جدّد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، موقف بلاده الثابت تجاه سوريا، مؤكداً عدم استعداد موسكو لأن تغيّر موقفها بشأن سوريا. وتساءل بوتين، في مقابلة تلفزيونية، «لماذا على روسيا فقط أن تعيد تقييم موقفها؟ ربما على شركائنا في العملية التفاوضية إعادة تقييم مواقفهم». ودون أن يشير الى أيّ دولة بالاسم، لمّح الى أنّ الولايات المتحدة تنتظر من المتشددين أن يساعدوا في إسقاط النظام السوري وأنّها ستندم على ذلك، مقارناً الوضع بما حدث حين أيّدت الولايات المتحدة المجاهدين الذين حاربوا القوات السوفياتية في أفغانستان خلال الحرب الباردة.
وقال «اليوم هناك من يستخدم مقاتلي القاعدة أو أناساً من تنظيمات أخرى لها نفس الآراء المتطرفة لتحقيق أغراضه في سوريا. هذه سياسة خطيرة للغاية وقصيرة النظر». وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة سجنت عدداً كبيراً من الإسلاميين المتشددين المزعومين في معتقل خليج غوانتنامو، وأنها أيضاً قد «تفتح أبواب غوانتنامو وتجعل كل سجنائه يذهبون الى سوريا ويقاتلون. إنه نفس الشيء».
ورأى بوتين أن «أول ما يمكن عمله هو إيقاف مدّ منطقة النزاع في سوريا بالسلاح، ولكن هذا مستمرّ»، مكرراً وجوب عدم اتخاذ قرارات تفرض على طرف واحد وتكون غير مقبولة بالنسبة لتطور الأحداث. وعن رد فعل هيئة الأمم المتحدة حيال الوضع في سوريا والنقد الذي يوجه إليها لأنها لم تتمكن من ضمان العمل في جبهة موحدة، قال «أنا أعتقد العكس تماماً، فإذا كانت هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي قد تحولتا الى دائرة لإصدار القرارات لصالح جهة واحدة، هذا بالفعل يعني انتهاء وجودهما كما حصل مع عصبة الأمم. ولكن مجلس الأمن والأمم المتحدة بشكل عام هما منظمة لإيجاد الحلول الوسط، وهذه عملية صعبة. ولكن فقط من نتائج هذه العملية الصعبة يمكن أن ننتظر النجاح».
وفي رد غير مباشر على بوتين، هددت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، سوزان رايس، بأن بلادها ستواصل دعم المعارضة حتى إرغام الرئيس الأسد على ترك السلطة. وأعربت عن أسفها لعدم قدرة مجلس الأمن الدولي على اتخاذ قرارات، ملقية اللوم على استخدام الفيتو المزدوج ثلاث مرات. وأكدت دعم جهود الممثل الدولي المشترك الأخضر الإبراهيمي «من اجل انتقال سلمي سياسي للسلطة».
في سياق آخر، أدانت وزارة الخارجية السورية تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان التي أدلى بها أول من أمس، ووصفتها بأنها «عدائية ووقحة». وقالت الخارجية، في بيان، إن تصريحات أردوغان «متكررة ووقحة تناولت ما يدين بحدّ ذاته السياسة العدائية للحكومة التركية تجاه سوريا وشعبها». وأضافت أن «أردوغان يتهم سوريا بالإرهاب فيما يمارس هو وحكومته هذا الإرهاب علانية بحق الشعب السوري، عبر إيواء وتدريب ودعم المجموعات الإرهابية المسلّحة». ورأت أن «دلالات السلوك العدواني لأردوغان واضحة، فهي تعبّر عن إحباطه الواضح من فشل المخطط باستهداف سوريا وشعبها».
كذلك ردّت الخارجية السورية على خطاب الرئيس المصري محمد مرسي خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب، واعتبرته «تدخلاً سافراً» في الشأن السوري. وأضافت أنّ خطاب مرسي يمثّل «اعتداءً صريحاً على حق الشعب السوري في اختيار مستقبله بنفسه دون أي تدخل خارجي»، مشيرةً الى أنّ الخطاب «أوضح بما لا يدع مجالاً للشك أنه يعكس آراء جماعة لا تمت بصلة الى حقائق التاريخ المشترك للشعبين السوري والمصري». ورأت أن كلمة الرئيس المصري «جزء من التحريض الإعلامي الذي يهدف الى تأجيج العنف الدائر في سوريا، وبهذا لا يختلف عن غيره من الحكومات التي تدعم المجموعات الارهابية المسلحة بالمال والسلاح والتدريب والمأوى، ما يجعلهم شركاء في سفك الدم السوري».
من ناحيته، قال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، عاموس يدلين، إن ضرب القوات النظامية السورية يمثّل الخيار الوحيد لوقف المجازر في سوريا. وكتب يدلين، في مقال نشرته صحيفة «اندبندنت»، أن الرئيس بشار الأسد «يستمرّ باستغلال ميْل المجتمع الدولي إلى غضّ الطرف عن تصاعد العنف في سوريا، والذي يودي بحياة المئات من المدنيين الأبرياء كل أسبوع. ومن أجل تجنب وقوع حرب أهلية، فإن تصميم الغرب على استخدام نفوذه خارج الإدانات الضعيفة والمؤتمرات العلنية والمبادرات غير الفعّالة من المرجح أن يواجه الاختبار». ولفت إلى أنّ «المعارضين للتدخل العسكري الغربي طرحوا ستّ حجج لتبرير موقفهم، أولاها هي أن سوريا لا تحتاج إلى أن تصبح عراقاً آخر، وحذّروا من أن الغرب قد يغرق في بلد مسلم آخر. وأضاف أن الحجة الثانية هي «خطر المواجهة العسكرية في سوريا استناداً إلى فرضية أن الجيش السوري يمثل تهديداً للجيوش الغربية أكبر من التهديدات التي واجهتها في العراق وليبيا. والحجة الثالثة هي غياب التوافق الدولي، والرابعة هي أن التدخل العسكري سيؤدي إلى تدهور الأوضاع بصورة أكبر». وأشار إلى أن الحجة الخامسة لمعارضي التدخل العسكري هي «تشتت المعارضة السورية وعدم وجود قيادة ناشئة لحشد التأييد المطلوب لإزاحة نظام الأسد، والحجة السادسة والأخيرة هي أن التدخل العسكري سيؤدي إلى زيادة حدة التوتر في منطقة الشرق الأوسط وإبعاد إيران عن التركيز الدولي، وتعميق الخلاف بين روسيا والصين من جهة والقوى الغربية الكبرى التي تقود المفاوضات مع طهران».
إلى ذلك، يجتمع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، اليوم وغداً، في قبرص. ويريد الاتحاد «تحسين بنية» عمله مع المعارضة السورية و«زيادة مساعداته إلى الشعب السوري واللاجئين مع المساهمة في الإعداد لانتقال سياسي»، بحسب ما أكدت وزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين أشتون في رسالة الدعوة الى الاجتماع. وفي السياق أشار دبلوماسي أوروبي إلى أنّه «كلما أسرعت المعارضة في تحويل نفسها الى محاور فعلي يصبح من الأسهل على الاتحاد الاوروبي مساعدتها»، فيما أفادت مصادر دبلوماسية فرنسية أنّ باريس ترغب في إقناع شركائها الأوروبيين بمساعدة «المناطق المحررة» في سوريا بتقديم المال والأدوية، والمعدات الطبية الجراحية أو مواد البناء إلى «اللجان الثورية» التي أنشئت فيها بعد سقوطها في أيدي المعارضة.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)