على هامش قمة دول عدم الانحياز المنعقدة في طهران، سالت مجموعة من التصريحات والمقابلات لقيادات إيرانية حول الأزمة في سوريا. واعتبر المرشد الأعلى للثورة الايرانية، علي الخامنئي، أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل يشكلان العاملين الاساسيين وراء ما يحصل من أحداث في سوريا. ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن خامنئي قوله، لدى استقباله رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي، أنّ «المسبّب الرئيسي للأزمة في سوريا أولئك الذين يرسلون السلاح الى داخل سوريا ويقدمون الدعم المالي للمجموعات غير المسؤولة». ووصف استمرار الاوضاع الحالية في سوريا وقتل شعبها بأنه «غير مقبول»، مضيفاً أنّ «الحكومة السورية وقع عليها الظلم في القضايا الحالية، وعليها أن توضّح وتكشف للرأي العام العربي حقائق الاوضاع وخفايا المؤامرة ضد سوريا، فضلاً عن استمرار الاصلاحات لسحب أي ذريعة من المعارضين ومختلقي الذرائع». بدوره، أشاد الحلقي بمواقف إيران، وأكّد ضرورة تفعيل دور حركة عدم الانحياز في الموضوع السوري، لافتاً الى أنّ «الحكومة السورية عازمة على التصدي للمجموعات الارهابية وتطهير كافة المناطق السورية من لوثة هذه المجموعات، وبالتزامن مع ذلك تعمل على استمرار الاصلاحات السياسية والحوار الوطني».
من ناحية أخرى، صرّح الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، خلال لقاء مع رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي، بأنّ الحكومة السورية يجب أن تكف عن استخدام أسلحة ثقيلة بعد اليوم. وقال بان «ذكرت بأنه على جميع الاطراف وقف كل شكل من أشكال العنف والجزء الأكبر من المسؤولية يقع على عاتق الحكومة السورية التي عليها الكفّ عن استخدام أسلحة ثقيلة». وأكد بان أنّ «على كل الاطراف التي تمدّ أو يمكن أن تمدّ الطرفين بالأسلحة وقف ذلك فوراً». وتابع أنّه «دعا إيران أيضاً الى العمل من أجل السلام والامن في سوريا».
من ناحيته، أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، سعيد جليلي، أن السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السورية يتمثل في الحوار. وقال، في تصريحات صحافية، إن شعوب المنطقة أضحت مدركة وواعية تجاه النوايا غير المشروعة لبعض القوى التي تتابع مآربها في المنطقة تحت غطاء الديموقراطية. وأشار جليلي، خلال استقباله مستشار الأمن الوطني العراقي فالح فياض، إلى أن حركة عدم الانحياز بإمكانها إقرار الأمن والسلام الذي يضمن مصالح الشعوب من خلال الاستفادة من إمكانات الدول المستقلة المؤثرة.
بدوره، اتهم رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، الذين يرسلون السلاح الى سوريا بتأجيج الحرب فيها. وقال، في مقابلة تلفزيونية، إن «النظام في سوريا قويّ ويستطيع الدفاع عن نفسه». وشدّد لاريجاني على أن إيران لا تخفي دعمها لأحد، وقال «عندما نقوم بدعم أحد لا نخفي ذلك. ونفخر به مثل دعمنا لحماس وحزب الله والثورات العربية». وأضاف «مازلنا إلى اليوم ندعم حماس، ولم يتغيّر دعمنا لها».
