الدار البيضاء | على غير عادتها، لم تركّز الدبلوماسية المغربية تحركاتها، في الفترة الأخيرة، على قضية الصحراء، التي تأتي على رأس أولويات العمل الدبلوماسي المغربي. وكان لافتاً أن اهتمام وزارة الخارجية المغربية بالأزمة في سوريا غلب على الموضوع الصحراوي العتيد. فقد طالب وزير خارجية المغرب، سعد الدين العثماني، أخيراً، بفتح تحقيق بشأن «الانتهاكات التي يرتكبها النظام في حق الشعب السوري». وخلال شهر تشرين الأول المقبل، ستحتضن الرباط، بعد تونس وباريس، اجتماع ما يُعرف بـ«مجموعة أصدقاء سوريا»، التي يشرف عليها تحالف يضم الدول الغربية والعربية التي تريد إسقاط النظام السوري. وخلال فترة رئاسة المغرب لمجلس الأمن، في مطلع العام الحالي، كانت الورقة الوحيدة التي تقدم بها المغرب ورقة حول الأزمة السورية، وجاءت باقتراح من الدول الخليجية داخل الجامعة العربية. وفي آخر اجتماع لمجلس الأمن، بعث المغرب بوزير خارجيته لقراءة مداخلته التي أثارت حفيظة مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، الذي رد بهجوم عنيف على النظام الملكي المغربي.
هذه الخطوات عدت استثناءً في السياسة الخارجية المغربية. لقد ظل المغرب خلال السنوات الماضية ينأى بنفسه عن مشاكل الشرق العربي، مكتفياً بدور رمزي يقوم به الملك محمد السادس بصفته رئيس «لجنة القدس»، المنبثقة عن المؤتمر الإسلامي. وقد اختزل كل نشاطها في توجيه بعض الرسائل في مناسبات معدودة إلى مجلس الأمن وبعض العواصم المؤثرة في القرار العالمي، للتنبيه إلى خطورة تهويد القدس.
أما الحضور الفعلي المغربي، فتحول في السنوات الأخيرة إلى العمل الخيري من خلال مؤسسة مغربية شبه خيرية، هي «صندوق بيت مال القدس»، الذي أسسه المغرب، ويقوم بتمويله من خلال جمع تبرعات مواطنين مغاربة للقيام ببعض الخدمات الصغيرة حفاظاً على هوية القدس العربية والإسلامية.
أما النشاط الدبلوماسي المغربي في منطقة الشرق الأوسط فقد تراجع عما كان عليه في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي استثمر علاقاته الدولية الواسعة لربط اتصالات سرية مع قادة إسرائيليين عرف كيف يستخدمها لخدمة مصالح بلاده. وعند تولّي الملك الحالي الحكم عام 1999، انكفأت الدبلوماسية المغربية على نفسها. ونقل عن مقرّب من الملك الحالي قوله «تازة قبل غزة»، أي إن المغرب يضع مدينة تازة المغربية على سلم أولوياته التي تسبق اهتمامه بغزة، في إشارة إلى القضية الفلسطينية التي كانت تعتبرها الأحزاب الوطنية المغربية قضية المغرب الوطنية الأولى في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
وسرعان ما انعكست هذه الرؤية المغربية على أنشطة الدبلوماسية المغربية في منطقة الشرق الأوسط، وأصبح الحضور المغربي، حتى في القمم العربية، بروتوكولياً، بما أن الملك قاطع أغلب القمم العربية والإسلامية، واقتصر الحضور العربي في المغرب على المجال السياحي والاقتصادي، بعدما عرف المغرب في السابق بعقد الكثير من القمم العربية والإسلامية التي خرجت بعدة قرارات مهمة لا تزال سارية المفعول.
وحتى على المستوى الثنائي، اقتصرت زيارات الملوك ورؤساء الدول العربية على بعض زيارات المجاملة، أو على بعض الزيارات الخاصة لملوك دول الخليج الذين غالباً ما يفضلون المغرب لقضاء عطلهم الخاصة.
