هيمن ملفّا النووي الإيراني والأزمة السورية على أعمال قمة دول عدم الانحياز التي أعلن الرئيس محمود أحمدي نجاد اختتامها، مسلّماً «رئاسة القمة القادمة الى فنزويلا». وتبنى بيانها الختامي وثيقة تؤكد عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول و«اضفاء الطابع الديموقراطي» على مجلس الامن الدولي. كذلك شدّد اعلان طهران على رفض قضايا التمييز العنصري ومعاداة الاسلام، والاسلاموفوبيا، وأكد على ضرورة نزع السلاح النووي، كما دعم حق إيران بامتلاك تقنية نووية سلمية.
وتبنى إعلان طهران دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وشدد على رفض الحظر الاحادي الجانب على الدول. ويدعو الاعلان الى عدم الاستغلال السياسي لموضوع حقوق الانسان.
وأكد ممثلو الدول الأعضاء الـ120 المواقف التقليدية لهذه الحركة، التي تمّ انشاؤها خلال الحرب الباردة رداً على هيمنة الدول العظمى، مشددين على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول في إشارة الى سوريا، و«اضفاء الطابع الديموقراطي» على مجلس الأمن الدولي، وإدانة العقوبات الآحادية، ودعم قيام دولة فلسطينية، ونزع الأسلحة النووية.
ورغم أن ثلاثين رئيس دولة أو حكومة فقط شاركوا في القمة، فان طهران اعتبرت أن عقدها دليل على فشل الجهود الغربية لفرض عزلة عليها بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. لكن ملف إيران النووي ألقى بظلاله على القمة.
من ناحيته، قال وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي، إن القضية الفلسطينية تمثل المحور الأساس في الوثيقة الختامية لقمة طهران لحركة عدم الانحياز.
ونقلت وكالة «أنباء فارس» عن صالحي قوله «إن الوثيقة الختامية لقمة طهران تمّ اعدادها بادخال بعض التعديلات وفقاً لرؤية جميع الدول المشاركة في القمة وسيتمّ التصويت على هذه التعديلات».
وتابع صالحي «أن ما يلفت الانتباه في هذه الوثيقة هو التركيز على القضايا المثيرة للاهتمام من قبل الدول المتحالفة، وعلى رأس هذه القضايا القضية الفلسطينية».
وفي السياق، قال الرئیس الإيراني محمود أحمدي نجاد، إن دعم إیران لفلسطین یشكّل السبب الرئیسي لممارسة الغرب الضغوط علیها، مبدياً استعداد بلاده لتقدیم أي دعم في إطار تحقیق التفاهم والمصالحة الوطنیة بين الفلسطينيين.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) أمس، عن نجاد قوله خلال لقائه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، علی هامش قمة طهران، أن «كل ضغوط الأعداء وتعاملهم السيئ مع الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة منذ انتصار الثورة الإسلامیة ولحدّ الآن، مردّه الی أنّ إیران ساندت القضیة الفلسطینية والفلسطینیین بشكل حاسم».
وأعلن نجاد عن استعداد إيران «لتقدیم أي دعم في إطار تحقیق التفاهم والمصالحة الوطنیة بین الأخوة الفلسطینین»، قائلاً «القضیة الفلسطینیة تعدّ الیوم أهم قضایا المنطقة، وإن هذه الأهمیة اكتسبت حتی طابعاً دولیاً وأصبح العالم برمّته یرتبط بشكل ما مع هذه القضیة».
وأضاف «إننا حریصون علی جمیع الفلسطینیین ولا نقبل بأي خلاف بین الفصائل الفلسطینیة المختلفة».
وتوجّه الى رئیس السلطة الفلسطینیة قائلاً «متی ما كانت لدیكم ولدی باقي الأخوة الفلسطینیین في الفصائل المختلفة الجهوزیة، فإننا سنستقبلكم بحفاوة في إیران لتجلسوا الی طاولة الحوار لتحقیق التفاهم والوحدة بین جمیع الفلسطینیین».
بدوره، اعتبر رئيس السلطة الفلسطينية أنّ قمة حركة عدم الانحياز سجلت نجاحاًَ كبيراً لإيران. وقال عباس لوكالة «فارس» إن «طهران حققت الكثير في هذا المؤتمر وبالتالي نجحت في تنظيمه».
في غضون ذلك، تحدث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في مؤتمر صحافي عقده في مطار مهر آباد الدولي في طهران، عن «الفرصة الكبيرة التي حصلت عليها إيران، ما أدى الى احراز مكانة سياسية على الصعيد الدولي، ما يؤكد الدور الريادي والقيادي لهذا البلد»، حسبما نقلت وكالة «فارس».
وأضاف أن هذه القمة كانت الفرصة الملائمة لإيران كي تلعب دوراً في نشر مفهوم الاعتدال ومسيرة البناء في ما يتعلق بقضايا المنطقة والعالم، مشيراً الى أن زيارته لإيران كانت مثمرة ومفيدة، وأنه أجرى مشاورات مع العديد من المسؤولين الايرانيين والزعماء الآخرين في العالم. لكن بان من ناحية ثانية، دعا النظام الايراني الى الافراج عن مئات المعتقلين السياسيين. وقال في خطاب ألقاه في معهد العلاقات الدولية في طهران أول من أمس، «طلبت من السلطات خلال زيارتي الإفراج عن مسؤولي المعارضة والمدافعين عن حقوق الانسان والصحافيين والناشطين الاجتماعيين بهدف خلق أجواء من حرية التعبير ونقاش منفتح» في المجتمع.
من جهة ثانية، أعلن المدير العام لمكتب التعاون الدولي في مصلحة الجمارك الايرانية، محمد حسين باغ عنايت، عن توقيع إيران على اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجال التعاون الجمركي مع نحو 30 بلداً عضواً في حركة عدم الانحياز.
وأفادت وكالة أنباء فارس، بأن باغ عنايت‌ أعلن ذلك موضحاً أن الكثير من هذه الاتفاقيات تمّت الموافقة عليها في مجلس الشورى الاسلامي، كما أيدها مجلس صيانة الدستور. ولفت المسؤول الايراني إلى أنّ طهران وقّعت على اتفاقيات في هذا المجال مع جمهورية أذربيجان، وأوزبكستان، وتركمانستان، وبيلاروسيا، وأفغانستان، وباكستان، وسوريا، وقطر، والكويت، ولبنان، وإثيوبيا، والجزائر، وكينيا، ونيجيريا، وإندونيسيا، والهند، وكوبا والاكوادور.
وأضاف أن إيران وقّعت على مذكرات تفاهم للتعاون في المجالات الجمركية مع فنزويلا، وماليزيا، ونيكاراغوا، والفيليبين، وفيتنام، واليمن، والسعودية، وعمان، والعراق، والامارات والاردن.
(فارس، مهر، أ ف ب، يو بي آي)