بعد الرسائل العلنية التي وجهها رئيس أركان الجيوش الاميركية، مارتن ديمبسي، ومفادها قوله «لا اريد ان أكون شريكاً في (ضرب) ايران اذا ما قرروا (الإسرائيليون) القيام بذلك»، بادر مسؤولون رفيعو المستوى في الإدارة الاميركية الى توجيه رسالة الى نظرائهم الايرانيين، عبر دولتين أوروبيتين، تشكلان قناة اتصال عند الأزمة، أكدوا فيها أن الولايات المتحدة لا تعتزم الانجرار الى المعركة اذا ما قررت اسرائيل بشكل احادي، ومن دون تنسيق معها، مهاجمة إيران، التي يتوقعون منها أيضاً، ألا تهاجم أهدافاً استراتيجية أميركية مثل «قواعد عسكرية وأسطول السفن وحاملات الطائرات التي تجوب المنطقة»، حسبما ذكرت «يديعوت أحرونوت».
في موازاة ذلك، نقلت الصحيفة نفسها عن محافل اسرائيلية تأكيدها أن العلاقات بين جهازي الأمن الأميركي والاسرائيلي، «بلغت دركاً غير مسبوق في تاريخ العلاقات بينهما». ورأت الصحيفة أن إدارة اوباما قررت تحذير أصحاب القرار في اسرائيل من النتائج الهدامة لهجوم بلا تنسيق مع الولايات المتحدة. وربطت الصحيفة بين هذا الموقف الأميركي، وبين المعارضة الشديدة لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، في اسرائيل، لأي هجوم احادي ضد ايران، وانهم ادلوا بهذه المواقف أمام رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يدرس اتخاذ سلسلة من الخطوات العلنية والسرية، بهدف «انزال اسرائيل عن الشجرة»، وإجهاض أي تخطيط اسرائيلي لمهاجمة إيران. وأضافت الصحيفة الاميركية، أن أوباما يدرس الاعلان عن «خطوط حمراء» في حال تجاوزتها طهران ستقوم الولايات المتحدة بشن هجوم على المنشآت النووية الايرانية. كما يدرس أوباما تجديد عمليات الإحباط السرية ضد المشروع النووي الإيراني. وتابعت الصحيفة أيضاً، أن مناقشات تجري في البيت الأبيض بشأن حجم التفاصيل في التحذير العلني من أوباما لإيران.
وفيما يعتقد بعض مستشاري الرئيس الأميركي أن إسرائيل بحاجة إلى ضمانات علنية بأن تكون واشنطن على استعداد للقيام بعملية عسكرية ضد المفاعلات الإيرانية من أجل منع طهران من الحصول على أسلحة نووية، يعتقد مستشارون آخرون أن إسرائيل تحاول دفع الرئيس الأميركي إلى تقديم ضمانات كهذه رغم أنه لا يوجد حاجة لها في التوقيت الحالي.
هذا ولفتت صحيفة «هآرتس» الى أنه في الأسابيع الأخيرة، أيّد عدد من المسؤولين الاسرائيليين السابقين، مثل رئيس الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين، ورئيس المجلس للأمن القومي سابقاً عوزي ديان، الإعلان عن التزام الرئيس الأميركي بوقف البرنامج النووي الإيراني. كما أشارت إلى مقالة نشرها يدلين في الصحافة الأميركية اقترح فيها على أوباما إلقاء خطاب في الكنيست، والتصريح بأنه في حال تقدمت إيران باتجاه القنبلة النووية فإن الولايات المتحدة ستعمل عسكرياً على وقفها.
في مقابل الرسائل الأميركية التي نشرتها صحيفة «يديعوت احرونوت»، رأى نائب رئيس الحكومة سيلفان شالوم، أن «عدم التوافق الوحيد الموجود بيننا وبين الولايات المتحدة هو تجاه البرامج الزمنية»، مؤكداً أن لا خلاف حول الحاجة الحقيقية لمنع ايران من التسلح النووي. وأكد أن الولايات المتحدة ملتزمة بالمصالح الأمنية والوجودية لدولة اسرائيل، ونحن قريبون من بعضنا البعض أكثر مما نعتقد.
في السياق نفسه، يصل الى اسرائيل خلال الايام المقبلة أربعة وزراء خارجية أوروبيين، الايطالي والالماني والبلغاري الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، اضافة الى وزير الخارجية النروجي. وذكرت صحيفة «معاريف» أن نتنياهو سيستغل هذه الزيارات لتوجيه رسالة سياسية مفادها أن على أوروبا فرض عقوبات شالّة على ايران، توجه مباشرة الى السكان المدنيين لدفعهم الى وقف البرنامج النووي الايراني.
وأضافت «معاريف» أن رئيس الوزراء الاسرائيلي سيؤكد للضيوف الأوروبيين أن الوقت المتبقي لمنع ايران من امتلاك سلاح نووي محدود، واذا لم تضع الاسرة الدولية خطاً أحمر أمام ايران، فلن يكون هناك مفر أمام إسرائيل سوى مهاجمتها عسكرياً بشكل احادي.
من جهة أخرى، رد رئيس أركان الجيش الاسرائيلي بني غانتس، على التهديدات الايرانية التي تدعو الى ازالة اسرائيل، بالقول ان «هذا الجيش جاهز ومستعد لكل سيناريو، وسنصل الى أي مكان في أي وقت وسندافع عن هذا الشعب». كما دعا الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز، الى عدم الاستخفاف بالتهديدات القديمة والجدية المحدقة باسرائيل «كما لا ينبغي الفزع منها»، مشيراً الى ان اسرائيل أقوى من أي وقت مضى، ولدى اسرائيل أدوات دفاع خاصة بها. وأكد أن دفاعنا ليس ساكناً وليس نمطياً.
الى ذلك، قال باراك إن وجود الاسرائيليين «وسط بحر عاصف.. يفرض علينا تحديات جسيمة» ورأى ان «الجيش الاسرائيلي سيعطي الجواب عندما تصدر الاشارة».