قال مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري في كلمة أمام مجلس الأمن عقب جلسة عقدت في نيويورك للتصويت على مشروع قرار فرنسي بريطاني حول سوريا، إن «الأحاديث التي تكررت مؤخراً في الإعلام عن أسلحة كيمائية ونية سوريا باستخدامها هي عارية عن الصحة تماماً وصيد في الماء العكر». وقال إن سوريا كانت تتوقع فعلاً من مجلس الأمن أن ينخرط فعلاً بشكل إيجابي بمساعدتها حكومة وشعباً، من خلال احترام أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي «بعيداً عن إقحام أي أجندات وطنية لهذا العضو أو ذاك في الأجندة الدولية التي يمثلها مجلس الأمن، وهي الأجندة التي تُعنى أساساً بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين». وتحدث الجعفري عن التفجير الذي طال مقر الأمن القومي في دمشق، وقال «للأسف لم يصدر عن هذا المجلس الموقر أي إدانة لهذا العمل، لكننا نوجه الشكر للسيد الأمين العام (بان كي مون) وللمبعوث الدولي الخاص (كوفي أنان) لإدانتهما لهذا العمل الإرهابي». وأضاف «إذا لم يكن هذا العمل الإرهابي قادراً على استقطاب إدانة مجلس الأمن له، فوراً، وبأقسى العبارات فإن ذلك سيعني حكماً أن كل ما بناه المجتمع الدولي من توافق حول مكافحة الإرهاب لم يكن إلا حبراً على ورق». وقال إن «تقاعس المجلس سيعني، أيضاً، أن الحديث عن دعم الحلّ السلمي السياسي في سوريا، بعيداً عن العنف، لا يعدو كونه بالنسبة للبعض أكثر من شعار لكسب الوقت وخداع للرأي العام وتقويض لخطة أنان».
وأضاف أنه قد أصبح واضحاً للجميع أن نجاح خطة أنان وبعثة المراقبة يتطلب إلى جانب الدعم الحكومي السوري، توافر التزام دولي صادق وإرادة سياسية حقيقة لدى الجميع، لا سيما الأطراف التي لديها تأثير مباشر على الجماعات المسلحة». وأكد على ضرورة الانتباه إلى أن الحل لا يمكن إلا أن يكون سورياً وعبر عملية سياسية سورية جامعة تلبي تطلعات كل فئات الشعب السوري المشروعة، وذلك على أسس الحوار الوطني الذي يضم الجميع تحت سقف الوطن «وصولاً إلى إقامة دولة ديموقراطية تعددية يتساوى فيها الجميع أمام حكم القانون».
من ناحيته، دافع مندوب روسيا لدى مجلس الأمن، فيتالي تشوركين، عن استخدام بلاده للفيتو ضد مشروع القرار، وقال إنه «رغم كل الاتهامات ضدنا نحن نؤكد دعمنا لكوفي أنان وخطته»، وأكد على ضرورة تمديد مهمة عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا. وقال تشوركين إنه «لا يمكن أن نقبل قراراً تحت الفصل السابع» ضد سوريا، معتبراً أن «هناك دولاً تصب الزيت على النار بشأن بسوريا».
بدوره، اعتبر مندوب الصين لدى مجلس الأمن، لي باو دونغ، أن مشروع القرار الذي تقدمت به فرنسا وبريطانيا بشأن سوريا لا يساعد على حل الأزمة هناك، بل يؤدي إلى مزيد من المشاكل في المنطقة ويهدّد وحدة المجلس، مؤكداً دعم تمديد عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا. وأشار لي، أمام المجلس عقب التصويت على مشروع القرار، إلى أن الأولوية للمجتمع الدولي الآن لإعطاء كامل الدعم والقوة لمبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان ومجموعة العمل حول سوريا في جنيف، والدفع باتجاه وقف فوري لإطلاق النار من أجل حل الأزمة السورية، «لذلك فإن الصين تدعم تمديد عمل مهمة المراقبين الدوليين». وقال إن «هناك تدخلاً في شؤون دولة ذات سيادة، وهذا لا يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة».
بالمقابل، اعتبرت مندوبة الولايات المتحدة، سوزان رايس، أن «من المخزي أن هذا المجلس لم يتمكن من تبني هذا القرار الداعم للبعثة»، مضيفة «ضيعنا فرصة أخرى حاسمة للعمل، لا يمكن أن نتحمل تضييع المزيد». وأضافت «كنا وما زلنا متشككين في نيات النظام السوري وكفاءة بعثة المراقبين الدوليين، وجهود البعثة قوبلت فقط بتكتيك بالعنف وبعدم تحرك مجلس الأمن». وقالت إن احتمال استخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا يجب أن يكون باعثاً للقلق، وأضافت «سنسعى خارج مجلس الأمن لممارسة الضغط على سوريا».
وأعلن مندوب فرنسا في مجلس الأمن، جيرار آرو، خلال الجلسة، أن المشروع كان سيعطي النظام السوري 10 أيام لوضع حد لقصف المناطق، معتبراً أن روسيا والصين لم تلتزما بمقررات اجتماع مجموعة العمل حول سوريا في جنيف. من ناحيته، اعتبر مندوب ألمانيا، بيتر فيتيج، أن ما يجري في سوريا حالياً هو حرب أهليّة، وقال «فقدنا الأمل في حل سلمي» للأزمة.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)