كرّرت دمشق، على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم، موقفها الداعي الى وقف العنف من كافة الأطراف لحلّ الأزمة التي تعيشها سوريا. وجدّد المعلم، خلال لقائه نظيره الفيليبيني البرتو ديل روزاريو في دمشق، دعوة بلاده الى عدم التدخل الخارجي في شؤونها. وذكر بيان لوزارة الخارجية السورية أن المعلم أكد موقف سوريا الداعي الى إجراء حوار شامل «يؤدي الى مشاركة فعالة في بناء سوريا المستقبل».
من جهته، أعرب وزير خارجية الفيليبين عن تضامن بلاده مع سوريا للخروج من الازمة من خلال حلّ سياسي يلبّي تطلعات الشعب السوري، مؤكداً أنّ الفيليبين ستواصل دعمها لسوريا في المحافل الدولية.
من ناحية أخرى، دعا رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي مجلس الأمن إلى تخطي حالة الجمود حيال التعامل مع الأزمة السورية، فيما أمل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن تؤلف «حكومة بديلة» في سوريا. ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية «آكي» عن مونتي قوله، في مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي في روما، أنه «يجب علينا أن نواصل العمل معاً لتسهيل الانتقال السياسي» في سوريا، واصفاً النظام السوري بأنه «يزداد دائماً هشاشة». ووصف مهمة الموفد الدولي الجديد الأخضر الإبراهيمي بأنها «إيجابية جداً». وأضاف «ندعم هذه المهمة بالكامل»، لافتاً الى أنّ إيطاليا تعمل على «مرحلة ما بعد الأسد». وأوضح مونتي أن «نظام الأسد أصابه الضعف نتيجة انشقاقات على مستوى عالٍ»، لافتاً إلى أنّ باريس وروما «تواصلان التعاون من أجل انتقال سياسي في سوريا». من جهته، أعرب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عن تمنيه تأليف «حكومة بديلة» في سوريا، حيث قال إن «زمرة الأسد» لا تزال تواصل «المجازر».
من ناحية أخرى، أكد الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقائه رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر بيتر مورر، أنّه يرحّب بعمل هذه المنظمة في سوريا ما دامت «تعمل بشكل مستقل ومحايد»، فيما عبّر مورر عن تقديره «للتعاون الذي تبديه الحكومة السورية»، وأشاد «بجسور الثقة التي تمّ بناؤها بين الطرفين»، بحسب وكالة الأنباء السورية «سانا». وقالت المتحدثة باسم اللجنة في دمشق، رباب الرفاعي، إن لقاء مورر بالأسد كان «إيجابياً»، تناولا خلاله «الامور المتعلقة بالأولويات الانسانية وحماية المدنيين خلال العمليات القتالية».
من جهته، شدّد وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي على أن تأليف حكومة انتقالية ديموقراطية تمثّل كل مكونات المعارضة في سوريا هو أمر «ملحّ».
وأضاف الوزير الألماني، في افتتاح الاجتماع الثاني لمجموعة عمل دولية حول المستقبل الاقتصادي لسوريا، «لم يعد هناك مجال لإهدار الوقت». في موازاة ذلك، عبّر وزير الدفاع الإيطالي جانباولو دي باولا عن قدرة بلاده على المشاركة في أيّ تدخل دولي في سوريا. ونقلت وكالة أنباء «آكي» الإيطالية عن دي باولا قوله إن «المجتمع الدولي إذا ما قرر التدخل في سوريا بعد (الرئيس السوري بشار) الأسد، حتى وإن كان التدخل عسكرياً، فبإمكان إيطاليا المشاركة». وأضاف «نحن في مرحلة أولية. وأنا لا أقول إن إيطاليا ستتدخل في سوريا».
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن مسؤولية تنفيذ تهديدات «الجيش السوري الحر» في ما يتعلق باستهداف المطارات المدنية ستلقى على المنفذين ورعاتهم على حد سواء. وقالت «يعني كل ذلك من وجهة النظر الأخلاقية والقانونية أن المعارضين يقتربون من خط أحمر، سيقومون بعد تخطّيه بأعمال لا تختلف عن الجرائم التي ارتكبها تنظيم القاعدة». وأضافت «الدول التي ترعى المعارضة السورية الراديكالية وتحثّها على رفض الحوار مع السلطة، والصراع حتى النصر، تفضل ألا تلاحظ ذلك».
