تونس | قد لا يكون ما كشف عنه المستشار الأول السابق المكلف بالإعلام لدى الحكومة التونسية أيوب المسعودي، إلا دليلاً جديداً حول تغوّل حركة النهضة الإسلامية، وأن التحالف الثلاثي الذي قامت على أساسه «ترويكا النهضة» كان تحالفاً خدم تغول الحركة الإسلامية، ولم يخدم مصلحة مرحلة الانتقال الديموقراطي المنشود. ولعل «زلة اللسان الفرويدية» التي جاءت في كلمة رئيس الحكومة حمادي الجبالي، خلال افتتاح مؤتمر الحركة حين قال «نحن في طور تشكيل ديكتاتوريتنا الناشئة» يشير إلى الأهداف غير المعلنة للحركة وبأنها تطمح إلى المحافظة حتى «على موطئ قدم» في صنع دائرة القرار في أي استحقاق سياسي مقبل.
المستشار الإعلامي المستقيل فضح «ترويكا النهضة» بصراحة في برنامج بث على قناة «التونسية»، حيث قال إن «النهضة» هي مثال لحزب التجمع (الحاكم سابقاً) في صورة دينية، مؤكّداً أنّه تاجر بملفات جرحى الثورة لتلميع صورة قطر لدى التونسيّين، باعتبار أنّ هذه الأخيرة قامت باستقبال عدد من جرحى الثورة للعلاج على حسابها، لا لشيء إلا من أجل تلميع صورتها، وعلى حساب دماء الأخرين. وأكّد المسعودي خلال هذا اللقاء، أنّ عديد الأطراف داخل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، تسعى إلى عزل المنصف المرزوقي عما يحدث في تونس، محاولين إخفاء الحقائق عنه.
المسعودي أعطى بوادر «تحالف خفي» بين «رأس الحكومة الثيوقراطية» وبعض أعضاء المؤتمر، مؤكداً البيان الذي أصدره «المؤتمر» حول عملية تسليم رئيس وزراء ليبيا الأسبق البغدادي المحمودي، والّذي لم يعتبر فيه العملية غير شرعية.
وقال المستشار الإعلامي المستقيل، الذي بدا ساخطاً على ما يحصل في «المطبخ السياسي» التونسي الذي تسيطر عليه الحركة الإسلامية، وحول «كيل المكاييل» وتجارة المناصب التي تنتهجها، إنّ عديد المناصب الدبلوماسية ومنها منصب سفير لدى السعودية وعديد المناصب الإدارية العليا عُرِضت عليه مقابل التزام الصمت وغضّ الطرف عمّا يجري في كواليس رئاسة الجمهورية، وخاصة المتعلقة منها بعملية تسليم المحمودي إلى السلطات الليبية.
ولم يكتف المسعودي بذلك، بل أشار إلى أن الجنرال رشيد عمار ووزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي، كانا على علم بكل تفاصيل عملية تسليم المحمودي الى الليبيين، وأن العملية تمت في المطار العسكري، بحضور رئيس أركان الجيش الليبي في تونس من دون إعلام الرئيس المرزوقي بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وواصل المسعودي سرد «بوادر الديكتاتورية التي تسعى الحركة إلى تأسيسها - بحسب زلة لسان الجبالي - بأن اعتبر أن الحركة قامت باستغلال «ميليشيات لقمع مسيرة الحداثيين»، وذلك تنفيذاً لقرار وزير الداخلية علي العريض. وأكد المسعودي أنه أعلم الرئيس، لكن يبدو أن «مستشاريه في الديوان الرئاسي (من المتواطئين مع النهضة) أقنعوا المرزوقي بأن هناك مؤامرة تدبّر من أصحاب «اليسار» ضد الثورة.
في المقابل، يبدو أن المجتمع المدني والمعارضة لا يزالان يسعيان لكبح جماح الحركة، والتي بدأت تنتهج تكتيك لملمة أفراد «العائلة الإسلامية» (بعد منح حزب التحرير وحزبين سلفيين تأشيرات العمل السياسي) والبحث عن تطويع بعض الأحزاب العلمانية، للحفاظ على موطئ قدم في السلطة المقبلة، لكن يبدو أن الحركة اصطدمت برفض كبير من أكبر «التكتلات السياسية الديموقراطية»، والتي بدأت تعد العدة للدخول ضمن جبهة سياسية، وهو ما بينته «الاجتماعات السرية» التي يعقدها كل من «حركة نداء تونس» و«الحزب الجمهوري» و«المسار الديموقراطي الحداثي» للوقوف على معطيات قيام هذه الجبهة، أمام تغول حركة شرهة للسلطة، قبل خدمة الشعب.