القاهرة | أكثر من ثلاثة أسابيع من الجدل حول تشكيل الحكومة الجديدة وهوية رئيسها انتهى إلى جدلٍ جديد حول لحية هذا الرئيس، وماذا تخفي وراءها، حتى أن وكالة الأنباء الرسمية الشرق الأوسط قالت في خبر تكليف هشام قنديل بتشكيل الحكومة إنه «يعد أول رئيس وزراء ملتح بعد تولي الدكتور محمد مرسي الرئاسة».
وجاء خبر تكليف هشام قنديل، وزير الري في حكومة كمال الجنزوري المسيرة للأعمال، بتشكيل الحكومة الجديدة، لأول وهلة كمعضلة بطبيعة الحال أمام كل التحليلات السياسية، فالتكليف جاء من خارج كل دائرة التوقعات والترشيحات. وبدا أن لحية رئيس الوزراء الجديد هي التفسير الوحيد لفهم أسباب وقوع اختيار رئيس الجمهورية عليه.
رئيس الجمهورية، محمد مرسي، الذي ينحدر من جماعة الإخوان المسلمين، ربما يكون قد فضل اختيار هشام قنديل لكونه مقرباً من الجماعة أصلاً.
هذا التفسير انطلق أساساً من لحية رئيس الوزراء الجديد، حسبما يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد. إلا أن المتحدث باسم وزارة الري، وأحد مساعدي قنديل المقربين، خالد وصيف، نفى لـ«الأخبار» أن يكون رئيس الوزراء الجديد منتمياً للجماعة. وأكد أن «كل ما يقال في هذا الصدد راجع إلى التزام قنديل الديني، وحفاظه على الصلوات بانتظام كمعظم المصريين». وأضاف «بخلاف هذا، الرجل أطلق لحيته أوائل التسعينيات (من القرن المنصرم) ورفض حلاقتها بعدما نصحه زملاؤه في وزارة الري بذلك ليتجنب أي تعسف إداري بحقه في حال فسر الأمر وقتها (إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك) على أنه انتماء للإخوان المسلمين».
من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين، محمود غزلان، أنه لم يسمع باسم قنديل قبل توليه حقيبة الري لأول مرة في حكومة عصام شرف الثانية في تموز من العام الماضي. ويفسر غزلان ما أثير حول انتماء قنديل «في اطار الهجوم المتواصل على الجماعة وعلى مؤسسة رئاسة الجمهورية معاً من قبل قطاعات في الاعلام، كون الأمر كان ليثير الرأي العام ضد الرئيس حال أتى بعضو في الجماعة أو حزب الحرية والعدالة على رأس الوزارة الجديدة بعد تعهده السابق خلال حملته الانتخابية بالعكس».
وكانت التوقعات حيال هوية رئيس الحكومة قبل الإعلان عن قنديل، قد انحصرت تقريباً في محمود أبو العيون الرئيس السابق للبنك المركزي، وفاروق العقدة رئيسه الحالي، وهشام رامز النائب السابق لرئيس البنك وزياد بهاء الدين الرئيس السابق لهيئة الرقابة المالية وعضو مجلس الشعب السابق عن الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي (الذي يضم قطاعاً من يمين الوسط الى يسار الوسط). كذلك كان الخبير الاقتصادي، حازم الببلاوي، من بين المرشحين إلى جانب محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الحاضر دوماً على قائمة الترشيحات لرئاسة الوزراء منذ اندلاع الثورة.
وباستثناء البرادعي، وكيل مؤسسي حزب الدستور، المشترك بين كل تلك الأسماء هو الطابع التكنوقراطي الواضح، بمن فيهم الببلاوي وبهاء الدين بالرغم من عضويتهم في الحزب المصري الديموقرطي، ما يعني أن التوقعات بشأن هوية رئيس الوزراء، قبل الاعلان عنه أمس، أصابت على الأقل في هذا الصدد كون رئيس الحكومة الجديد تكنوقراطياً بامتياز، «بلا أي انتماء سياسي مسبق طوال حياته» كما يقول خالد وصيف لـ«الأخبار»، فهناك هوس بما يسمى حكومة التكنوقراط، وكلما لاحت بوادر أزمة سياسية كان هذا أحد المطالب الرئيسية للقوى السياسية المختلفة، ثم عاد هذا المطلب ليطل برأسه مع انتخاب الرئيس محمد مرسي، حسبما تقول رباب المهدي، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة.
وهو تفسير على كل حال ربما عززه أول تصريح للرجل في مؤتمر صحافي امس تعهد فيه بتشكيل حكومة من التكنوقراط. وقال إن حكومته في المقام الأول ستكون حكومة تكنوقراط، وإن الكفاءة هي المعيار الأساسي في اختيار الوزراء. لكن ذلك لم يمنعه من القول «سيكون هناك توازنات يتم مراعاتها»، مشيراً إلى أن التشكيل سيكون بالتنسيق التام مع رئيس الجمهورية.
وفي وقتٍ لاحق، قال قنديل في حساب منسوب له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» «إن وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي سيتولى حقيبة الدفاع في الحكومة الجديدة، كما أنه تم التوافق مبدئياً على أن يكون المهندس خيرت الشاطر (نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين) نائباً لرئيس مجلس الوزراء».