القاهرة | «فليُصارح الشعب»، قالها صراحة حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والعضو السابق في المجلس الاستشاري المعاون للمجلس الأعلى للقوّات المسلّحة، تعقيباً على المعارك والفخاخ القانونية المتبادلة بين الرئيس محمد مرسي والمجلس الأعلى للقوات المسلّحة، وذلك بعد «الفخ» الجديد الذي نصبه الرئيس، أمس، أي قبل يوم واحد من جلسة القضاء الإداري لإصدار حكمها في قضية حل الجمعية التأسيسية. ورأى نافعة، في حديث لـ«الأخبار»، أنه حري بالرئيس أن يعلن حقيقة موقفه للشعب «من قبيل أنه لا يستطيع أن يتصرف بشكل مستقل في ظل الإعلان الدستوري المكمل (الذي كان المجلس العسكري قد أصدره قبل أيام من إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية وتنصيب مرسي ونظر إليه كأداة لسلب الرئيس مقدّماً صلاحياته) لا أنّ يستمر في استخدام الأدوات القانونية نفسها عبر إصدار معايير اختيار الجمعية التأسيسية؛ فهذا خطأ كبير».
وشدّد نافعة على أنّ الصراع بين مرسي والمجلس العسكري هو صراع سياسي باستخدام أدوات قانونية «لكن الرئيس لا بد أن يتخذ خطوات سياسية واضحة الآن، على أن تسانده فيها حكومة وحدة وطنية قوية يشكلها سريعاً، بعيداً عن الأداء التوافقي الغامض هذا الذي ورثه من خلفيته الإسلامية؛ فالحرب القانونية تلك لا جدوى منها، لكون الأجهزة القضائية في مصر لا تؤيده أصلاً»، في إشارة إلى الصراع المفتوح بين جماعة الإخوان المسلمين التي ينحدر منها الرئيس والمحكمة الدستورية العليا، بعدما أصدرت حكماً بوقف تنفيذ قرار مرسي إعادة مجلس الشعب إلى عمله.
تلك الخطوات السياسية الواضحة قد تكون ما يسعى حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الذي كان مرسي يشغل رئاسته قبل استقالته بعد فوزه في الانتخابات، إلى التمهيد له عبر تصريحات متفرقة من قياداته تتعلق بـ«إلغاء الإعلان الدستوري المكمل» أو الاستفتاء عليه.
فقد نقل الموقع الرسمي للحزب عن المستشار القانوني، أحمد أبو بركة، قوله لقناة تلفزيونية إنّ «الإعلان الدستوري المكمل إعلان صادر وفق مخالفة صريحة، لما صدر من الإعلان الدستوري الأول الصادر عن القوّات المسلحة، الذي تنص المادة الأولى منه على أنّه ليس بديلاً من الشرعية الشعبية، ويعمل وفق مبدأ سيادة الشعب، وأن الأمة هي مصدر السلطات، وبناءً عليه التزم المجلس أن لا يغير مبدأً أو حكماً إلا بالرجوع إلى الشعب، وهكذا جرى الاستفتاء على الإعلان الدستوري الأول. ومن حق رئيس الجمهورية إلغاؤه من دون استفتاء، ويمكن أن يقوم بإعادة دستور 71 حتى يجري الانتهاء من وضع الدستور».
وبخلاف تصريح لنائب رئيس محكمة النقض، أحمد مكي، الذي أدلى به للموقع نفسه، «ما يحدث بالبلاد صراع إرادات بين الرئيس والمجلس العسكري. الحلّ هو الدعوة لاستفتاء شعبي ليكون الشعب هو الحكم، ليس من المهم من يطلق الدعوة للاستفتاء مع تأكيدنا أن هذا حق للرئيس ولكن اللجوء للشعب سيحل الكثير من المشاكل، ويحسم أموراً كثيرة. من يخشى الاستفتاء يدرك أن موقفه ضعيف».
مكي، هو إحدى القيادات القضائية التي انقسمت فعلياً بين مؤيد لموقف الرئيس في صراعه على صلاحياته ومعارض له. ومن بين هؤلاء أيضاً، محمود الخضيري، النائب السابق لرئيس محكمة النقض والنائب في مجلس الشعب، الذي قال لـ«الأخبار» إنه كان صاحب فكرة الاستفتاء على الإعلان الدستوري المكمل. وأوضح قائلاً: «كنت قد اقترحت أصلاً أن يلغي الرئيس مباشرة الاعلان الدستوري المكمل، لكن سرعان ما حاول هذا النمط من فقهاء القانون الذين انحازوا ضدّه، مواجهة هذا التوجه بمختلف الأساليب، فاقترحت أن يلجأ للاستفتاء. وإذا تخلّص الرئيس من الإعلان الدستوري، فسيسترد سلطاته ومنها سلطة التشريع (الى حين تشكيل مجلس شعب جديد)». بدوره، شدد عصام الإسلامبولي، المستشار القانوني لحزب «الكرامة» الناصري، الذي ينحدر منه المرشح الخاسر في رئاسة الجمهورية حمدين صباحي، على أن الرئيس لا يجوز له تعديل الإعلان الدستوري ولو باستفتاء. وقال لـ«الأخبار» إن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي أصدر هذا الإعلان، هو صاحب الحق الوحيد في تعديل الاعلان الدستوري أو الغائه». وأشار الى أن «رئيس الجمهورية أقسم يمين الولاء أمام المحكمة الدستورية وفقاً لما نص عليه الإعلان الدستوري المكمل نفسه، الذي لا يتضمن أي صفة تشريعية للرئيس».
في غضون ذلك، اصطحب الرئيس المصري، خلال عودته إلى القاهرة آتياً من أديس أبابا، حيث شارك بالقمة الأفريقية، الصحافية المصرية شيماء عادل التي أفرجت عنها السلطات السودانية بعدما احتجزتها لمدة اسبوعين. وكانت شيماء قد نقلت أول من امس على متن طائرة خاصة من الخرطوم الى أديس أبابا.