ما قاله الرئيس محمد مرسي، أمس، في حفل تخريج دفعه جديدة من الكلية الحربية، يعني أن هناك تغيراً دراماتيكياً حدث في العلاقة بين العسكر والرئيس. قال مرسي إن العسكر بالفعل سلموا السلطة، بل وأثني على دورهم في ثورة 25 يناير. وأضاف «لقد أثبتت القوات المسلحة بقياداتها وجنودها بحق أن الجيش ملك الشعب وأنه درعه الحصين وعقله الواعي وسيفه القاطع على الأعداء». وتابع «إنني أؤكد مرة أخرى على ضرورة بقاء القوات المسلحة للمشاركة في حفظ هذا الأمن الداخلي، الذي نريده مع إخوانهم أبناء الشرطة، وقد أجريت العديد من المشاورات مع كل التيارات السياسية والرموز الوطنية لوضع تصور كامل لإدارة المرحلة القادمة دستورياً وقانونياً وسياسياً».
وفي الخطاب، حاول مرسي أن يبعث برسائل عدة إلى الشارع المصري الذي ينتظر تنفيذ برنامج الـ100 يوم الأولى له. ومن ضمن الوعود التي كانت في برنامجه، القضاء على حالة الانفلات الأمني، التي بدأت مع انسحاب الشرطة منذ 28 كانون الثاني 2011، فقال مرسي «أتابع بنفسي الأوضاع الأمنية في كل ربوع مصر. في المناطق الشعبية والقرى والمدن والمحافظات. وأرصد كل انجاز أو قصور، وستزيد الدوريات المتحركة المشتركة بين الشرطة والقوات المسلحة في هذه المناطق خلال الفترات المقبلة». ولفت مرسي إلى أنه «سيعمل على زيادة إمكانات وزارة الداخلية لمواجهة كل أشكال الخروج على القانون، ليتحقق أمننا الداخلي ولنخفف العبء تدريجياً عن القوات المسلحة في هذا الجانب في المستقبل». وأضاف «القوات المسلحة ستستمر في معاونه قوات الشرطة إلى أن يأتي يوم، لعله قريب، نحتفل فيه بها ونشكرها بما تستحق، ليكون كل دورها حماية حدود الوطن وأمنه ضد كل من تسول له نفسه أن يعتدي عليه».
ولأول مرة تحدث مرسي عن منتقديه، وقال «للذين يتطاولون أو يجرحون الناس، وهم عدد قليل جداً، وهم من أبناء مصر ولهم كل الحقوق، أقول لا يغرنكم حلم الحليم. وعن تشكيل الحكومة، اكتفى مرسي بالقول إنها قريبة، بينما كانت تنقل وسائل الإعلام أنباء تفيد عن تعثر تشكيل الحكومة. ونقلت عن مصادر قالت إنها قريبة من القصر الرئاسي، أن عدداً من الشخصيات كانت قد أبدت موافقتها على المشاركة في الحكومة الجديدة، إلا أنها تراجعت بعد ذلك، ورفضت المشاركة في الحكومة. ولم تتحدث المصادر عن أسماء من قاموا بذلك، ولا حتى عن الشخصية التي من المتوقع أن تتولى المنصب الجديد. وكان ياسر علي، المتحدث المؤقت باسم رئاسة الجمهورية، قد أكد أن الرئيس سيعلن اسم رئيس الحكومة بعد عودته من إثيوبيا، إلا أن من المرجح تأجيل الإعلان إلى نهاية الأسبوع الجاري أو بداية الأسبوع المقبل.
في سياق آخر، أجلت محكمة القضاء الإداري المعركة الأخيرة بين الإخوان والعسكر إلى غد، بينما كان أنصار الرئيس يهتفون بسقوط حكم العسكر، وضرورة عودتهم إلى ثكنهم، وسط توقع أمين حزب الحرية والعدالة، محمد البلتاجي، أن يكون هناك انقلاب عسكري قريب، ينقلب فيه المجلس العسكري على الشرعية.
وأجلت المحكمة الحكم في دعوى حل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور إلى يوم غد بعدما تقدم محامو الإخوان بطلب رد هيئة المحكمة. كذلك أجلت إلى اليوم نفسه أيضاً دعوى إلغاء الإعلان الدستوري المكمل.
ويرى عدد من المراقبين أن تلك هي المعركة الأخيرة للعسكر مع الإخوان، ففي حالة إلغاء تشكيل الجمعية التأسيسية الحالية سيكون المجلس العسكري هو المسؤول عن تشكيل الجمعية الجديدة. وأيضاً في حال إلغاء الإعلان الدستوري المكمل، سيصبح رئيس الجمهورية متمتعاً بالصلاحيات التي ينص عليها دستور 1971 الذي يمنح الرئيس صلاحيات واسعة. ويرى عدد من القانونيين أن إلغاء الإعلان الدستوري المكمل، سيُحدث أزمة في مسألة الصلاحيات باعتبار أن الإعلان الدستوري الذي تم الاستفتاء عليه لم يتطرق إلى تلك المسألة، في وقت يعتبر فيه دستور 1971 ملغى. ملامح تلك المعركة كانت واضحة أمس في الأعداد الكبيرة التي دفعت بها جماعة الإخوان المسلمين إلى ساحة المحكمة، والهتافات التي طالبت بتطهير القضاء، وتأييد مرسي إلى جانب عدم حل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور.
يأتي هذا في الوقت الذي هاجم فيه أعضاء مجلس الشورى، ذي الأغلبية الإسلامية، والأكثرية الاخوانية، وسائل الإعلام واتهموها بتضليل الرأي العام والوقوف ضد الرئيس. وقالوا في جلسة لهم أمس، إن الإعلام لا يهتم بنشاط الرئيس في الخارج ولا سيما زيارته لدولة إثيوبيا وعودته بالصحافية شيماء عادل، التي كانت قيد الاحتجاز في السودان. ولفتوا إلى أن هذا الإعلام نفسه كان «يهلل لمبارك لو ذهب لأي دولة في الخارج».