من جهته، اتهم نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد تركيا بلعب دور هدّام في سوريا، بقيامها بتدريب من وصفهم بالإرهابيين. وأشار إلى أنّه «في حالة عدم استجابة تركيا فيجب أن توضع على لائحة الدول الداعمة للإرهاب، ونعتقد أنّ ذلك يتناقض مع مصلحة الشعب التركي الذي يرفض الكثير من سياسات حكومته تجاه سوريا، ونأمل أن تعود الحكومة التركية الى رشدها وأن تعود العلاقات لأنها خسرت كثيراًَ نتيجة مواقفها». كما أوضح أنّ المال الذي يقدّم «للإرهابيين» سوف «لن ينعكس سلبياً على سوريا فقط، بل سينعكس على كل المنطقة بما في ذلك دول الخليج بشكل أساسي، ويجب عدم تجاهل ذلك لأنه يهدد الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط». في السياق، جدّدت روسيا والصين الدعوة إلى تفعيل المسيرة السياسية في سوريا بمشاركة الحكومة والمعارضة، استناداً الى قرارات مجلس الأمن الدولي. وأشار بيان لوزارة الخارجية الروسية، في ختام لقاء نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف مع السفير الصيني في موسكو لي هوي، إلى أن الطرفين تبادلا الآراء حول القضايا الرئيسية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا مركّزين على الوضع في سوريا وحولها. وأضاف البيان أن الطرفين أشارا إلى ضرورة «الوقف الفوري لإراقة الدماء» في سوريا، وتشغيل «المسيرة السياسية بمشاركة الحكومة السورية والمعارضة على أساس القرارات التي اتخذها مجلس الأمن الدولي» بهذا الصدد، وخطة المبعوث الدولي السابق إلى سوريا كوفي أنان واتفاق جنيف لمجموعة العمل حول سوريا.
بالمقابل، قالت المعارضة السورية، بسمة قضماني، إن معارضي الرئيس بشار الأسد بحاجة إلى ملاذ آمن يتمتع بحماية أجنبية في سوريا، حتى يمكنهم تشكيل سلطة انتقالية جديرة بالثقة. ورأت، في مقابلة مع وكالة «رويترز»، أنّه «ينبغي أن تكون قاعدة هذه الحكومة الانتقالية داخل سوريا في المناطق المحررة». ولفتت إلى أنّه يمكن تأسيس مثل هذه السلطة خلال ثلاثة أشهر بحماية أجنبية.
وفي إطار مساعي إقامة المنطقة الآمنة، قال دبلوماسي تركي لوكالة «فرانس برس» إن تركيا ستواصل جهودها من أجل اقامة مناطق محمية في سوريا للاجئين السوريين، رغم التحفظات التي وردت بشأن هذا الموضوع في مجلس الامن الدولي. وأضاف الدبلوماسي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، «سنواصل حضّ الاسرة الدولية على التحرك. ليس هذا وضعاً يمكن لتركيا معالجته بمفردها، بل فقط بدعم الاسرة الدولية». الا أنّه أكد عزم تركيا، رغم كل شيء، على مواصلة استقبال اللاجئين الذين يحتشدون بازدياد على حدودها هرباً من المعارك.
إلى ذلك، قال نائب الرئيس العراقي الملاحق بتهم «الإرهاب»، طارق الهاشمي، إن زيادة هجمات حزب العمال الكردستاني في تركيا، هي ورقة ضغط يلعبها النظام السوري، وتدعمها قوى إقليمية. وأشار الهاشمي، في مقابلة صحافية، إلى أن التصعيد بعمليات الحزب المحظور في تركيا هو «الثمن الذي تدفعه تركيا لتحالفها مع الشعوب وليس الأنظمة في المنطقة. وأتوقع المزيد من الهجمات التي سينفذها حزب العمال الكردستاني».
وقال الهاشمي إن الحكومة العراقية تزوّد النظام السوري بكافة أنواع الدعم. كما اتهم حكومة نوري المالكي بإرسال «عناصر ميليشيات عراقية لمساعدة النظام السوري في مجازره»، مشيراً الى أن «الجيش السوري الحر اعتقل بعضاً من هؤلاء العراقيين وجعلهم يعترفون أمام الكاميرا. وبعض البنوك العراقية ترسل الدعم المالي لسوريا منتهكة الحظر الاقتصادي».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)