شهدت أحياء عدة في مدينة حلب، يوم أمس، اشتباكات عنيفة بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية التي تشن منذ يوم السبت هجوماً لاستعادة السيطرة على المدينة. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» بأنّ «الهجوم الشامل على مدينة حلب يتواصل»، لافتاً إلى أن الاشتباكات تأخذ طابع «حرب شوارع شاملة». وأوضح أنّه «ليس كل التعزيزات العسكرية التي استقدمها النظام الى حلب تشارك في المعركة»، مشيراً الى أنّ «جزءاً كبيراً منها مهمته فرض حصار على المدينة بهدف عزل الاحياء التي يسيطر عليها الثوار عن مناطق ريف حلب».
وأضاف أنّ «الاشتباكات العنيفة تتواصل في حي صلاح الدين، حيث تستخدم القوات النظامية المروحيات في قصف المنطقة»، إضافة الى «مدخل مخيم الحندرات للاجئين الفلسطينيين الذي تقع بالقرب منه قاعدة للدفاع الجوي». ولفت الى وصول المعارك الى وسط مدينة حلب، وتحديداً حلب القديمة، حيث «يحاول الجيش النظامي استرجاع حي باب الحديد». وأوضح أنّ أحياء السكري، والفردوس، وجسر الحاج تشهد اشتباكات بين القوات النظامية والمعارضين.
من ناحيتها، أوردت وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا» أنّ «قواتنا الباسلة تكبد المجموعات الارهابية المسلحة في حي صلاح الدين بحلب خسائر فادحة».
وفي السياق، اتهمت صحيفة «الوطن» السورية تركيا بدعم «جهاديين» في حلب من أجل استعادة حقبتها العثمانية. وتحت عنوان «الجيش يبدأ تطهير حلب وسوريا من الجهاديين»، كتبت الصحيفة أنّ القوات السورية بدأت «عملية بالغة الدقة في مدينة حلب لاجتثاث الارهاب الذي اجتاح بعض مناطقها ولإعادة فرض سلطة القانون وتحرير الحلبيين من قبضة ال‘إرهابيين». وأضافت أن مقاتلين من جنسيات مختلفة يقاتلون في حلب «في معركة تريدها تركيا وقطر والسعودية أن تكون فاصلة في مسار مشروعها لتدمير سوريا، وتراها تركيا تاريخية لاستعادة حقبتها العثمانية، من خلال سقوط حلب في أيدي جماعات موالية لها». وأضافت أنّ «الجهاديين أخطأوا مرة جديدة في العنوان. فالحلبيون لن يسمحوا لهؤلاء أو لأي مرتزقة آخرين بدخول مدينتهم، وما يحصل سينتهي خلال ساعات بتعاون الجيش والحلبيين الذين باتوا يداً واحدة في مواجهة الارهابيين ومشروعهم الفاشل مسبقاً».
في المقابل، دعا قائد المجلس العسكري لمدينة حلب في «الجيش السوري الحر»، العقيد عبد الجبار العكيدي، إلى إنشاء «منطقة حظر جوي» في سوريا، مشدداً على أن مدينة حلب ستكون «مقبرة لدبابات» الجيش النظامي. وقال العكيدي «نقول للغرب أصبح لدينا منطقة عازلة ولسنا بحاجة الى منطقة عازلة، بل نحتاج الى منطقة حظر جوي فقط، ونحن قادرون على إسقاط هذا النظام». ورأى أن الجيش النظامي «لا يستطيع الوصول الى حلب إلا عبر الطائرات والمدفعية البعيدة وقصف المدينة وتدمير البيوت، لكن كدخول الى المدينة فإنه لا يستطيع». وقال «نحن متحصنون في كل أحياء المدينة، ولدينا أسلحة مضادة للدروع والطائرات المروحية». ولفت الى أن استراتيجية قواته في حلب تقوم على «إيماننا بالنصر وبعدالة قضيتنا ومعنوياتنا العالية»، ورأى أن النظام «لا يجرؤ على إخراج الجنود من الثكنات العسكرية، لأنه بمجرد خروج هذه العناصر فهم يلجأون الى الانشقاق والهروب من هذا النظام».
