القاهرة | خبير مائي، ليس له أي نشاط سياسي، غير محسوب على أي تيار أو فصيل سياسي. رزين، هادئ، محب لمبادئ جماعة الإخوان المسلمين وأفكارها وليس عضواً تنظيمياً فيها. صفات وجد الرئيس الإخواني المنتخب محمد مرسي، أن توافرها في وزير الريّ الدكتور هشام قنديل يكفي ليكون أول رئيس للحكومة في عهده. قنديل، الذي يبدو أن لحيته أدّت دوراً مهماً في تاريخه، وربما أدّت دوراً في تاريخ المصريين كذلك، فاجأ الجميع بجلوسه على مقعد كمال الجنزوري وعصام شرف، ومن قبلهم أحمد نظيف، أحد أعمدة النظام القديم. قنديل هو أصغر رئيس وزراء عرفته مصر في تاريخها، أصبح بين عشية وضحاها الرجل الثاني في مصر بعد رئيسها الإخواني محمد مرسي. ورغم ما يفتقده قنديل من مقومات وخبرات سياسية واقتصادية، نظراً إلى اقتصار نشاطه في مجال الري ومياه النيل طوال عقوده الخمسة، إلا أن لحيته أضفت عليه زخماً سياسياً، دفعه إلى منصب الوزير الأول في مصر، في أول حكومة غير انتقالية بعد نجاح ثورة 25 يناير.
إسناد رئاسة الحكومة إلى قنديل من وجهة نظر الرئيس الإخواني، قد يكون له عدة مميزات، أبرزها أن قنديل شخصية غير معروفة للكثيرين، وربما للجميع. فهو ظاهرياً مستقل عن جماعة الإخوان المسلمين، إضافةً إلى أن هيئته محببة لكثير من المصريين من المسلمين المتشددين، إلى جانب أن قنديل يفتقد الحزم وصفات السياسي وغير قادر إلا على بلورة حلول للمشاكل المتعلقة بمجال تخصصه في مياه النيل، وهو ما قد يجعله لقمة سائغة في فم جماعة الإخوان المسلمين التي ستتخذ من قنديل ستاراً لقراراتها وهيمنتها على القرارات اللصيقة بالمصريين في الأيام المقبلة.
قبل عام من الآن، صاحبت تسمية عصام شرف في وزارته الثانية لهشام قنديل كوزير للري جدلاً كبيراً، رغم أن الأخير كان قادماً لتوّه من تونس بعد انتهاء عمله خبيراً مائياً في بنك التنمية الأفريقي. فهو أول وزير تعرفه مصر بلحية. ووقتها ترددت أنباء عن انتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن قنديل رد خلال مؤتمر صحافي قائلاً: «أنا مش إخوان. أنا فقط كنت أحضر دروس حركة النهضة وقت عملي بتونس». ورغم إقرار قنديل بإيمانه بمبادئ حركة النهضة التي تمثل فرعاً من فروع جماعة الإخوان المسلمين، وحرصه على حضور حلقات الوعظ التي تنظمها، إلا أنه نفى عن نفسه فكرة الانتماء إلى الجماعة، وهو نفي مرتبط على الأرجح بالانتماء التنظيمي من حيث البيعة للمرشد مثلاً.
كذلك، واكب تولي قنديل حقيبة وزارة الري في تموز 2011 اعتصامات واحتجاجات واسعة من العاملين بالوزارة، طالبوا خلالها رئيس الحكومة عصام شرف بإقالة قنديل لعدم تلبيته لمطالبهم بالتعيين والتصدي للفساد داخل قطاعات الوزارة. استمرت تلك الاحتجاجات عدة أشهر، وكان أبرزها في كانون الثاني من هذا العام، عندما قام عاملون في ري إسنا في محافظة أسوان بمنع المراكب السياحية من المرور وذلك للمطالبة بالتثبيت أسوةً بكل قطاعات الدولة ولتجاهل الوزارة، بقيادة قنديل، لمطالبهم وحقوقهم طوال عام كامل.
عُهد إلى قنديل ملف أزمة مصر مع دول حوض النيل. ورغم أن المتابعين يؤكدون أن قنديل لم يسهم في تحقيق نتائج ملموسة في هذا الشأن، إلا أن خبراء في هذا الملف يؤكدون أنهم كانوا يأملون بقاء قنديل وزيراً للري أو نائباً لرئيس وزراء شؤون دول حوض النيل والموارد المائية والري، لأن ذلك من شأنه أن يسهم في حل مشكلة مصر مع دول حوض النيل والنهوض في مجال الري على المستوى الداخلي في مصر، وهو الرأي الذي تسانده السيرة الذاتية لقنديل وشهاداته الجامعية التي تشهد على إنجازات كبيرة له في مجال الموارد المائية. فقنديل، الحاصل على بكالوريوس الهندسة في عام 1984، حصل على الماجستير والدكتوراه في الري والصرف من جامعتي يوتا ونورث كارولينا بالولايات المتحدة الأميركية عامي 1988و 1993. وعمل أستاذاً في المركز القومي لبحوث الماء. ومنحه مبارك وسام الجمهورية من الطبقة الثانية عام 1995 عن إنجازاته في مجال الري. أولى مناصبه السياسية كانت عام 1995، عندما عمل مديراً لمكتب وزير الري السابق محمود أبو زيد. شارك قنديل في أعمال مبادرة حوض النيل، وعمل عضواً مراقباً للهيئة المصرية السودانية المشتركة لمياه النيل. كذلك أسهم في إنشاء المجلس الأفريقي للمياه ومرفق المياه الأفريقي.