رفضت دمشق، أمس، عرض جامعة الدول العربية القاضي بتنحّي الرئيس السوري بشار الاسد، معتبرة أن هذا القرار يعود إلى الشعب السوري، بحسب ما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي. وقال المقدسي، إنّ «بيان الجامعة العربية الذي يدعو إلى التنحي وما إلى ذلك، وإلى سلطة انتقالية، هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، ودولة مؤسسة للجامعة العربية». وأضاف «نأسف لانحدار الجامعة العربية إلى هذا المستوى اللاأخلاقي في التعاطي تجاه سوريا عوضاً عن مساعدتها، إنهم يؤزّمون الموقف»، مشيراً إلى أنه «بالنسبة إلى التنحي نقول للجميع الشعب السوري سيد قرار نفسه وهو من يقرر مصير حكوماته ورؤسائه». وأكد أن «الشعب هو من يجتمع في طاولة حوار وطني، وما يصدر عن طاولة الحوار نلتزم بمقرراته». ورأى أن كل «هذا الحرص الذي يدعونه عار من الصحة، وهو دليل نفاق». وكان المجلس الوزاري للجامعة العربية قد وجّه، في ختام اجتماع في الدوحة ليل الاحد الاثنين، نداءً إلى الرئيس السوري بشار الاسد «للتنحي عن السلطة»، على أن تساعد «الجامعة العربية بالخروج الآمن له ولعائلته».
بدوره، أعلن الناطق باسم الحكومة العراقية، علي الدباغ، أن «الحكومة العراقية ترفض وتتحفظ على قرار جامعة الدول العربية الداعي إلى تنحّي الرئيس السوري». ورأت الحكومة العراقية أن هذا القرار «سيادي وخاص بالشعب السوري». كذلك أبدت الجزائر تحفظها على دعوة الجامعة العربية، وأوردت وكالة الانباء الجزائرية أن الحكومة اعتبرت مسألة تنحّي الرئيس الأسد عن الحكم «قراراً سيادياً للشعب السوري الشقيق لا يندرج ضمن صلاحيات مجلس وزراء الخارجية العرب».
من ناحيته، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من حرب أهلية طويلة الأمد في سوريا، في حال تمّ إسقاط الرئيس بشار الاسد بطريقة «غير دستورية». وقال بوتين، كما نقلت عنه وكالة انترفاكس، «نخشى أنّه إذا تمّ إسقاط القيادة الحالية للبلاد بطريقة غير دستورية، فإن المعارضة والقيادة الحالية يمكن أن تتبادلا الأدوار ببساطة». وتابع بوتين أنه في وضع كهذا «فإن الحرب الاهلية ستستمر إلى ما لا نهاية». وقال «على القادة السوريين والمعارضة أن يتحلوا بالقوة لإجراء عملية تفاوضية تتيح التوصل إلى تسوية مقبولة لمستقبل البلاد». وشدد بوتين على ضرورة إجراء مفاوضات والخروج بتسوية، قائلاً «أعتقد أنّه ينبغي تقرير مستقبل البلاد لا على قاعدة انتصار أو هزيمة عسكرية لأحد الجانبين، بل على قاعدة مفاوضات وتسوية».
بدوره، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم أمس، في اتصال هاتفي مع نظيره السعودي سعود الفيصل الأوضاع في سوريا، وأكد ضرورة وقف إطلاق النار والمباشرة في حوار وطني شامل، مشدّداً على دعم موسكو للجهود الرامية إلى تنفيذ خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان.
من جهته، أطلع الفيصل الوزير الروسي على نتائج الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب، بما فيها تلك المتعلقة بالشأن السوري. وأكد لافروف أن روسيا «تبدي احتراماً دائماً لمواقف الجامعة العربية بشأن البنود الملحة للأجندة الإقليمية، وذلك لثقتها العميقة بأن هذه المنظمة الدولية الموقرة قادرة على اتخاذ قرارات متزنة وقابلة للتحقيق، مع الأخذ في الاعتبار آراء جميع أعضائها».
واتفق لافروف والفيصل على مواصلة الاتصالات الروسية _ السعودية بشأن الملف السوري. وأضاف بيان وزارة الخارجية الروسية أن الطرفين «أكدا اهتمامهما بإجراء الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي بين روسيا ومجلس التعاون الخليجي في موسكو هذا العام». في سياق آخر، قرر الاتحاد الأوروبي تشديد عقوباته على سوريا وعمليات مراقبة الحظر على الأسلحة، موضحاً أنه يناقش، في الوقت نفسه، مسألة زيادة مساعدته الإنسانية للاجئين.
فقد تبنّى وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، على هامش اجتماع في بروكسل، المجموعة السابعة عشرة من العقوبات التي تضيف 26 شخصاً، وثلاث شركات جديدة إلى اللائحة السوداء للاتحاد الأوروبي، التي تمنع منح تأشيرات وتتضمن تجميد أرصدة. وشدد الاتحاد الحظر على الاسلحة عبر اعتماد الرقابة الإلزامية للسفن والطائرات المشبوهة بنقل إسلحة وعتاد يمكن أن تستخدم في عمليات القمع في سوريا. وسيطبّق هذا الإجراء في مرافئ الاتحاد الاوروبي ومطاراته وفي المياه الاقليمية الاوروبية. وتمنع العقوبات طائرات «شركة الخطوط الجوية السورية من الهبوط في أوروبا».
وفي عقوباته الجديدة التي ستنشر تفاصيلها اليوم في الجريدة الرسمية للاتحاد الاوروبي، سيتصدى الاتحاد لقطاع القطن، كما قال دبلوماسي أوروبي.
من ناحيته، قال وزير الدولة الالماني للشؤون الخارجية مايكل لينك إنّ «من الواضح جداً أن النظام السوري فقد كل صدقيّة». وأضاف «أنه يصارع من أجل البقاء. فهو بالتأكيد قادر على أن يقتل أعداداً إضافية من الاشخاص، لكنه لن يستطيع بالتأكيد تحقيق الانتصار».
إلى ذلك، أعلن رئيس الحكومة الأردنية أن بلاده لن تتوانى عن اتخاذ أي إجراء من شأنه الحفاظ على متطلبات أمن المملكة. وأوضح أن حكومته تراقب عن كثب كل التطورات في سوريا. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) عن الطراونة قوله «سنبقى نراقب عن كثب كل التطورات في سوريا وضمان ألا يكون لها انعكاسات أمنية أو إنسانية أو اجتماعية على الأردن». وأوضح أن حكومته «ستعمل على حماية البلاد والمواطنين في تلك المنطقة من أي تداعيات سلبية».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)