البقاع | لا تزال حركة النازحين السوريين عند نقطة المصنع الحدودية متواصلة، رغم تراجعها عن يوم الخميس الماضي، بحسب سجلات الحركة اليومية عند الأمن العام. وأكّد مصدر في الأمن العام اللبناني عند النقطة الحدودية لـ«الأخبار» أنّ عدد «العابرين يومياً يتراوح بين 10 و 12 ألف عابر في الاتجاهين»، لكن الغالب الأكبر «يبقى عند نقطة الداخلين الى لبنان».
ويمكن مشاهدة هذا الإقبال الكبير عند نقطة العبور، بحيث يتبين أن الجزء الأكبر من العابرين هم من العائلات. واللافت أن عبور الفئة العمرية من الذكور بين الـ 18 و35 عاماً شبه نادر. وتوزّع النازحون بين فقراء، توزعوا على مدارس ومنازل أقارب لعائلات لبنانية وعمال مقيمين في لبنان، وبين غني سائح ممتعض من الأسعار الجنونية وحالات الابتزاز التي يتعرض لها من قبل إدارات الفنادق وأصحاب الشقق المفروشة وغير المفروشة في البقاع. أما القاسم المشترك بين هاتين الفئتين فهو الخوف من رصاصة طائشة، وإيجاد مأوى آمن والعيش بكرامة، إضافة الى الأمل في العودة إلى الديار.
«الموت بديارنا ولا مذلة بدياركم»، عبارة أطلقتها سهير السورية المغادرة، والتي لم تبت أكثر من يومين في لبنان، في عتب منها على اللبنانيين الذين استغلوا لجوءها مع باقي أفراد أسرتها من العاصمة دمشق. تقول «ما بخفي عليك جينا خوفاً من الموت، ومن القصف اللي ما عم يرحم، بس كل هذا كان أرحم من استغلال أصحاب الشقق إلنا». سهير عادت الى ديارها بعدما فشلت في تأمين شقة سكنية تؤويها، «مش حرام طلبوا منا أجرة الشقة بالشهر 3 آلاف دولار! يا عيب الشوم».
وتزدحم نقطة المصنع الحدودية بوسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وسط غياب للدولة ومؤسساتها المعنية بإغاثة اللاجئين، فيما نصب تيار «المستقبل» خيمة، تتقدّمها صورة لرفيق الحريري، ولافتة مكتوب عليها عبارة «وما النصر إلا صبر ساعة». واللافت أن مندوبي التيار الذين انتشروا عند طريق العابرين فشلوا في استمالة النازحين ودفعهم الى القدوم لـ«فيء» الخيمة التي تتكدّس تحتها صناديق مياه الشفة الباردة. وأرجع مناصر للتيار عدم استجابة النازحين الى «خوفهم، كون التيار يعتبر بمثابة عدو بالنسبة إلى النظام السوري. ومن يقترب منا يصبح خائناً بنظر النظام وجماعته، لذا يحسب المواطن السوري حساب خط الرجعة».
من جهته، أكد مسؤول ائتلاف الجمعيات لإغاثة النازحين السوريين في البقاع، بإشراف أزهر البقاع، الشيخ أيمن شرقية، لـ«الأخبار» أن أعداد اللاجئين السوريين تزداد يوماً بعد يوم، ما يصعب «علينا العمل، بين الإغاثة والإحصاء والتدقيق، حيث إن هناك أناساً يحاولون الاصطياد في الماء العكر»، مشيراً بذلك الى أن اللجان التابعة لأزهر البقاع كشفت عن وجود العديد من الأسماء المقيمة في لبنان وغير مهجرة.
واشتكى الشيخ من تملص الدولة من واجبها الإنساني تجاه النازحين «الذين يحتاجون الى المأوى، والمأكل والمشرب والطبابة»، في الوقت الذي استنفد فيه البقاع كامل الشقق السكنية، لافتاً الى أن هذا الغياب المقصود، عمم دور المنتفعين والاستغلاليين في ابتزاز النازحين من قبل أصحاب الشقق والفنادق للنازحين. وقال «نادراً ما تجد شقة حتى أبنية قيد الترميم لم تسكنها عائلة سورية نازحة، في البقاعين الغربي والأوسط، مناشداً الدولة اللبنانية بأن تقوم بواجبها الإنساني، وتطلق عمل الهيئة العليا للإغاثة، لأنه لا يمكن لأي جهة أو جمعية غير رسمية بإمكاناتها القليلة، أن تحل محل الدولة اللبنانية».
بدوره، وجه مفتي زحلة والبقاع خليل الميس، خلال حفل إفطار أزهر البقاع السنوي، عتباً الى الدولة في تجاهلها للنازحين. وانتقد سياسة التيارات والأحزاب اللبنانية التي «تتعاطى مع هذا الملف بكيدية»، مطالباً بإبعاد الوجهة السياسية عن هذا الملف الإنساني، الذي يفترض بالجميع أن يوليه الأهمية والعمل.
في المقابل، فإنه عند تدفق اللاجئين السوريين والفلسطينيين المقيمين في سوريا، برزت إشكالية على الحدود. فقد توزع نحو 45 شخصاً، من فئات عمرية تفاوتت بين طفل ويافع، على طرفي الحدود بسبب وجود نقص في أوراقهم وسجلات قيودهم كعدم تسجيلهم في دفتر العائلة وعدم وجود أوراق ثبوتية بحوزة ذويهم، أو عدم إدراجهم ضمن لوائح وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، ما أدى الى حصول عرقلة في إنجاز المعاملات عند موظفي الأمن العام، الى أن تم إدخال بعضهم على دفعات متتالية بعد التأكد من أبوية الأطفال.
وفي هذا الخصوص، لفت مصدر في الأمن العام الى أن «الأطفال جاؤوا على دفعات، وغالبيتهم من التابعية الفلسطينية، ولا يحملون جوازات سفر، أو إجازات مرور. وكي نتحقق من كامل هوياتهم، أخذ الأمر وقتاً»، مضيفاً إنه صدر قرار للسماح بإدخالهم من قبل المدير العام للأمن العام و«تم إدخال 19 منهم في البداية، على أن يتم إدخال الباقي تباعاً ريثما تكتمل المعطيات ونتأكد من سجلاتهم».