نواكشوط | تزامناً مع موجة نزوح يومية بالآلاف من شمال مالي، بسبب تردي الأوضاع الأمنية في الإقليم، ووسط تعتيم إعلامي لم تعهده موريتانيا من قبل، عُقد في العاصمة نواكشوط اجتماع قادة الأركان العسكرية لمجموعة «دول الميدان»، التي تضم موريتانيا والجزائر ومالي.
ولم تتسرب أي تفاصيل رسمية عن فحوى الاجتماع، حيث اكتفى التلفزيون الحكومي الموريتاني بعرض لقطات مقتضبة للاجتماع. لكن مصدراً موثوقاً أكد لـ«الأخبار» أن «اجتماع قادة جيوش الدول الأربع المجاورة لجمهورية مالي خصص لبحث الأوضاع الأمنية المقلقة في الأزواد بعد تحكم الجماعات الجهادية في أغلب مناطق بلاد الطوارق التي أعلنت الانفصال عن مالي في مطلع السنة الحالية».
وأضاف المصدر إن القادة العسكريين «تدارسوا السبل الكفيلة بمساعدة مالي على استعادة السيادة على كامل ترابها الوطني، والتدابير اللازمة لدعم القدرات العملياتية لقيادة الأركان المشتركة لدول الميدان، من أجل التصدي للتهديدات الأمنية المشتركة والحد من تفشي النشاطات الإرهابية والجريمة المنظمة في الفضاء المشترك لهذه الدول على امتداد الساحل الأفريقي».
وفي مقابل التعتيم الموريتاني، أكدت الجزائر، كبرى «دول الميدان»، أن اجتماع نواكشوط خصص لـ«دراسة وتحليل الوضع في المنطقة، على ضوء الأحداث المسجلة، بغية النظر في تداعياتها على البلدان الأربعة، والتصدي لها من خلال تعزيز التعاون وتنسيق جهود مكافحة الإرهاب». وكانت الجزائر قد شكلت في نيسان 2010 هيئة أركان مشتركة لدول الميدان، أسندت قيادتها إلى لواء موريتاني، بهدف محاربة الإرهاب في منطقة الساحل، ويوجد مقر هيئة الأركان هذه في مدينة تمنراست، الواقعة على بعد 2200 كلم إلى الجنوب من العاصمة الجزائرية.
وفيما ترفض الجزائر أي تدخل عسكري غربي في شمال مالي المحاذي لحدودها، فإن دول الساحل الأفريقي تواجه منذ آذار الماضي، تاريخ إعلان استقلال إقليم الأزواد، محاولات غربية لتشجيع دول منظومة غرب أفريقيا على التدخل عسكرياً في شمال مالي، وخصوصاً بعد تزايد تهديدات ثلاث مجموعات جهادية تهيمن على أغلب مناطق الأزواد، وهي «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و«حركة التوحيد والجهاد في الغرب الأفريقي» و«أنصار الدين» التي يتزعمها القائد الطوارقي السابق إياد آغ غالي.
من هذا المنظور جاء اجتماع نواكشوط لبحث سبل مواجهة الأوضاع من قبل دول المنطقة، لقطع الطريق أمام محاولات التدخل العسكري الدولي في شمال مالي.
من جهته، قال الرئيس السنغالي، ماكي صال، إن بلاده «لن تشارك في القوة العسكرية المتعددة الجنسيات التي تُبذل مساعٍ لتشكيلها من أجل طرد الجماعات الإسلامية المسلحة من شمال مالي». وبرّر ذلك بقوله إن «السنغال لديها قوات عسكرية لحفظ السلام في كوت ديفوار والكونغو والسودان وغينيا بيساو، ولا تستطيع قواتها تغطية المزيد من مناطق التوتر».
وكشف ماكي أن هناك تخطيطاً لإرسال قوة عسكرية أفريقية إلى شمال مالي خلال أسابيع قليلة، مضيفاً إن مهمتها ستكون «العمل إلى جانب الجيش المالي من أجل استعادة مناطق الشمال وطرد الجماعات المتشددة».
وكانت منظومة دول غرب أفريقيا (إيكواس) قد قرّرت منذ 3 أشهر تشكيل قوة عسكرية للتدخل في مالي لمقاتلة الانفصاليين الطوارق والجماعات الإسلامية الجهادية. لكن عقبات وخلافات كثيرة ما تزال تعترض تشكيل هذه القوة وتمويلها.