نيويورك | كان مستغرباً طرح مجموعة من الدول العربية، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي الشهرية أول من أمس، وضمن بند الحالة في الشرق الأوسط، مشروع قرار تنوي مناقشته والتصويت عليه في الجمعية العامة في مطلع الأسبوع المقبل يختص بخطر السلاح الكيميائي السوري. ففي جلسة البند المختص بمعالجة القضية الفلسطينية وإنهاء احتلال إسرائيل الأراضي العربية منذ عام 1967، قُدم طرح يتطابق مع الطرح الإسرائيلي ــ الأميركي ــ الأوروبي، لأنه يضع الموضوع الكيميائي السوري في موقع أكثر تهديداً لأمن المنطقة من الترسانة النووية الإسرائيلية ويقوض الضغط العربي المستمر منذ عام 2003 الرامي إلى تجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي الإسرائيلي.
القرار العربي يتجه نحو تحديد مناطق عازلة داخل سوريا «للحفاظ ولإنقاذ المواطنين السوريين» من مخاطر كيميائية. ويطالب بمقاطعة عالمية لسوريا على الصعد الدبلوماسية والاقتصادية.
هذا الموقف العربي لقي صداه لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة، التي بدأت بيانها على لسان المنسّق روبرت سري، من بلغاريا بدلاً من التركيز على الشأن الفلسطيني، فأدانت استهدافت السياح الإسرائيلييين ولم تدن قرار هدم 8 قرى فلسطينية في الضفة. واكتفت بادانة الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة.
وبعد غياب عن الصورة دامت عدة أشهر، أطل مندوب السعودية، عبد الله المعلمي، على قاعة المجلس مندداً أولا بالاستيطان الإسرائيلي الجامح وبالممارسات التعسفية بحق الفلسطينيين قبل أن ينتقل إلى الساحة السورية. وبنى على «جرائم ومجازر ارتكبت في الحولة والتريمسة السوريتين»، والتي لا تزال التحقيقات الدولية حول هوية مرتكبها غير قاطعة، ليؤكد أن الدول العربية حسمت أمرها وقررت تحميل الجمعية العامة للأمم المتحدة مسؤوليتها بعد أن وقفت دول نافذة في مجلس الأمن ضد أي قرارات، مانحةً بذلك الحكم السوري ورقة بيضاء للقتل. المعلمي تحدث باسم المجموعة العربية بكاملها رغم أن الدول التي دعمت هذا التوجه لم تشمل لبنان والعراق والأردن وسوريا.
من جهته، اتهم المندوب السوري، بشار الجعفري الدول التي تدّعي حرصها على القانون الدولي وحقوق الإنسان بأنها تمنح إسرائيل حصانة غير شرعية ضد كل جرائمها المرتكبة في الأراضي العربية المحتلة على مدى عقود من الاحتلال.
وفي موضوع التدخل الخارجي المسلح في بلاده، اتهم الجعفري أطرافاً سياسية لبنانية، بتمويل وتسليح وإيواء مجموعات إرهابية ودفعها إلى سوريا للقيام بأنشطة ارهابية بهدف دفع الأمور نحو المزيد من المواجهات مستثنياً لبنان الرسمي من هذا الاتهام. كذلك اتهم دولاً خليجية، على رأسها قطر والسعودية، ودولاً أخرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا بتقديم «دعم عسكري ومالي واعلامي مباشر، وتزويد هذه المجموعات بمعدات متطورة، تلعب دوراً كبيراً في تسهيل تنفيذ العمليات الارهابية».
وعرض الجعفري وثيقة من أصل عدة وثائق رفعها إلى مجلس الأمن تحتوي على 110 حالات موثقة لعمليات تهريب أسلحة من لبنان إلى سوريا، وانتقد الأمانة العامة لعدم التطرق إليها في تقاريرها رغم أنها موثقة بالصور والصوت والأسماء. وتحدث الجعفري عما وصفها «حالة الهستيريا التي تسود قناتي الجزيرة والعربية» وكذلك بيانات مسؤولي قطر والسعودية وغياب الموضوعية فيها عن مقاربة هذين البلدين للأوضاع في بلاده. وأضاف، «كان حرياً بالدبلوماسيتين السعودية والقطرية دعم خطة (كوفي) أنان ووثيقة جنيف بدلاً من التآمر عليهما لإفشالهما بهدف الدفع باتجاه التصعيد ضد سوريا ومصالحها في الجمعية العامة بعد أن فشلوا في ذلك في مجلس الأمن». ووعد الدولتين بربيع لديهما بدعوته حكومتي قطر والسعودية إلى «الانكباب فوراً على تلبية مطالب شعبيهما ومعارضتيهما في الداخل والخارج». وأشار إلى أن السعوديين يعانون الأمرين من قمع السلطات العسكرية والامنية في منطقتي القطيف والعوامية.
أما نائب المندوب الإسرائيلي، حاييم واكسمان، فحذر مما وصفه بخطر إرهاب إيران وحزب الله على الشرق الأوسط والعالم، وعلى العالم في حال امتلكت إيران السلاح النووي. ولم ينس السلاح الكيميائي السوري الذي عدّ استخدامه خطاً أحمر من شأنه إحداث تحولات كبرى في المنطقة. واعتبر أن «الشرق الأوسط ربما يقف عند أهم تقاطع طرق في تاريخه منذ نهاية الحرب العالمية الأولى».
أما المندوب الروسي، فيتالي تشوركين، فهاجم الولايات المتحدة وحلفاءها بسبب عملهم خارج إطار الشرعية الدولية سواء من حيث العقوبات أو الدعم العسكري للمعارضة والمنظمات الإرهابية. وحمّلهم مسؤولية «العواقب الكارثية» للأزمة ولتلك الممارسات. وقلل من أهمية اللغط حول السلاح الكيميائي السوري مؤكدا أن سوريا ستبقى ملتزمة بنحو تام بالمعاهدات الدولية التي انضمت إليها منذ عام 1968.