غزة | بدأ وفد من الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزّة، برئاسة اسماعيل هنية، أمس، زيارة رسمية لمصر سعياً وراء تحرّك فعلي لرفع الحصار عن القطاع الساحلي، فيما يبدو أن ملف المصالحة تراجع على سلّم الأولويات الفلسطينية، وخصوصاً على وقع استعدادات السلطة في رام الله إجراء انتخابات محلية لن تشارك فيها «حماس»، التي رأتها ابتزازاً اشتركت فيه السلطة مع واشنطن وتل أبيب. وكما غاب ملف المصالحة عن لقاء الرئيس الفلسطيني زعيم حركة «فتح»، محمود عباس، مع الرئيس المصري محمد مرسي، أواخر الأسبوع الماضي، يبدو أن الملف سيهمش أيضاً في اللقاء الأول الذي سيجمع هنية بمرسي اليوم، بحسب ما أكد مصدر في حكومة «حماس».
وقال هنية قبيل مغادرته معبر رفح البري «نحن في زيارة مهمة لمصر لتهنئة مرسي، وأيادينا بيضاء وجعبتنا ممتلئة بملفات متعلقة بالشأن الفلسطيني»، مضيفاً «سنتحدث حول كثير من الأشياء من أهمها الكهرباء»، حيث يعاني القطاع من أزمة حادة في الكهرباء، وسط تحذيرات متنامية من «انفجار شعبي محتمل». وقال مصدر مسؤول في حكومة هنية، فضل عدم ذكر اسمه لـ«الأخبار»، إن الأخير والوفد المرافق سيعقدان خلال الزيارة التي تمتد لثلاثة أيام، سلسلة لقاءات مهمة في القاهرة مع القيادات المصرية الجديدة، أبرزها لقاء مرسي ورئيس حكومته المكلف هشام قنديل. وأشار الى أن «الوفد يحمل في زيارته خطة عمل لحل ما يواجهه قطاع غزة من أزمات بما يشمل مجالات الكهرباء والوقود وعمل أنفاق التهريب، إضافة إلى ملف إعادة إعمار القطاع والمشاريع الاقتصادية» بين القطاع ومصر. وأوضح أن الوفد سيطلب من القيادة المصرية اتخاذ خطوات عملية تجاه حلّ هذه الأزمات، على أن يكون المطلب الرئيسي مرتكزاً على فتح معبر رفح البري بشكل دائم والمضيّ في خطط إقامة منطقة تجارية حرة على الحدود مع القطاع.
ويضم الوفد الحكومي 18 شخصية، بينهم وزراء الخارجية والاقتصاد والإسكان والصحة ونواب في المجلس التشريعي. وتنظر «حماس»، بأهمية بالغة إلى زيارة هنية للقاهرة، وتعوّل من خلالها على رفع الحصار السياسي المفروض على حكومتها، بحسب المصدر الحكومي.
وقال المصدر نفسه إن هنية سيسعى إلى تمتين العلاقات مع مؤسسة الرئاسة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين من خلال عرض كل آفاق التعاون الثنائي، بما في ذلك تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود مع قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.
وفي الوقت نفسه، قلل المصدر من أهمية حضور ملف المصالحة الوطنية على طاولة المباحثات بين مرسي وهنية، معتبراً أن الأولوية في الوقت الراهن لدى «حماس» وحكومتها هي المضيّ في ملفات رفع الحصار بالكامل وإعادة إعمار القطاع. واستقبل مرسي أواخر الأسبوع الماضي الرئيس عباس، في أول لقاء بينهما منذ فوزه برئاسة مصر، وبعد 24 ساعة من ذلك التقى وفداً من «حماس» برئاسة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل. وأعلنت الحركة عقب اللقاء أنها تلقت تعهدات جدية من الرئيس مرسي بالعمل على رفع الحصار كلياً عن القطاع.
وفي مؤشر على تراجع المصالحة، انتقد القيادي في حركة «حماس» صلاح البردويل، إعلان الرئيس عباس لوفد تجمع الشخصيات المستقلة برئاسة منيب المصري، عزمه على إجراء الانتخابات المحلية في الضفة في موعدها في تشرين الأول المقبل، معتبراً ذلك عملاً هدفه ابتزاز «حماس» وإعادة إنتاج «نظام دايتون» في الضفة. ورأى البردويل أن قرار عباس «لا علاقة له بالمصالحة». وقال «هذه ورقة لابتزاز حماس، ومحاولة اتهامها بأنها لا تعترف بالديموقراطية».




اعتبر القيادي في حركة «حماس»، صلاح بردويل (الصورة) أن قرار الرئيس محمود عباس بإجراء الانتخابات المحلية في موعدها بتشرين الأول في الضفة الغربية «لن يغير الصورة في الضفة التي باتت منطقة عسكرية تابعة للجنرال (الأميركي كيث) دايتون وتحت حماية الإسرائيليين وتحت قمع أجهزة الأمن، وهي بالتالي منطقة تابعة لفتح، ولا شأن لحماس بها». وقال إن إجراء الانتخابات المحلية «هو محاولة فاشلة لإعادة إنتاج هذا النظام، ولعبة سياسية لإظهار السلطة كما لو أنها مؤمنة بالديموقراطية». وأضاف البردويل «كان بإمكان السلطة بدل هذه الخطوات الأحادية أن تشيع الحرية في الضفة، وأن تتخذ قرارات سياسية لصالح القضية كوقف المفاوضات مع الاحتلال والتفكير في تنفيذ المصالحة».