الجزائر | كما كان متوقعاً، لم تتفق الجزائر وفرنسا على طريقة مشتركة لمعالجة أزمة مالي. وعقب مشاورات وزير الخارجية الفرنسية، لوران فابيوس، مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ووزير الخارجية مراد مدلسي، تمسك الطرفان بموقفهما من الأزمة التي شكلت النقطة الأهم على جدول أعمال رئيس الدبلوماسية الفرنسية في زيارته الأولى للجزائر. وبالمقابل، فتح الطرفان آفاقاً واسعة لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي وتطوير آليات التنسيق السياسي والأمني بينهما. الجانب الفرنسي جدد سعيه لتدخل عسكري مباشر وقريب تنفذه دول غرب افريقيا، يكون للجزائر وفرنسا فيه دور الموجّه والداعم بالجوانب اللوجستية والمادية والاستخبارية. وأكد أن أيّ تأخير في موعد التدخل سيعقد الأمر أكثر ويضخم التكلفة المطلوبة لإنهاء سيطرة الجماعات المتشددة على شمال مالي.
وذكر فابيوس أن الارهابيين يمتلكون اسلحة قوية ولديهم مصادر تمويل، مشدداً على أنهم لا يهددون المنطقة فحسب، وإنما يشكلون خطراً على كل العالم. وعليه «وجب التدخل فوراً قبل استفحال الوضع وتعقده أكثر»، مستبعداً نجاح اي خطة لحل دبلوماسي مع الطوارق.
من جهته، تمسك الجانب الجزائري بفتح كل الاحتمالات، لافتاً الى أن استخدام القوة وارد، لكنه ليس الخيار الوحيد لأن الخيارات الأخرى لم تستنفد بعد.
وأعلن مدلسي رفض «اتحاد المغرب العربي والاتحاد الأفريقي حتى الآن استخدام القوة»، مشيراً إلى أن «اتحاد المغرب العربي» يأخذ التطورات في مالي على محمل الجد ويراقب عن كثب ويعمل بما يضمن صيانة وحدة مالي. إلى ذلك، اتفق الطرفان على باقي النقاط المدرجة في جدول الأعمال، وأهمها توسيع التعاون التجاري وتعزيز الاستثمار الفرنسي في الجزائر وتنويعه وبناء أسس «الشراكة الاستثنائية».
وفي بادرة قوية لإظهار حسن نية الطرف الفرنسي، اعتبر فابيوس «اتفاقيات 1968» التي تعطي الامتياز للمهاجرين الجزائريين على باقي الجنسيات في فرنسا لبنة رئيسية في العلاقات الاستثنائية، وهذا بنظر المتتبعين مؤشر واضح لإلغاء سلسلة من الحواجز التي وضعتها إدارة نيكولا ساركوزي في شكل اجراءات تمهيدية لإلغاء تلك الاتفاقيات. وكانت الجزائر قد دخلت معركة في هذا الموضوع واعتبرت مبادرات ساركوزي مسايرة لنهج اليمين المتطرف. وقال فابيوس في تصريح بعد لقائه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة «استطيع القول بأننا نملك كل مقومات النجاح لعملنا المشترك». ووصف محادثاته مع المسؤولين الجزائريين بالمثمرة والسهلة وذات آفاق.
وأعلن فابيوس، في ختام زيارته، «نملك كل مقومات النجاح لعملنا المشترك»، كاشفاً عن زيارة دولة سيقوم بها الرئيس فرانسوا هولاند للجزائر آخر العام الحالي لإعادة العلاقات بين البلدين إلى سكتها الصحيحة.