في السياق، قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إن بلاده تأمل ألا يرتكب أحد حماقة التدخل العسكري في سوريا، بعد الأنباء التي تحدثت عن مناقشة حلول تتضمن التدخل العسكري في سوريا. وأشار إلى أنه سيلتقي اليوم وفداً من المعارضة السورية الداخلية، برئاسة القيادي في تيار «طريق التغيير السلمي» فاتح جاموس.
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن حكومته ما زالت تعمل على وضع حد للعنف في سوريا ونقلها إلى بلد مستقر وأكثر ديمقراطية، دون أن يستبعد أي خيارات مع تفاقم الأزمة فيها. وقال هيغ، في بيان أمام مجلس العموم، حول تطورات الأوضاع في سوريا، «سنستمر بحثّ روسيا والصين للعمل معنا على إنهاء الأزمة في سوريا، والسماح لمجلس الأمن بأن يرقى إلى مستوى مسؤولياته. كذلك نعمل بشكل وثيق أيضاً مع الممثل الخاص الجديد للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي».
من جهتها، دعت وزارة الخارجية المصرية الحكومة السورية إلى تركيز جهودها على حقن دماء مواطنيها والتعاون مع الجهود الرامية إلى إخراج سوريا من أزمتها الطاحنة الحالية. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، عمر رشدي، في بيان أصدرته الوزارة، «أن مصر عندما تُبدي رأياً في الشأن السوري فإن هذا ينبع من حرصها على أرواح أشقائها في سوريا، ومما تستشعره من أسى على ما تردت إليه الأوضاع هناك من أبعاد مأساوية»، مشيراً إلى أن ما يعكس ذلك هو حرص مصر، منذ بداية الأزمة السورية، على المشاركة بفعالية في جميع الجهود والمبادرات الدولية لحقن الدم السوري ووقف عمليات القتل اليومية. ورأى «أنه لن يكون مجدياً الاستمرار باتهام كل من يحاول تقديم يد المساعدة للشعب السوري باتهامات بعيدة تماماً عن أرض الواقع».
في سياق آخر، جدّد زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، اتهام الحكومة التركية بإقامة معسكرات مخالفة للقانون الدولي تؤوي لاجئين سوريين، وتستخدم لتدريب مقاتلين في «الجيش السوري الحرّ». ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» عن كليتشدار أوغلو قوله إن «هذه المعسكرات تستخدم لتدريب مقاتلي الجيش الحر على استخدام السلاح، وتجهيزهم للعودة إلى الأراضي السورية للقتال هناك».
ميدانياً، سيطرت قوات من الجيش النظامي السوري على أعالي حيّ سيف الدولة في حلب، إثر معركة ضارية مع المعارضين المسلحين، ما سيسهل لهذا الجيش السيطرة على كامل المدينة كما يؤكد ضباط في المكان. وقال العقيد في الجيش السوري، الذي رافق الصحافيين في زيارتهم لحلب، «كانت المعركة قاسية جداً، لأن الإرهابيين كانوا يسيطرون على مركزين تجاريين عاليين على طرفي الشارع»، حيث حصلت المعركة.
وأضاف الضابط «كان لا بدّ من استخدام قوة نارية كثيفة للإلهاء وفتح الطريق أمام قوة أخرى لاقتحام البرج، ثم نشب القتال من طابق الى آخر حتى وصلنا الى الطابق الأخير حيث شاهدنا بنادق قنص متروكة». وقال قائد العمليات العسكرية في غرب حلب إنّ «السيطرة على مرتفعات سيف الدولة شكلت تحولاً في المعركة لتحرير حلب، وأعتقد أنّنا سنسيطر على هذا الحيّ بكامله خلال يومين». وأضاف «خلال عشرة أيام سنطهّر حلب».
في السياق، سيطرت المعارضة المسلحة على مقر أمني في مدينة دير الزور، إثر اشتباكات عنيفة ليل الاثنين الثلاثاء مع القوات النظامية أدت إلى قتلى، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، فيما تحدثت لجان التنسيق المحلية عن «قصف مدفعي كثيف وعنيف على أحياء المدينة، بمعدل قذيفة كل دقيقتين وتصاعد أعمدة الدخان من الأحياء السكنية في عدة مناطق فيها».
وسقط «مقاتلان من الكتائب الثائرة المقاتلة خلال اشتباكات مع القوات النظامية» في ريف دير الزور، حسب المرصد الذي لم يذكر أي تفاصيل عن طبيعة الاشتباكات ومكانها.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)