هذا الوضع تبدّل مع هبوب رياح الربيع العربي. يومها شعر المغرب بأن رياح هذا الربيع يمكن أن تتجه غرباً، فسارع إلى مسايرتها بدلاً من معاكستها حتى لا تعصف به. وفي بداية هذا الربيع، ظل موقف المغرب متذبذباً ومتردداً. ورغم أن المغرب كان من أول دول المنطقة التي حيّت على خجل الثورة التونسية، لم يصدر أي رد فعل تجاه الثورة المصرية، ولم يعلن مساندته للثورة الليبية علانية، إلا بعدما تأكد من وفاة العقيد الراحل معمر القذافي. أما ما كان يجري في اليمن، فلم يكن المغرب الرسمي معنياً به. لكن عندما بدأت رياح الربيع العربي تهب على مملكات الخليج، تحركت هذه الأخيرة لتشكيل حلف، عبارة عن نادي الملكيات العربية للتصدي لرياح التغيير. وتم اقتراح المغرب، إضافة إلى الأردن، للانضمام إلى النادي الجديد مع وعود لهما من دول الخليج الغنية بالنفط بتقديم دعم مالي لهما للصمود أمام الإعصار. ومع مرور الوقت اتضح أن ذلك الدعم المالي كان مجرد وعود فارغة.
لكن المغرب، الذي جرب قوة الحراك العربي، من خلال التظاهرات التي شهدتها عدة مدن مغربية، أدرك أهمية الحصول على المال لتهدئة الشارع. وبما أن البلد يعيش في أزمة نتيجة الجفاف وتراجع موارده الخارجية المتأتية من الاستثمارات الخارجية وتحويلات المهاجرين المغاربة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، أصبح المغرب يتشبث بكل أمل يرى فيه «خشبة النجاة» من «التسونامي العربي» الذي لم تهدأ عواصفه بعد. وجاءت الأزمة السورية بكل تعقيداتها ليجد فيها المغرب ورقة يمكن أن تقربه أكثر من مواقف ملوك وأمراء الدول الخليجية ومن عواصم القرار في الغرب، في انتظار ما يمكن أن تدره المواقف المغربية تجاه هذه الأزمة على الخزينة المغربية من أموال خليجية، يحتاج أصحابها إلى كل من يساعدهم على رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد التي يؤدي اليوم المال، قبل إرادة الشعوب، دوراً كبيراً في تحديد ملامحها المستقبلية.
7 تعليق
التعليقات
-
القومية العربية وهم،و الامةالقومية العربية وهم،و الامة الاسلامية ايضا لا احد من العرب ساند الفلسطينيين على الاطلاق كل من يحرك قضيتهم فلمصلحته هو لن يحرر الفلسطينيون ارضهم ما لم يفهمو هدا الامر العرب هم العائق الاكبر امام تحرركم و ما لم تنفضوا عنكم وهم القومية العربية سبقون اسرى لقد مضى عليكم وقت طويل و انتم تنتضرونهم،حرروا ارضكم بعيدا عنهم و دون منة من احد انهم يتاجرون بقضيتكم،لطالما تحججتم بالانضمة الفاسدة،ها قد تغير النضام المصري،فهل تغيرت نضرته لقضيتكم؟هل جد فيها جديد؟الانضمة مجرد مشجب تعلقون عليه اوهامكم،لن يحرركم الا عزيمتكم وحدكم للاسف
-
1 نقول لصاحب المقال ان النيل1 نقول لصاحب المقال ان النيل من المغرب او اي بلد اخر لن يحل مشكلة النضام السوري،فمشكله مع شعبه،فمن العبث تكرار المقالات حول المغرب،ليس فقط لانها لا قيمة لها و انما لانها لا تحل مشاكل النضام السوري 2 انت قلت ان الملك لم يكن يحضر القمم العربية،و انا اسالك،ما الدي تغير الان؟هل حصر الملك مؤتمر مكة للدول الاسلامية؟هل حصر عدم الانحياز؟الملك لازال لا يحضر هده القمم،فادن فرضيتك غير صحيحة 3 الملك لا يحضر حتى اللقاءات الدولية،و هدا دليل على انه لا يقاطع العرب و المسلمين و انما هي سياسته مع الجميع. 4 ما الدي يسوءك في استقطاب المغرب للاموال؟المغربي الحقيقي لا يغتاض من تهاطل الاموال على بلده. 5 النضام السوري يعادي مصالح المغرب مند عقود طويلة،و هو من اكبر داعمي البوليزاريو و لا يخفي الامر،افتطلب منا مساندته ضد شعبه في وقت يرفضه العالم كله؟
