وافق مجلس الامن الدولي بالاجماع، أمس، على تمديد مهمة مراقبي الامم المتحدة في سوريا 30 يوماً. وينصّ القرار الجديد على أن المجلس لن يدرس مدّ فترة عمل المراقبين مرة أخرى «ما لم تؤكد تقارير الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، ومجلس الامن التخلي عن استخدام الاسلحة الثقيلة والتراجع بشكل كاف في مستوى العنف من كل الاطراف» لتمكين بعثة المراقبين في سوريا من القيام بمهمتهم. في السياق، أعلنت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، سوزان رايس، أنّ التصويت الذي جرى في مجلس الأمن لتمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة لم يكن هو القرار الذي كانت بلادها تأمل تبنيه في المقام الأول، مشيرة إلى أنّ واشنطن ستعمل من خارج مجلس الأمن لمواصلة الدعم للمعارضة.
وقالت رايس «كنّا نفضل تبني القرار الذي استخدم، للأسف، حق النقض ضده بالأمس، حتى يتم منح الرجال والنساء العاملين في البعثة فرصة نهائية أفضل للنجاح في أداء مهمتهم، من خلال دعمهم بثقل المجلس، والتزامه باستخدام الأدوات المتاحة له، لضمان تطبيق قرارنا، وأن يعمل ما طلبه منا المبعوث الخاص المشترك كوفي أنان والأمين العام بان كي مون، وهو ضمان أن يكون هناك تبعات على الطرفين في حال عدم التزامهما». وأضافت «قلنا أيضاً في هذا القرار، إنه في حال حصل تغيير الوضع بشكل كبير على الأرض، وتوقفت الحكومة عن استخدام الأسلحة الثقيلة، وتراجع مستوى العنف إلى درجة تتمكن فيها البعثة من العمل بحرية وتنفيذ الولاية التي منحناها لها أيضاً، عندها، سنكون على استعداد في هذه الحالة غير المرجحة، لأن نعيد النظر في موضوع جدوى استمرار البعثة». ولفتت رايس إلى أن نهج بلادها سيكون في تركيز الجهود على نحو متزايد ليس داخل المجلس، وإنما مع الدول الأخرى خارج المجلس، وخاصة «أصدقاء سوريا»، والتي تصل إلى مائة دولة طلبت كلها إصدار قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وأضافت أن الولايات المتحدة ستواصل دعمها السياسي ومساعداتها غير القاتلة للمعارضة السورية، كما ستقوم مع دول أخرى بتعزيز وتكثيف العقوبات.
بدوره، قال السفير البريطاني، مارك ليال جرانت، «اذا حدث على مدار الثلاثين يوماً المقبلة تغيّر في هذا الوضع، وتحققت هذه الشروط فبالتأكيد سيقوم مجلس الامن بناء على توصية الامين العام بالنظر مرة أخرى في مستقبل بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا». واضاف «لكن اذا لم يتغير الموقف فمن الواضح أن بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا ستسحب بعد 30 يوماً».
من جهته، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، الدول الكبرى الغربية من القيام بأي تحرك ضد النظام السوري خارج اطار مجلس الامن الدولي، بحسب ما اعلن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف. وأوضح المتحدث أن بوتين عبّر عن وجهة نظره هذه خلال اجتماع لمجلس الامن القومي الروسي، الهيئة الاستشارية المسؤولة عن وضع السياسة الامنية للبلاد. وأضاف المتحدث أن روسيا ترفض الاتهامات الغربية لها بأن الفيتو، الذي استخدمته ضد مشروع قرار غربي يهدّد بفرض عقوبات على النظام السوري، اذا لم يسحب اسلحته الثقيلة من المدن سيؤدي الى استمرار دورة العنف في سوريا. وقال إن «اعضاء مجلس الامن القومي الروسي شددوا على أن محاولات ربط تصاعد التوترات في سوريا بالموقف الروسي هي محاولات خاطئة تماماً وغير مقبولة».
من ناحيته، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن بلاده تعمل على عزل النظام السوري بصورة تامة عن بقية العالم، ولا تزوّد المعارضة السورية بدعم فتّاك، لكنه لم يستبعد قيام دول أخرى بمدها بالأسلحة. ولفت هيغ في مقابلة تلفزيونية، أمس، إلى أنّه «سنقوم ببذل المزيد من التحركات خارج مجلس الأمن، وتكثيف عملنا لدعم المعارضة السورية وتقديم المساعدات الإنسانية. وأنا لا أستبعد أي خيارات للمستقبل لأننا لا نستطيع توقّع كيف ستتطور الأمور في سوريا». وأضاف «نعمل الآن مع أكثر من 100 دولة في مجموعة أصدقاء سوريا لتكثيف الضغط على نظام الأسد وعزله بصورة تامة عن بقية العالم، وإقناع بعض الدول في العالم العربي باتخاذ تدابير مماثلة، الأمر الذي سيكون له تأثير خطير على الموارد المالية المتبقية لنظام الأسد، غير أن هذه الإجراءات تتخلف عن القرار الذي أردنا تمريره في مجلس الأمن الدولي».
