في موقف هو الأعلى سقفاً منذ خروجه من سوريا، دعا العميد مناف طلاس، في بيان مصور بثته قناة «العربية»، السورييين إلى التوحد «لخدمة سوريا ما بعد بشار الاسد»، مطالباً «بفعل المستحيل من أجل الحفاظ على وحدة سوريا وضمان الشروع في بناء سوريا الجديدة التي لا تقوم على الانتقام والاقصاء أو الاستئثار». وأكد طلاس أنه يتحدث «ليس كمسؤول بل كأحد أبناء سوريا. أحد أبناء الجيش العربي السوري الرافض للنهج الإجرامي. لهذا النظام الفاسد»، و«بصفته مواطناً سورياً يفخر بخدمته في الجيش السوري»، لافتاً إلى أنه «أياً كانت الأخطاء من قبل البعض في الجيش السوري، واجبنا اليوم كسوريين التوحد من أجل هدف واحد لجعل بلادنا حرة ديموقراطية دون أن نهدمها، سوريا أكبر من الأفراد».
وأضاف «يجب أن تكون ثورتنا ثورة على الفساد والطغاة دون هدم النسيج الديموغرافي، ولا يجب هدم المؤسسات»، داعياً إلى أن «نتوحد جميعاً من أجل سوريا موحدة ذات نسيج متماسك ومؤسسات ذات استقلالية». وهو ما أثار ردود فعل مرحبة من قبل قيادات في المعارضة السورية، رأت في إعلان طلاس تطوراً ايجابي يجب التعامل معه.
في موازاة ذلك، أعادت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أمس، إحياء الحديث عن منطقة عازلة، مستندةً إلى ما قالت إنها مكاسب على الأرض تحققها المعارضة، في إشارة على ما يبدو إلى السيطرة على المعابر الحدودية مع تركيا، التي قد تؤمّن الأرضية لذلك.
وقالت كلينتون «يجب أن نعمل عن كثب مع المعارضة لأنه يجري كسب المزيد والمزيد من الأراضي، وسيؤدي ذلك في نهاية الأمر الى ملاذ آمن داخل سوريا سيوفر حينئذ قاعدة لمزيد من التحركات للمعارضة». وأضافت: إن الوقت حان الآن للتخطيط «لليوم التالي»، وحثت المعارضة على التفكير في الطريقة التي قد يحكمون بها البلاد وكيفية تجنب أعمال انتقام طائفية.
في المقابل، رأت كلينتون أن «الأوان لم يفت بالنسبة إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد كي يبدأ التخطيط لعملية انتقالية لإيجاد سبيل لوضع نهاية للعنف من خلال بدء المناقشات الجادة التي لم تحدث حتى اليوم». وأضافت «نحن نعمل عبر الكثير من هذه الركائز المهمة لانتقال حتمي. سيكون من الأفضل إذا حدث ذلك عاجلاً لأن عدداً أقل سيقتل أو يصاب، وأيضاً لأنه ربما يمنع انتقاماً طائفياً».
ويأتي كلام كلينتون بعد سيطرة معارضين على منافذ حدودية مع تركيا والعراق، ووسط أنباء عن تنفيذ أنقرة لمنطقة عازلة جواً، بحيث تمنع المروحيات السورية من الاقتراب من الحدود. وأشارت مصادر في أنقرة إلى سلسلة لقاءات عسكرية عقدها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في الأيام الماضية، كان آخرها اجتماعاً طارئاً مع رئيس الأركان التركي الجنرال نجدت أوزل لتقويم آخر التطوّرات حول القضية السورية.
وبحسب مصادر في اسطنبول، فإن أنقرة تترقب الوضع على الحدود، وتسعى إلى زيادة أعداد اللاجئين إلى 100 ألف لتبرير أي تحرّك باتجاه الأراضي السورية. وتضيف المصادر أن الأعداد اليوم وصلت إلى حدود 45 ألفاً، وتقوم السلطات التركية بنصب خيام على طول الحدود لدفع مزيد من اللاجئين إلى الهروب.
في موازاة ذلك، أفادت تقارير إعلامية تركية، أمس، بأن القوات المسلحة التركية قد أرسلت فرقة مدربة في التعامل مع هجمات بالأسلحة الكيميائية إلى منطقة الحدود السورية.
وقالت وكالة أنباء «دوجان»، إنه قد تم نقل كتيبة الأسلحة الكيميائية، التي كان مقرها في غرب تركيا، إلى قونية في وسط تركيا قبل شهرين، وأن مجموعة واحدة من أعضاء هذه الكتيبة قد توجهت الآن إلى منطقة الحدود السورية، من دون أن تحدد الوكالة مصدر تقريرها.
وقال أردوغان إن المعارضة السورية «باتت أقرب من أي وقت مضى الى النصر»، وحذر من أن تركيا مستعدة «للتعامل بالمثل» في حال تعرضها لعمل عدواني من قبل دمشق.
من جهة ثانية، أعلنت مسؤولة العلاقات الخارجية في «المجلس الوطني السوري»، بسمة قضماني، رفض المجلس «أي حكومة وحدة وطنية تقودها شخصية من النظام»، نافية بذلك كلاماً كان قد أدلى به في وقت سابق المتحدث باسم المجلس جورج صبرا.
وكان صبرا قد قال «نحن موافقون على خروج الأسد وتسليم صلاحياته لإحدى شخصيات النظام لقيادة مرحلة انتقالية على غرار اليمن». بدوره، علق المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو على تصريحات صبرا، قائلاً «كل ما يمكن أن يسمح بالتوصل الى نهاية أسرع لأعمال العنف وتشكيل حكومة موقتة يصب في الاتجاه الصحيح».
على صعيد آخر، ذكّرت وزارة الخارجية الروسية سوريا بأنها من الدول الموقعة على بروتوكول جنيف لعام 1925، الذي يحظر استخدام الأسلحة الكيميائية، وبضرورة الالتزام بتعهداتها الدولية.
في هذا الوقت، بدأ مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون عمليات حفظ السلام، هيرفيه لادسو، أمس، زيارة لدمشق موفداً من الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون تهدف الى تقويم الوضع بعد التمديد لمدة شهر لبعثة المراقبين الدوليين..
وفي موقف لافت، قال نائب رئيس القوات الإيرانية المشتركة، الجنرال مسعود جزائري، إن «الشعب السوري وأصدقاء سوريا لن يسمحوا بتغيير النظام». وأضاف إن «أصدقاء سوريا وحركة المقاومة لم يدخلوا المشهد بعد، وإذا فعلوا فإنهم سيوجهون ضربات حاسمة لجبهة العدو وخاصة للعرب المكروهين». وأضاف الجزائري إن «السوريين غاضبون جداً من حكومات الشر في أميركا وتركيا وقطر والسعودية وغيرها من حلفاء الإرهابيين».
إلى ذلك، أفيد أمس أن السفيرة السورية في قبرص، لمياء الحريري، انشقت عن النظام السوري ووصلت إلى قطر.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)