصويت.
وقالت الصحافية علوية مختار، المتخصصة في ملف علاقات الشمال والجنوب، لـ«الأخبار»، إن «قضية أبيي ستظل هي خميرة عكننة لعلاقات البلدين طالما لم تخاطب الحلول أساس المشكلة. وهي مشاركة قبيلة المسيرية في الاستفتاء». وأشارت إلى أن «الأطراف الأخرى ستجد نقاط ضعف للطعن في مشاركة المسيرية في التصويت».
من جهته، قال رئيس الآلية الأمنية والسياسية، وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين، في تصريحات صحافية من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، «إن المفاوضات وصلت الى مرحلة حاسمة». وأوضح أن حكومة الخرطوم «وافقت على الخريطة الأفريقية بعد الاتفاق على ترتيبات خاصة حول منطقة 14 ميل المتنازع عليها مع دولة الجنوب». وتؤكد الخرطوم أنها وافقت على الخريطة بعدما تأكدت تماماً من عدم تأثيرها على قضية المناطق المتنازع حولها مع حكومة جنوب السودان في مواقع أخرى على الحدود.
أما مجلس الأمن الدولي، فرحب في بيان له بما وصفه التقدم الذي أحرزته مفاوضات أديس أبابا بين السودان وجنوب السودان في تضييق الخلاف بين الطرفين. وحث المجلس البلدين على مواصلة تكثيف السعي لحل القضايا العالقة المتبقية حسبما نص قرار المجلس رقم 2046 وخريطة طريق الاتحاد الأفريقي.
وشدد المجلس على أن «من مسؤولية رئيسي السودان وجنوب السودان إبداء عزيمة قيادية بناءة، وإرادة سياسية للمصادقة على التقدم الذي أحرز وإزالة ما تبقى من خلاف لضمان إنهاء المفاوضات بنجاح».