أنقرة | في الوقت الذي أصبح فيه وجود اللاجئين السوريين يثير الكثير من التساؤلات داخل أحزاب المعارضة ولدى الرأي العام، اتهم حاكم إقليم هاتاي، سيلاتين ليكسيز، أيادي ظلامية تعمل على تحريض الرأي العام من أجل خلق اشتباكات طائفية في المدينة، فيما أشار معارضون الى أن وجود جواسيس كثر في المدينة ومن عدة دول، والى أن بعض اللاجئين يتلقون تدريبات عسكرية داخل المخيمات. وتستضيف تركيا نحو 80 ألف لاجئ سوري في مخيمات محددة في المدن الجنوبية، ولكن مع ازدياد أعداد اللاجئين، يصبح الجدال الداخلي حولهم أشد شراسة. ويتوزع النازحون على 8 مخيمات، خمسة منهم في هاتاي، التي تضم مخيم «أبايدن»، والذي يثير الانتقادات، كونه يضم عناصر منشقين من الجيش السوري مع عائلاتهم.
وتقول الحكومة التركية انه نظراً لهوية هؤلاء النازحين في مخيم «أبايدن»، فإنهم يحتاجون الى حماية أكبر، ولذلك تقوم بعزله عن باقي المخيمات. لكن حزب المعارضة الرئيسي يدّعي أن السبب الرئيسي وراء عزل المخيم هو التدريبات العسكرية التي تجري في المخيم، وهو ما تنفيه الحكومة بشدة.
وقد حاول الأسبوع الماضي، نواب من هاتاي من حزب المعارضة دخول مخيم «أبايدن»، لكن منعوا من ذلك، وهو ما دفعهم الى الاحتجاج واتهام الحكومة بإدارة عمليات سرية داخل المخيم.
من جهته، اتهم رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان نواب المعارضة بإثارة الاستفزازات، مشيراً الى أنه غير ممكن دخول المخيم بشكل حر حتى وان كانوا نواباً، وهو ما أثار الكثير من النقاشات. بعدها، أعلنت وزارة الخارجية أن لجنة دراسة حقوق الإنسان البرلمانية مُنحت الإذن بدخول المخيم. مع ذلك، قال نواب المعارضة الأعضاء في هذه اللجنة إنهم لن يشاركوا في الجولة، التي جرت أمس، معللين رفضهم هذا بسببين، الأول أن وزارة الخارجية لا تملك السلطة الدستورية لإعطاء الإذن الى النواب في حالة كهذه، والثاني، أن المخيم قد أعيد ترتيبه.
وقال المتحدث باسم الحزب المعارض، هالوك كوك، في بيان، إنه «يجب عدم تجاهل المادة 92 من الدستور، التي تنص على أن البرلمان وحده يملك صلاحية إعطاء الإذن في ما يتعلق بوجود كانتونات أجنبية مسلحة. هذا انتهاك واضح للدستور، والردّ على هذا الأمر يكون من خلال المحكمة العليا».
من جهته، أكّد زميله النائب ليفنت جوك لوكالة أنباء «الأناضول» أنهم «لن يكونوا جزءاً من هذه اللعبة». وأضاف «لم يسمحوا لنا بإجراء الزيارة الأسبوع الماضي. والآن، وبعد أسبوع، أزالوا كل الأدلة من المخيم، وجعلوه جاهزاً لزيارة اللجنة. لن نقبل بذلك. لن نذهب الى مخيم أبايدن لهذا السبب».
بدوره، قال رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان التركي، أيهان أوستون، بعد زيارته مخيم «أبايدن» إن هذا المخيم لا يختلف عن المخيمات الأخرى للاجئين السوريين. وأضاف، خلال تفقده المخيم مع وفد من اللجنة «نرى بوضوح أنه لا يوجد فرق بين مخيم أبايدن والمخيمات الأخرى التي زرناها حتى الآن. أطفال وخيم. الجميع هنا. إنه مكان محصور جداً ومكتظ، لذلك ليس هناك فرق بين هذا المخيم والمخيمات الأخرى في تركيا، إلا أننا مستمرون في تفقدنا المكان».
وقال رداً على التقارير التي أشارت إلى حصول أنشطة عسكرية سرية لـ«الجيش السوري الحر» في مخيم أبايدن، إن «2764 شخصاً يقيمون هنا حالياً. و300 منهم تقريباً جنود وعناصر شرطة وموظفون حكوميون. و80% منهم نساء وأطفال. لذلك فمن المستحيل القيام بمهمة مختلفة هنا، لأن الحالة المادية في المخيمات غير مناسبة لهذا».
يُذكر أن هاتاي كانت ساحة لتظاهرات مؤيدة للرئيس السوري، بشار الأسد، حيث نظمت مجموعة مؤلفة من منظمات للمجتمع المدني تظاهرة تحت عنوان «دعم السلام وسوريا»، وهتف أفرادها «بالروح بالدم نفديك يا أسد»، و«لا للتدخل في سوريا» و«معاً ضد الفاشية». التظاهرات انتقدتها صحيفة «صباح» اليومية الموالية للحكومة، قائلة إن «الشبيحة السوريين يحاولون أن يحصلوا على موطئ قدم لهم في هاتاي، وأن منظمي هذه التظاهرة مدفوعون من قبل نظام بشار الأسد».
في مقابل هذه السجالات، قال حاكم هاتاي، في مؤتمر صحافي، إن «أيادي سوداء، ليست صديقة مع تركيا، تعمل على تحريض الرأي العام في هاتاي، بغية خلق شرخ أهلي». وأضاف «لكن شعب هاتاي لن يسمح لهذه القوى الظلامية بأن تحقق غايتها».
تحذير آخر جاء من مرست سوكمن أوغلو، السياسي السابق من الأحزاب المركزية، إذ قال في مقابلة مع صحيفة «فاتان» اليومية إن هناك مؤامرة يجري إعدادها من أجل تحقيق شرخ أهلي وتحريض السنة والعلويين في المدينة على الاقتتال. وذكر بمجزرة مارا، المدينة الجنوبية الشرقية، حيث اقتتل العلويون والسنة، وقُتل 111 علوياً وجُرح آلاف السنة والعلويين في اشتباكات طائفية عام 1978. وتساءل «هناك العشرات من الأميركيين الذين يذهبون الى مطعم «أناضولو وسط أنطاكيا كل ليلة. من هؤلاء الرجال؟ ماذا يفعلون في هاتاي؟». وأشار الى أن رجالاً فرنسيين وايطاليين يأتون أيضاً الى أنطاكيا، وأن الجواسيس الأجانب يمكن أن يُشاهدوا في كل مكان وفي وضح النهار.
بدوره، رأى الكاتب في صحيفة «راديكال» سينزيك كاندار أن النزاع السوري بات مشكلة داخلية لتركيا، وهي تتطور، وقال «قلت في وقت سابق، اذا لم يكن الأترك قادرين على إيجاد حل للمسألة الكردية، واذا لم تكن هي صادقة في حل مشكلتها العلوية، فإن قدرتها على المناورة بشأن سوريا، سوف تكون محدودة، وهذا ما يجري الآن».