القاهرة | تأخّر الرئيس محمد مرسي في الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، وكذلك أسماء الفريق الرئاسي الذي سيعاونه في الفترة المقبلة، لدرجة أن نجله الأكبر المقيم في السعودية، أحمد، كتب على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك»، يقول: «سيدي الرئيس محمد مرسي متى التشكيل الحكومي الجديد؟ متى تشكيل الفريق الرئاسي المعاون لك؟ وما هي مسؤولياته وصلاحياته؟ إن كانت هناك أي معوقات فنطالبك بمصارحتنا نحن شعب مصر... ظهرك وسندك لنحمل معك المسؤولية». وأضاف «سيدي الرئيس ... إعلان التشكيل الحكومي أو المصارحة العلنية. سيدي الرئيس بدأ الشك والقلق يساورنا نحن أبناءك أبناء مصر؟». الشك والقلق الذي تحدث عنه نجل الرئيس أصبح بالفعل حالة مسيطرة على الشارع المصري، فالجميع مل من الانتظار. قبل سفر الرئيس مرسي إلى السعودية قالت مؤسسة الرئاسة إن الإعلان عن تشكيل الحكومة ورئيسها، سيكون عقب عودة الرئيس من زيارته. عاد الرئيس الأسبوع قبل الماضي، لكن لم يتم الإعلان عن الحكومة. ومرة أخرى أعلن أن الرئيس سيكشف عن تشكيله الجديد للحكومة ورئيسها، بعد عودته من أديس بابا حيث شارك في القمة الأفريقية. سافر الرئيس وعاد الإثنين الماضي، لكن لم يظهر اسم رئيس الحكومة ولا حتى الأسماء المرشحه لها. ويصنع الرئيس دائرة من السرية حول الشخصيات التي يختار بينها، بينما ترجح مصادر قريبة من مؤسسة الرئاسة أن الاختيارات حالياً تتم بين الثلاثي محمود أبو العيون المحافظ السابق للبنك المركزي المصري، وحازم الببلاوي وزير المال السابق، والمحافظ الحالي للبنك المركزي المصري فاروق العقده. الأسماء الثلاثة لا تتعدى كونها تكهنات كذّبها أكثر من مرة المتحدث المؤقت باسم رئاسة الجمهورية ياسر علي. وأكد علي، في أكثر من تصريح، أن الأسماء التي يرددها الإعلام ما هي إلا اجتهادات لا علاقة لها بالواقع الذي يجري، مشيراً إلى أن الرئيس نفسه لم يحدد لا من قريب ولا من بعيد اسم رئيس الحكومة المقبل. ولفت إلى أن كل ما قاله خلال حفل تخريج دفعة جديدة من طلاب الكلية الحربية، الأسبوع الماضي، أنه لا يزال يجري مشاورات مع القوى الوطنية والسياسية حول تشكيل الحكومة الجديدة. إلا أنه وسط هذا التأخير المشوب بالقلق، يبقى السؤال قائماً حول الأسباب التي أدت إلى تأخير الإعلان عن رئيس الحكومة، وباقي أعضائها. مصادر في جماعة الإخوان المسلمين، قالت إن السبب في التأخير يرجع إلى خلاف بين المجلس العسكري، والرئيس حول بعض الشخصيات، التي كان الرئيس قد استقر على اختيارها. وتلفت هذه المصادر إلى أن المجلس العسكري اعترض على اسم محمود أبو العيون، في حين قالت مصادر أخرى داخل الجماعة أيضاً إن تلك المعلومة ليست صحيحة، وأن أبو العيون لا يزال مطروحاً للمفاضلة بينه وبين شخصيات أخرى. آراء أخرى ترى أن السبب وراء تأخير الإعلان عن تشكيل الحكومة هو موقف حزب النور السلفي، الذي حاز على الترتيب الثاني في عدد المقاعد التي حصل عليها في البرلمان المنحل، وكان داعماً لمرسي في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية. وتشير بعض التقديرات إلى أن حزب «النور» طلب من الرئيس عدداً من الحقائب الوزارية، وأن هذه المطالبات تعوق الرئيس، ولا سيما أن مرسي وعد أكثر من مرة أن تكون الحكومة المقبلة توافقية لا تغضب أياً من التيارات السياسية. وكيل مجلس الشعب «المنحل»، والقيادي في حزب النور السلفي، أشرف ثابت، قال إنهم تقدموا بالفعل بمجموعة من الأسماء ليختار الرئيس من بينها في الحكومة الجديدة. لكنه شدد، في المقابل، على أن حزب النور لا علاقة له بتأخير الإعلان عن الحكومة، وما تردد بشأن وجود خلافات بين حزب النور والرئاسة حول عدد من الوزارات عارٍ عن الصحة. وأكد ثابت أن الحزب لم يصر على وزارات بعينها، ونفى أن يكون الحزب قد طلب وزارة التربية والتعليم، لافتاً إلى أن رئيس الجمهورية سيتحمل المسؤولية كاملة في اختياراته، بشأن الحكومة الجديدة، لذلك هو يحتاج إلى وقت بسبب هذه المسؤولية.
الأمر إذاً لا يتوقف عند الخلاف بين حزب النور والرئيس، حسب القيادي في الحزب السلفي، إلا أن رئيس حزب الكرامة محمد سامي، رجح أن يكون وجود ضغوط من حلفاء الرئيس من السلفيين من ضمن الأسباب التي قد تكون وراء تأجيل الإعلان عن اسم رئيس الحكومة الجديدة وأسماء نواب الرئيس. ولفت إلى أن مرسي يواجه عدة عقبات قد تؤثر على سرعة أدائه، على رأسها الحسابات المحيرة بين ما وعد به وبين رغبة حزبه الحرية والعدالة ورؤية قياداته بأحقيتهم في تشكيل الوزارة وتولّي المناصب.
ولفت سامي إلى أن من ضمن الأسباب التي أدت إلى تأخر الإعلان عن الحكومة عدم وجود خبرة لدى مرسي وجماعته، حيث إنهم يواجهون هذه الالتزامات للمرة الأولى في تاريخهم، بعكس النظام السابق حيث القوائم كانت تعدها أجهزة الأمن.
من جهته، يرى وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، عبد الغفار شكر، أن هناك احتمالين لتأخر الإعلان عن التشكيلة الحكومية، أولهما أن يكون هناك خلاف بين جماعة الإخوان المسلمين والرئيس حول تشكيل الحكومة أو رئيسها. وأوضح أن المشاورات السرية بين الرئيس والإخوان قد تكون متباينة، فقد يكون الإخوان لهم رؤية تختلف عن رؤية الرئيس والعكس صحيح. أما الاحتمال الثاني، حسب شكر، فقد يرجع إلى رفض المرشحين المشاركة في الحكومة، لافتاً إلى أن من حق الرئيس إجراء مشاورات لاختيار الحكومة، ويشكلها وفق رؤيته وليس على عجلة حتى تنتهي إلى التشكيل الأمثل في الاختيار.