من جانبه، أكد وزير الداخلية السوري محمد الشعار، مساء السبت، في أول ظهور له بعد إصابته في الانفجار الذي استهدف مقر مكتب الأمن القومي في دمشق، أنّ «جيشنا الباسل وأمننا الساهر سيقتلعان الإرهاب بكل أشكاله، وسيعيدان الأمن والاستقرار إلى ربوع سوريا». ووجّه الشعار رسالة إلى كل من يحمل السلاح «بالعودة إلى رشدهم»، داعياً إياهم الى «إدراك أنهم ليسوا إلا وقوداً يستثمرهم الآخرون في مخططهم لضرب استقرار بلدهم».
ميدانياً، تنفذ القوات النظامية في ريف دمشق حملة مداهمات في منطقة الشيفونية، بمحيط مدينة دوما ومعضمية الشام والسبينة، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وفي مدينة حمص، يتعرض حيّ الخالدية لقصف عنيف من قبل القوات النظامية السورية، في حين اقتحم مقاتلون معارضون «مبنى نقابة المهندسين في حي باب هود وسط مدينة حمص، بعد اشتباكات مع القوات النظامية». وقال المرصد إن «اشتباكات عنيفة تدور قرب مقر الجيش الشعبي في مدينة إدلب، بينما قتل مدنيان بعد منتصف ليل السبت الأحد إثر القصف الذي تعرضت له بلدة حيش في ريف إدلب»، فيما ذكرت وكالة الأنباء السورية أن اشتباكات بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة دارت في مناطق عدة في ريف إدلب قرب الحدود التركية.
وقالت الوكالة إن قوات الأمن لاحقت «مجموعات إرهابية مسلحة في قرى ومزارع بلين، وبيلون، وكفر روما، في ريف إدلب وألحقت بها خسائر كبيرة». وأشارت «إلى تدمير سيارات للإرهابيين مزودة برشاشات ومصادرة أسلحتهم». وتابعت الوكالة أنّ «الجهات المختصة اشتبكت، أيضاً، مع إرهابيين في المزارع المحيطة بإدلب وقرية قورين، وأدى الاشتباك إلى إيقاع خسائر في صفوف الإرهابيين». كذلك ذكرت الوكالة أنّ «قوات حرس الحدود أحبطت محاولة مجموعة إرهابية مسلحة التسلل من الأراضي التركية الى سوريا، بالقرب من موقع عين البيضا في جسر الشغور».
في موازاة ذلك، دعا «المجلس الوطني السوري» إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الامن «لبحث الوضع في كل من حلب ودمشق وحمص، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوفير الحماية اللازمة للمدنيين من عمليات القصف الوحشية». كذلك حثّ «الدول الصديقة للشعب السوري على التحرك الجادّ والفاعل من أجل فرض حظر لاستخدام الطائرات من قبل النظام، وإقامة مناطق آمنة توفّر الحماية لنحو مليونيْ نازح». ولفت المجلس في بيانه الى أن «النظام السوري يقوم بتطويق مدينة حلب بالدبابات والمدفعية وآلاف العناصر، تمهيداً لاقتحامها وارتكاب مجازر فيها»، موضحاً أن القوات النظامية تستخدم «الطائرات المروحية في ضرب الأحياء السكنية والمناطق المأهولة». وأكد المجلس أنّه «يجري اتصالات حثيثة لتوفير الدعم اللوجستي للكتائب الميدانية المدافعة عن حلب ودمشق وباقي المدن المحاصرة والمستهدفة»، داعياً «كافة السوريين في المهجر والأشقاء العرب للمساهمة في توفير التمويل اللازم لحملات الإغاثة والدعم الإنسانية».
في سياق آخر، لجأ أكثر من 12 ألف سوري الى الجزائر منذ شهر، بحسب مصدر قريب من وزارة الداخلية الجزائرية. وتدرس الجزائر إمكانية السماح لهؤلاء السوريين بالإقامة مؤقتاً في وسط العاصمة وإحدى ضواحيها الشرقية في مدارس شاغرة بسبب العطلة الصيفية، بينما، افتتح في الاردن، أمس، أول مخيم رسمي للاجئين السوريين. وأعلن وزير الخارجية الأردني ناصر جودة افتتاح المخيم في الزعتري، الذي يتّسع لإيواء ما يصل الى 120 ألف شخص.
وفي السياق، ذكرت وكالة «أنباء الأناضول» التركية أن 207 سوريين، بينهم 5 ضباط عبروا الحدود إلى تركيا. وقالت الوكالة إن عقيداً ونقيباً ورائداً وملازمَين سوريين من بين العسكريين النازحين إلى تركيا، وقد وصلوا إلى مشارف قرى كوشاكلي، وبوكولمز، وكافالجك في إقليم «هاتاي».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)