وحمّل وزير الخارجية روسيا المسؤولية لاعتقادها بأن تبني مجلس الأمن قراراً حول سوريا بموجب الفصل السابع «يمكن أن يمهّد الطريق أمام التدخل العسكري على غرار ليبيا».
من ناحيتها، رفضت روسيا، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الكسندر لوكاشيفيتش، الانتقادات الدولية لاستخدامها حق النقض ضد مشروع القرار الغربي بشأن سوريا، ووصفتها بأنها «غير مقبولة بالمرة»، وحثّت الدول الغربية على اقناع المعارضة السورية بوقف القتال.
وحول الأخبار عن فرار زوجة الرئيس السوري أسماء الأسد إلى روسيا، قال لوكاشيفيتش «لا أريد التعليق على أية شائعات، وأظن أنّه فخّ إعلامي». وأضاف أنّ الأخبار حول منح روسيا أسماء الأسد حق اللجوء السياسي «لا تستحق التعليق».
من جهتها، عبّرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، كاثرين اشتون، عن «الاسف الشديد» لفشل مجلس الامن الدولي في تبني مشروع قرار ينصّ على عقوبات ضد سوريا. واكدت أنها «ستستمر في دعم كوفي أنان وخطته». واضافت أنّ المجتمع الدولي و«كافة اعضاء مجلس الامن» يجب أن «يتحملوا مسؤوليتهم لإنهاء حمام الدم ومعاناة الشعب السوري، والتصرف بشكل موحد للوقاية من حرب أهلية تكون ذات انعكاسات مأساوية على المنطقة بأسرها».
على صعيد آخر، قال رئيس «المجلس الوطني السوري» عبد الباسط سيدا، في حديث تلفزيوني، «نريد تاثيراً مطمئناً على كل فئات الشعب، ولا نريد الطمأنة لارضاء المجتمع الدولي لاننا نعتبر ذلك ضرورة وطنية، وسبق أن تبنينا وثيقة تضمن حقوق جميع الاقليات».
وتوجه سيدا في كلامه الى الاقليتين المسيحية والعلوية في سوريا، معتبراً أن «مخاوف» السكان «يمكن تفهمها بسبب دعاية نظام الاسد»، متداركاً «لكن الاخوان المسلمين مكوّن مهم من المعارضة السورية والمجلس الوطني السوري، وقد التزموا حماية حقوق الاقليات». وأكد سيدا أن «مستقبل سوريا سيكون تعددياً وديموقراطياً، ولن يكون هناك مكان لتطرف ايديولوجي أو قومي أو ديني».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)



موسكو: الأسد لم يوافق على التنحي

أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أمس، أن تصريح السفير الروسي في باريس، الكسندر اورلوف، حول الرئيس السوري بشار الأسد تم تفسيره بشكل خاطئ من قبل بعض وسائل الإعلام، مشيرةً إلى أنّ كلمات السفير حول الأسد تم اقتلاعها من السياق. وأضافت أن «الشعب السوري فقط هو من يستطيع تقرير مصير سوريا، ومصير قادتها».
من جانبه، قال سيرغي بارينوف، الناطق باسم السفارة الروسية لدى فرنسا، إن كلمات السفير الروسي فسّرت كما لو أن الرئيس السوري وافق على التنحي. وأضاف بارينوف «هذه الجملة تم انتشالها من السياق». ونفى أن يكون تصريح السفير يعكس الموقف الروسي الرسمي. وقال بارينوف «لم يكن هذا تعبيراً عن موقف، ولم يكن تصريحاً على أساس معلومات، نظراً لوجود بعض التفسيرات على أنّ السفير الروسي في فرنسا لديه معلومات خاصة حول استعداد الأسد للتنحي، لا شيء من هذا القبيل».
وكان السفير الروسي في باريس، قد قال في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية، إن موافقة الأسد على اتفاق جنيف حول الانتقال السياسي في سوريا، وتسمية ممثل عنه للتفاوض مع المعارضة يعني أنه يوافق على الرحيل ولكن بشكل حضاري، وهو ما نفته دمشق أيضاً.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)