لم تزد الرواية الأميركية والبريطانية، عن إمكانية وجود قنبلة تسببت في إسقاط الطائرة الروسية في مصر، الباحثين عن سبب الكارثة سوى حيرة، ولكن الجهات الرسمية في كل من القاهرة وموسكو طلبت التمهل، قبل أن يستدرك المسؤولون في لندن وواشنطن أبعاد التصريحات التي أطلقت أول من أمس.
الكرملين رد أمس بالقول إن «ادعاءات إسقاط الطائرة الروسية المنكوبة بقنبلة» في صحراء سيناء (شمال شرق مصر) عارية من الصحة وليست إلا تكهنات». وقال المتحدث الرسمي، ديميتري بيسكوف، إن «الجهة الوحيدة التي تحدد أسباب وقوع الطائرة، هي لجنة التحقيق، التي لم تعلن بعد السبب الحقيقي لسقوط الطائرة». وهذه اللجنة المشار إليها، تضم ممثلين معتمدين من روسيا، وإيرلندا، وفرنسا وألمانيا، إلى جانب مصر.
الموقف نفسه عبرت عنه القاهرة أمس، عبر وزير الطيران المدني، حسام كمال، الذي قال إن فرضية تفجير الطائرة لا تستند إلى «شواهد أو بيانات»، مضيفا: «جميع المطارات المصرية تطبق المعايير الدولية في التأمين والسلامة وتخضع لمراجعات دورية من سلطة الطيران المدني المصري وهيئات التفتيش الدولية».

قال كيري إن ما
يحكى عن تقديرات أميركية لا يعبّر عن موقف بلاده

في الوقت نفسه، قالت الخارجية المصرية إن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أبلغ نظيره المصري، سامح شكري، أن ما يتردد بشأن تقديرات استخبارية أميركية لأسباب سقوط الطائرة الروسية لا يعبر عن موقف إدارة بلاده. ولحق ذلك تصريح للمتحدث باسم البيت الأبيض، قال فيه، إن الولايات المتحدة لم تجر تقييمها الخاص بشأن السبب في سقوط الطائرة، «لكننا لا نستطيع أن نستبعد أى شيء بما في ذلك احتمال حادث إرهابي».
برغم ذلك، تقدم الروس نحو خطوة إضافية أعلنت في وقت لاحق، على لسان رئيس «الوكالة الروسية للنقل الجوي»، ألكسندر نيرادكو، الذي قال إن لجنة فرعية تابعة لفريق التحقيق في كارثة الطائرة الروسية في سيناء «ستتولى دراسة احتمال وقوع عمل إرهابي على متن الطائرة». وأوضح نيرادكو أن اللجنة التي ستضم خبراء جنائيين «ستتولى البحث عن آثار لمواد متفجرة على حطام الطائرة والحقائب وجثث القتلى». لكنه قال: «فريق التحقيق لا يركز حاليا على فرضية ما منفردة لأسباب المأساة، بل يواصل عمله الدؤوب لتحديد جميع ملابسات الكارثة».
في غضون ذلك، لم يتمكن فريق البحث الروسي لليوم الثاني على التوالي من الوصول إلى مكان تحطم الطائرة بسبب هبوب عاصفة رملية قوية. كما قال نيرادكو إنه جرى تفريغ محتويات الصندوق الأسود الخاص بتسجيل بيانات التحليق، مشيرا إلى أن الصندوق الأسود الثاني، الذي يسجل مكالمات مقصورة القيادة «تضرر بصورة ملحوظة»، لكنه رجح أن يتمكن الخبراء من الحصول على تسجيلاته قريبا.
على الصعيد المصري، تواصلت المطالبة بضرورة عدم استباق الأحداث بشأن التحقيقات. وقال المتحدث باسم الرئاسة، علاء يوسف، أمس، في تعقيب على قرار الحكومة البريطانية تعليق رحلاتها بين بريطانيا وشرم الشيخ: «كنا نتمنى الانتظار حتى نهاية التحقيقات»، وذلك بعد يوم من تحفظ الخارجية المصرية على التصريح البريطاني ووصفه بأنه «مثير للاندهاش».
كذلك لم تخل زيارة الرئيس، عبد الفتاح السيسي، إلى بريطانيا من الحديث عن ذلك، قائلا إن «السلطات البريطانية سبق أن طلبت قبل عشرة أشهر الاطمئنان على إجراءات الأمن في مطار شرم الشيخ، والحكومة المصرية تفهمت الطلب البريطاني ووافقت على استقبال خبراء بريطانيين للتأكد بأنفسهم من سلامة الإجراءات الأمنية في شرم الشيخ ومطارات أخرى».
لكن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، دافع عن القرارات التي اتخذتها حكومته، مشددا على أن دوره الأساسي هو «حماية أمن الرعايا البريطانيين». وقد أعلنت لندن في وقت سابق أمس وقف جميع الرحلات من شرم الشيخ، كما غيرت إرشادات السفر لرعاياها بأنه لا داعي لزيارة شرم الشيخ إلا للضرورة القصوى.
وتقول الأرقام إن نحو 20 ألف سائح بريطاني عالقون في مصر عقب إعلان بلادهم تعليق رحلاتها الجوية، فيما أعلن مكتب رئيس الوزراء البريطاني في وقت متأخر أمس عودة الرحلات الجوية بدءا من اليوم الجمعة، وسط إعراب كاميرون عن تفهمه للمخاوف المصرية من تأثير قرار بلاده السابق في وضع السياحة في مصر.
إلى ذلك، قالت شركة «لوفتهانزا» الألمانية إن رحلاتها الجوية إلى القاهرة لن تتأثر، وإنها ستنظم رحلات جوية لإعادة المسافرين الموجودين في شرم الشيخ، في وقت أصدرت فيه الخارجية الألمانية «تحذيرا جزئيا» من السفر إلى مصر.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)