-
مستغربالمعلقين هم على ما أعتقد من الأشقاء المغاربة وأنا حقيقة أستغرب قولهم أن الصراع العربي الاسرائيلي لا يهمهم وأنهم جنباً إلى جنب مع فرنسا و أمريكا و (إسرائيل)!!!أتمنى أن تكون (غلطات مطبعية)
-
يا سيدي يجب ان تعلم ان النضاميا سيدي يجب ان تعلم ان النضام السوري راح خلاص، و يجب ان تعلم ان مقولة الشرق الاوسط الجديد لم يعد يرددها احد،و انت تقول ان المال اصبح هو من يقرر مصائر الشعوب،و كان الامر كان مختلفا من قبل،المال مند بدئ الخليقة هو من يسطر مصائر الشعوب، مقالك مركب على فكرة خاطئة،لان هناك دولا اخرى تساند الثورة من خارج الخليج،و انت دكرت الاردن،و هناك دول عربية غير خليجية ارسلت مقاتلين،فهل تطمع هي ايضا في المال الخليجي؟ و قولك ان المغرب لم يهتم بامور ليبيا و مصر كما اهتم بالشان السوري غير صحيح،لان المغرب اول من انضم الى الحلف الدي شكلته فرنسا لمساندة الشعب الليبي حتى ان بعض الصحف المغربية انتقدت اموقف الرسمي لتسرعه،الان نحن عضو في مجلس الامن،عدا عن ان النضام السوري عدو لجميع الانضمة العربية بما فيها المغرب،فمن الطبيعي ان نتمنى زواله،و هو زائل حتما.
-
1 ليس عيبا ان يسعي بلد ما الى1 ليس عيبا ان يسعي بلد ما الى مصالحه المادية،في السياسة ليس هناك كلمة طمع،هده مفردات اخلاقية،في السياسة نقول مصالح،و حتى البلاد الثرية تسعى الى كسب الاموال من بلدان افقر منها. 2 لم يكن و لن يكون في المغرب ثورة،هناك احتجاجات عهدها خمسون سنة كما في جميع البلاد،و المغرب لم يسايرها و انما انجز اصلاحات،و هدا ما يتير الغيض من الخارج. 3 المغرب لم يكن على قطيعة مع المشرق ليعود اليه،ان كنت تقصد الصراع العربي الاسرائيلي فلا يهمنا لا من قريب و لا من بعيد لاننا لسنا عربا،اما علاقتنا مع الخليج ففي احسن الاحوال ، 4 هل تعرف اين يوجد العاهل السعودي الان؟انه في المغرب،و هل تعلم اين كان ولي عهده الراحل؟كان يقضي نقاهته في المغرب،و هل تعلم اين قضى بن كيران عطلته؟في السعودية،نحن سمن على عسل.
-
انا اشعر بالدهول امام ماانا اشعر بالدهول امام ما اقرا،اي كيمياء عجيبة ربطت بها موضوعين لا علاقة بينهما على الاطلاق،اولا تصريح الجعفري هو الدي كان مستفزا و السلوك المغربي كان ردة فعل،و انت تتناقض اد تقول ان المغرب لم يكن يهتم بما يجري في البلاد العربية ثم تقول انه اول من حيى ثورة تونس،و الواقع ان المغرب ساند ثوار ليبيا مند بداية حراكهم و هم قالوها في المغرب،و سوريا نفسها ساندت ثورات العرب فكيف تريد من الاخرين ان لا يساندوا شعبها،لقد تسترت على نقطة مهمة تنسف ما دهبت اليه،و هي ان المغرب رفض الانضمام الى الخليجي و اعتدر بلطف،و المغرب لا يتسول ،و الخليجيون كانو و سيبقون اصدقائنا ،الى الابد،نحن لن نكون الا مع العرب و لن نكون ابدا مع الفرس و حلفهم،و نحن مع فرنسا و امريكا و اسرائيل جنبا الى جنب، و المغرب تلقى الاموال الخليجية فعلا و لم يكن الامر مجرد وعود،فهم من مل مشروع التيجيفي تحيا الصداقة المغربية الخليجية الى الابد.