أصبحت حلب محوراً حاسماً في النزاع في سوريا، حسبما يعلن طرفا النزاع. إذ استمرت الاشتباكات في يومها الثامن، وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن رشاشات المروحيات استهدفت عدة أحياء في حلب، أمس، فيما تستعد القوات النظامية لشن هجوم حاسم على المقاتلين المعارضين. وأفاد المرصد بأنّ «أحياء صلاح الدين، والأعظمية، وبستان القصر، والمشهد والسكري تتعرض لإطلاق نار من رشاشات الطائرات الحوامة». وتحدث عن دوي انفجارات في حيي الفردوس والمرجة، واشتباكات في محطة بغداد، وحي الجميلية، وساحة سعد الله الجابري. وفي حي صلاح الدين، يستعد مئات المقاتلين المعارضين لمواجهة هجوم كبير تعد له قوات النظام من أجل استعادة الأحياء، التي خرجت عن سيطرتها. وأفادت وكالة «فرانس برس» عن تحصينات من أكياس الرمل، وحافلة تعترض طريقاً لإغلاقها ومراكز للعلاج أقيمت في أقبية مدارس وفي مساجد في الحي نفسه. وقال مصدر أمني سوري للوكالة إنّه «استكمل تقريباً انتشار وحدات الجيش في محيط حلب»، مشيراً الى أن «المتمردين ينتشرون من جهتهم في الأزقة الصغيرة، ما سيجعل المعركة صعبة جداً».
من جهتها، أفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن أنّ «الجهات المختصة اشتبكت، أمس، مع مجموعات إرهابية مسلحة كانت تتحرك من دارة عزة باتجاه مدينة حلب لارتكاب أعمال التخريب والقتل، وتمكنت من تكبيدها خسائر كبيرة». ونقلت «سانا» عن مصدر، في محافظة حلب، قوله «إن الجهات المختصة، وبناءً على معلومات من الأهالي نصبت كميناً للمجموعات الإرهابية على الطريق المذكور، وتمكنت من تدمير خمس سيارات بيك آب مجهزة برشاشات، تحوي إحداها عبوات ناسفة، وقتل وإصابة من فيها من الإرهابيين.
وميدانياً أيضاً، أعلن المرصد عن اشتباكات في مدينة معرة النعمان بين القوات النظامية السورية ومعارضين مسلحين هاجموا حاجز مبنى بلدية معرة النعمان. وفي دير الزور، تتعرض أحياء الجبيلة، والعرضي، والشيخ ياسين والبعاجين، والحويقة للقصف من قبل القوات النظامية السورية، بينما تدور اشتباكات عنيفة في حيّ طريق السد، الذي اقتحمته القوات النظامية في درعا.
وتعرضت بلدة يلدا، جنوب دمشق، «لإطلاق نار من رشاشات الحوامات»، بحسب المرصد، الذي أشار الى محاولة القوات النظامية «فرض سيطرتها على البلدة» التي لجأ إليها عدد كبير من المقاتلين المعارضين، بعد انسحابهم من أحياء دمشق، التي استعادت قوات النظام السيطرة عليها، ما تسبب بمقتل شخص.
وخرجت تظاهرات في «جمعة انتفاضة العاصمتين»، التي دعت إليها المعارضة، بحسب المرصد السوري. كما انطلقت تظاهرات في بلدات في ريف حلب «طالبت بإسقاط النظام ونصرة المدن المنكوبة ومحاكمة قتلة الشعب السوري». وذكرت «لجان التنسيق المحلية» أن قوات النظام أطلقت النار على تظاهرة خرجت في حيّ الخالدية، من جامع الغفران في حلب.
من جهة ثانية، عثر على جثمان إمام مسجد آمنة، الشيخ عبد اللطيف الشامي، في حيّ سيف الدولة في حلب، الذي كان اغتيل على أيدي مجهولين. وقتل 59 شخصاً في أعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا، أمس، بينهم 27 مدنياً و17 جندياً وخمسة مقاتلين معارضين، كما قتل عشرة أشخاص في مدينة درعا، بينهم مقاتلون ومدنيون، بحسب المرصد.
في سياق آخر، لم يستبعد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جورج ليتل، وجود بعض «المتطرفين» بين المقاتلين السوريين، لكنه اعتبر أنه لا يجب تضخيم دور تنظيم «القاعدة» في سوريا. وأردف ليتل، في مؤتمر صحافي عقده في البنتاغون، «نحن ندين الهجمات المرتبطة بالقاعدة بأشد العبارات، ونحن نفهم أنها موجودة، وقد عبّرنا عن اعتقادنا أن الحكومة العراقية والقوات الأمنية قادرة على مواجهة التحديات التي يشكلها التنظيم». وأكد ليتل أن الولايات المتحدة تعمل عن كثب مع العراقيين والحكومات الأخرى بالمنطقة لإعاقة وهزيمة وتفكيك «القاعدة»، مشدداً على أن أميركا ستستمر بملاحقة هذه المجموعة «الإرهابية» حيثما وجدت. وقال إنه قد يكون للقاعدة عناصر في سوريا، «لكن لا يجب أن يظن أحد أنّ لديها موطئ قدم مهماً وكبيراً أو حتى قوياً». كما شدّد على ضرورة مغادرة الرئيس السوري بشار الأسد للحكم، حتى يقرر السوريون طريقهم بأنفسهم. وأعرب عن أمله «في أن يكون مستقبل سوريا أكثر إشراقاً مما نراه الآن».
في السياق، نفت وزارة الداخلية العراقية، يوم أمس، ما تردد عن تدفق عناصر من تنظيم القاعدة من العراق الى سوريا. ونقلت «شبكة الإعلام العراقي» عن وكيل الوزارة أحمد الخفاجي قوله إن «حرس الحدود بالتنسيق مع الجيش العراقي أغلقوا جميع المنافذ، التي من الممكن أن يهرب منها تنظيم القاعدة إلى سوريا». وكانت منظمات دولية قد تحدثت عن تدفق عناصر القاعدة من شمال العراق إلى سوريا.
على صعيد آخر، حذّر مصدر في هيئة الأركان العامة للقوات المسلّحة الروسية، أمس، من أن أيّ محاولة للهجوم من قبل المعارضة السورية المسلّحة على قاعدة تزويد السفن الروسية بالمؤن والوقود في طرطوس، على الساحل السوري، ستواجه برد حاسم. ونقلت وكالة «أنتر فاكس» عن المصدر قوله «إذا ما قرّرت المعارضة السورية المسلّحة تنفيذ تهديداتها حول إمكان الهجوم على قاعدة طرطوس، فإن القوات البحرية الروسية في المنطقة لديها الإمكانات الكافية للردّ الحاسم عليه». وأضاف «ننصح الرؤوس الحامية في المعارضة السورية بعدم القيام بهذا العمل». وحسب قوله، فإن «الجانب السوري قد اتخذ كل الإجراءات الدفاعية اللازمة لحماية أمن القاعدة أيضاً». وكان أحد ممثلي «الجيش السوري الحر» قد هدّد في وقت سابق بالهجوم على القاعدة الروسية في طرطوس.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)